Tuesday 25 December 2018

اقتباسات الحرب السلام الخصام الحوار النار

🔵سألت أحد النقاد الأكاديميين المعروف منذ سنوات بانحيازه /وحقده على الأقلام الجديدة:

-لمَ أراك دوماً تُعجب بمنشورات تسخر من زملائك الأدباء حضرة الأستاذ الجامعي؟! هل تطاوعك نفسك حقا بأن تشمت بزملاء لم يفعلوا لك شيئا!
فقال:
-أشركني (الشقي) في منشوره فأعجبت به والسلام.
فقلت له:
-كيف لك أن تعجب بشيء تجهله؟!
وهل تمضي عقدا دون أن تقرأ بنوده؟!

حاولت التحدث معه لنهيه لكنه أبى واستكبر وأثر تسجيل اسمه في التاريخ كناقد أساء إلى رسالة النقد الطاهرة والتي تتطلب الحكمة والموضوعية والتعقل وبعد النظر.. والحياد طبعا الذي خرج عنه.. وكان في غنى عن كل ذلك لو فكّر قليلا..

كتبت عن هذا "الناقد الأكاديمي" والأستاذ الجامعي مربي أجيال ومنظم ندوات أدبية في جامعة بسكرة هذه المقالة التي أدعوكم إلى قراءتها لفهم ما يدور في ذهن الرجل الإقصائي الذي يزعجه نجاح أقلام جديدة..

هذا الشخص بالذات، حاولت شخصيا التحدث معه من خلال رسائل خاصة بعيدا عن أي ضجة، ودعوته إلى الحياد وعدم دعم منشورات معادية تسخر منا. وبدلا من الاعتراف بالذنب والاعتذار، استكبر ورفض الإصغاء.. فلم أجد بدا من فضحه أمام العالم:

🔵المقال:

العنوان:          عندما يخرج الناقد عن حياده!..

النقد الأدبي هو دراسة الأعمال الأدبية وشرحها وتحليلها وموازنتها بغيرها من الأعمال.
ومن شروطه الموضوعية والحياد والعدل والإنصاف وتجنب تدخل المصالح الشخصية والميول والرغبات الذاتية والأحكام المسبقة والعامة.
ولا يتحقق ذلك مطلقا من خلال الثناء والمديح والتزكية لشخص ما لمنزلته أو أقدميته أو شهرته، أو تأثرا بالضجة الإعلامية المضللة المحيطة به، أو ربما لعلاقات خاصة تجمعنا به، على حساب شخص آخر قد يشاء القدر أن يكون في بداية مشواره الأدبي، أقل منزلة وحظا من الكاتب القديم. فالنقد الحقيقي يأتي من خلال الاجتهاد لكشف ما في الأعمال من سلبيات وإيجابيات من خلال دراستها على حدى، بموضوعية وانضباط، بغض النظر عن أصحابها، ومن غير أحكام مسبقة أو شاملة عليها.

فإلى أي حد يا ترى يكون قد وفق الناقد محمد أمين بحري في أداء هذه الرسالة؟ إنها أمانة عظيمة تقع على كاهل الناقد، قد يتوقَّف على خلاصتها مصير الأديب المبتدئ وهو يخطو خطواته الأولى في عالم الكتابة، وهو بذلك في أمس الحاجة إلى من يضيئ له الطريق و يعينه على المضي بعيداً في سبيل النجاح والرقي. فإن أحسن الناقد أداء مهمته، كان للأديب سراجا وهاجا ينير له مواطن الجمال والقبح، والقوة والضعف في أعماله، فيصلح ما بها من خلل، ويأتي بما هو أجمل وأرقى وأفضل في المستقبل. وتنفجّر طاقاته الإبداعية فتحمله عاليا في الفضاء إلى عالم التألق والمجد الذي سبقه إليه الأولون، وليس ذلك حكرا على أحد، فكل ما هو في الوجود كبير، أوله صغير.

لشدَّ ما استغربت وأنا أطالع مقالة محمد لمين بحري، وهو أحد النقاد الأكاديميين المعروفين في الساحة الأدبية الجزائرية.. مقالة دافع فيها عن الأقلام القديمة وتهجَّم على المواهب الجديدة بغير حق.
أول ما يلفت انتباهنا ونحن نقرأ هذه المقالة هو العاطفة والذاتية بدلاً من العقل والموضوعية.. مقالة تطبعها لغةٌ انفعالية تعبِّر عن مشاعر ورغبات ونزعات، تخاطب مشاعر المتلقي بدلا من عقله وتسعى للتأثير فيه. وتتجلّى مظاهر اللغة الانفعالية في عبارات وألفاظ مثل “بربكم” وعلامات التعجب والاستفهام الكثيرة والمتتالية حتى أننا نرى ثلاث علامات استفهام كاملة في نهاية سؤال واحد على غير العادة في قوله: “بربكم .. إلى أية نتيجة ستصلون أصدقائي بمثل هذه الأحكام الشمولية التي تضعون فيها روايات بن هدوقة ووطار إلى جانب الخربشات النابتة التي تطلع علينا كل يوم بحزمة خربشات وتنشرها نشراً افتراضياً ،وتسميها رواية ، وهي لم تقرأ في حياتها نصاً ؟؟؟”
فنحن الآن أمام أحكام تصطبغ بالذاتية مع أنّ النقد يتطلب الموضوعية والتحرر من الاستنتاجات القائمة على العواطف أو الاعتبارات شخصية!

الناقد في هذه المقالة يبدو منحازا كل الانحياز لأسماء أدبية قديمة تحظى بمنزلة عالية، وشهرة واسعة في الساحة الأدبية من أمثال الطاهر وطار وبن هدوقة؛ مطلقاً النار على الأقلام الأدبية الجديدة، واصفا أعمالها بالخربشة وصفاً شاملاً وبغير استثناء. فمن شأن مثل هذه المواقف أن ينشر الفرقة والتشتُّتَ وحتى العداوة بين أدباء الوطن الواحد، وأن يؤجج سعير صراع الأجيال الذي لا نرى له أثرا في المجتمعات الغربية المتقدمة التي يظلّ مقياس نجاح الأعمال الأدبية فيها مقدار رواجها، وحجم مبيعاتها، ومدى تجاوب الجماهير معها، بغض النظر عن شهرة الأدباء أو الجيل الذي ينتمي إليه هؤلاء.
ويأتي تصريح الأستاذ محمد لمين إثر إحياء ذكرى وفاة الروائي الجزائري الطاهر وطار. وكنتُ قد شاركت في ملف خاص بهذه المناسبة أعدته إحدى الصحف الجزائرية حيث عبّرت عن تحفظي فيما يخص أدب هذا الرجل. فقد شعرت أنّ ما خلّفه لنا لا يستحق كل هذه الضجة الإعلامية والدعوة في السنوات الأخيرة إلى إنشاء جائزة أدبية تحمل اسمه كما لو خلا السجل الأدبي الجزائري من أقلام كان لها وزنها وتأثيرها في الأدب الجزائري من أمثال محمد ديب وكاتب ياسين ومولود فرعون وغيرهم. فقد وجدت أسلوبه كلاسيكيا، بسيطا، تتخلله ألفاظا عامية، مجرّدا من الصور البيانية، وأدركت أن بعض أعماله لم يصور الشخصية الجزائرية تصويرا واقعيا. فقد قