Saturday 18 June 2016

الروائي مولود بن زادي لصحيفة "أصوات الشمال" تعرضت للتهديد بعد نقد بعض القامات الأدبية في الجزائر

الكاتب مولود بن زادي لصحيفة "أصوات الشمال":

"تعرضت للتهديد بعدما نقدت بعض "القامات الأدبية" نقدا موضوعيا لا يتعرض لشخص أحد!"

رسالة تهديد يدافع فيها صاحبها عن "القامات الأدبية الجزائرية" دفاعا مستميتا، ويحذّر إن لم أكف عن مهاجمة "قامات الأدب" سيلحقني ضرر عند سفري إلى الجزائر أثناء العطلة أو حتى وأنا في بريطانيا بلد الإقامة، ويقول: "لهؤلاء الأدباء رجال يستطيعون ترقّبي في مطار الجزائر! (ستسلم نسخة منها للسلطات البريطانية وأخرى للسلطات الجزائرية للتحقيق لاني مزدوج الجنسية).

التمست من هذا المجهول - المتنكر في هوية غير هويته ويكتب بأسلوب أدبي جميل وبإثارة كما لو كان معنيا بالنقد هو شخصيا بدلا من القامات الأدبية التي يذود عنها -  من باب الفضول:
-هل لك يا سيدي الكريم أن تذكر لي منشورا واحدا مني يشير إلى نقد غير موضوعي في حق أديب من الأدباء؟لكنه لم يرد على ذلك واستمر في الدفاع عن مكانة "قامات الأدب" والتهديد إلى نهاية الحديث!
أود أن أوضح وجهة نظري في الموضوع حتى لا يلومني لائم:

الرسالة - حسب أسلوبها وإلحاح أصحابها - لا تبدو من أشخاص عاديين معجبين ب"القامات الأدبية" وإنما من أقلام أدبية متنكرة باسم أجنبي مقيم في فرنسا. ويأتي هذا التهديد بعدما انتقدت المشهد الأدبي في الجزائر على أنه محتكر من قبل فئة قليلة معروفة من الأدباء لا تعترف بنا ولا تسمح لنا بالمشاركة فيه كما لو كان ملكية خاصة مع أنه أوسع مما تتصور هذه العقول ويسعنا جميعا وإضافة أديب جديدة أو عدة مواهب جديدة لن يؤثر تأثيرا سلبيا فيه أو في أحد!

ليس لي حاليا خلافات مع " قامات الأدب" في الجزائر.. وخير دليل على ذلك أني لم أنقد أحدا الآن وأقوم بنشر مقالاتهم في موقع "الرواية لجزائرية" في الفايسبوك الذي أشرف عليه ويضم عدد كبير من أدبائنا الكرام، ليتابعهم الأعضاء.
وكل ما أفعله هو السعي للتقرب من هؤلاء الزملاء، الذين أكن لهم كل الاحترام والتقدير، والمشاركة معهم في المشهد الأدبي والثقافي. وأعتقد من حقي المطالبة بوجودي ككاتب بينهم، إذ يكفيني أن أقول إني أهديت الأوطان معجما فيه أكثر من 600 صفحة وهو الأول من نوعه في الجزائر وبلاد المغرب العربي، يفيد الدارس والمدرس والباحث ويستفيد منه هؤلاء الزملاء أيضا وننتفع منه جميعا، إضافة إلى أعمال أخرى أدبية وأكاديمية. ويمكنني طبعاً أن أقدم المزيد إن وجدت تفهما وتعاونا. وأكدت أكثر من مرة أني لا أبحث عن مناصب ولا امتيازات وإنما مجرد مشاركة دون التهجم على أحد. بحكم أني أحيا بعيداً في المجتمع البريطاني، أشعر أني أستطيع أن أتعاون معهم من بعيد. وأعتقد أني أستطيع أن أقدم إضافة بحكم تأثري بالبيئة البريطانية وما كسبته من تجارب في هذه الديار وتأثير هذا الوسط فيّ وفي تفكيري.

لقد دعوت الزملاء أكثر من مرة إلى التعاون لخدمة المشهد الأدبي وتشريف الأوطان والدفاع عن المبادئ الإنسانية التي أؤمن بها إيمانا راسخا، بعيدا عن الذاتية التي تجعل بعض الأقلام لا يحتمل وجود قلم آخر بجانبه، أو كما قال عن هؤلاء الأديب الجزائري منير راجي: "يظنون أنفسهم آلهة الإبداع"، فهم يحبون من يعبدهم ولا يحتملون من ينقدهم! أقول بعض الأقلام المعروفة وليس كلها،  وأنا سعيد كل السعادة بتعاون بعضهم معي.

صحيح أني، على سبيل المثال، نقدت بعض مقالات زملاء من أمثال أمين الزاوي، لكني لم أنظر إلى الشخص وإنما إلى الفكرة، فكل ما فعلته هو الرد على الأفكار بأسلوب مهذب والتعبير عن وجهة نظري في الموضوع مع احترامي الكامل للأديب.. وتجلى ذلك أساسا في موضوع اللغة بحكم أني متخرج من معهد ترجمة وباحث لغوي مصنف معاجم في اللغة. واختلاف الرأي لا يفسد للود قضية. ولم أنتقد توجه الزاوي أو أدباء آخرين لأن التوجهات - كما أعلنت أكثر من مرة - لا تهمني، فأنا أحترمهم جميعا وأحترم أفكارهم، ويمكنني التأقلم والعمل معهم جميعاً.

وما أكتبه من مقالات نقدية موضوعي ولا يتعرض أبدا للشخص، ومثال بسيط عن ذلك: عندما قال أمين الزاوي في يوم ما: "اللغة العربية محكوم عليها بالموت." كان ردي عليه موضوعيا مهذبا بأن قلت له في مقالات تداولتها عدة صحف جزائرية وأجنبية: "أعتقد أن اللغة العربية ستحيا..." وعرضت بعض الحجج والشواهد، دون المساس بشخصه.. فأين المشكلة في ذلك؟! وهل يعتقد هؤلاء أن ما يقولونه ويكتبونه كلاما مقدسا نزل من السماء، لا يجوز نقده، وكل ما يمكننا قوله لهم "سمعا وطاعة"! ولماذا يكتب هؤلاء إذا كانوا لا يتقبلون النقد الموضوعي؟! وإني أعتقد أنه في كل زمان ومكان سيظهر من يقول مثلا:"ستموت اللغة"،  وسيبرز في الوقت ذاته من يدافع عنها، وتلك سنة الوجود. ولن يقتل اللغة العربية ما يقوله أمين الزاوي، ولن يحييها ما أقوله أنا، لأن ما نكتبه مجرد وجهات نظر ولا يملك أي منا القدرة على قتل لغة في مقام اللغة العربية أو إحيائها! ولن يكون الزاوي آخر من يهاجم اللغة العربية، ولن أكون أن آخر من يذود عنها. ونحن على كل حال نعبر عن أفكارنا ونتبادل وجهات النظر مع إحترام الشخص الآخر. ومثل هذا النقاش أو الجدل شيء إيجابي خليق بأن ييعث شيء من الإثارة في المشهد الأدبي الراكد. ومهما كان، لن ينظر البشر أبدا إلى الأمور نظرة واحدة في أي عصر من العصور.. فالاختلاف والتنوع من طبيعة الإنسان،  ولا شيء أجمل من التنوع في هذا العالم. فلابد أن نتقبل النقد الموضوعي والرأي الآخر ولابد أن نؤمن بأن الأوطان في حاجة إلى طاقة كل أبنائها، وأنه لا أحد في الكون يملك الحقيقة.

المتتبع لمشواري الأدبي يرى أني تعرضت للإقصاء والتهميش. وإني عرضت ما يكفي من الأدلة على ذلك في مواقع التواصل الاجتماعي ومنها إقدام القائم على مجموعة "أبوليوس الرواية الجزائرية" بحذف اسمي من سجل الأدباء في موقعه بعدما ضمني إليه بنفسه في بداية الأمر وبارك أعمالي قبل نشوب خلافات شخصية بيننا. وقام بعد ذلك بحذف كل منشوراتي وأصبح ذكر اسمي في هذا الموقع ممنوعا، وقام بحذف أعضاء لأنهم دافعوا عني وعن حقي في المشاركة في المشهد الأدبي وهو من نشر في هذا الموقع في يوم ما بيانا قال فيه على مرأى من كل الأدباء والعالم: "من المهم التأكد أنه لا وجود لهذا الاسم (بن زادي) في عالم الكتابة الجزائرية..."! وعرض فصلا من روايتي الجديدة على أفراد مجموعته بغرض التهكم مقللا من قدر أسلوبي في الكتابة، ففاجأه أعضاؤه بأن شبهوا أسلوبي بأسلوب رواد الأدب العربي في القرن الماضي. ورغم أن هذه الحملة المغرضة مستمرة منذ سنوات، لم يتدخل أحد من هؤلاء رغم ما يملكونه من نفوذ لوقف هذه المهزلة ولو بالنصيحة. وعلى العكس من ذلك، فتح بعضهم منبرا أسبوعيا ينشر فيه مقالاته كما لو خلت الدنيا من الصحف والمجلات وما أكثرها، متجاهلا أن الموقع والقائم عليه متورطان في عملية التهميش في حق زملاء، وهذا دعم للتهميش ولا يخدم سمعة أحد. 

كل ما ألتمسه هو أن يقبل الزملاء الكرام في البلاد الحبيبة التعاون وأن يتقبلوا اسما آخرا بين أسمائهم. لن يؤثر على الإطلاق إضافة اسم وإنما ما يؤثر هو التفكير في تهميشي وما يعقب ذلك من تنديد بذلك من أجل البقاء وذلك حق شرعي.  وأؤكد مرة أخرى أني عملي ومرن ولا أتعرض لأحد وأود التركيز على كتابة رواياتي وأعمالي الأكاديمية مستقبلا بعيدا عن أي جدل أو عداء، ولا أفكر في التهجم على مؤلفات أحد، فأنا رجل مسالم وأستطيع التعاون مع جميع الأدباء والتعايش معهم مع كامل الاحترام. لسنا في حاجة إلى تهديد والتفكير في إلحاق الأذى بزميل مغترب أفنى سنوات من عمره في تصنيف معاجم يستفيد منها جميع الناس، ويستطيع أن يخدم قيم الإنسانية وأن يشرف الأوطان رفقة هؤلاء الزملاء. 

مولود بن زادي - روائي وكاتب جزائري مقيم في بريطانيا

No comments:

Post a Comment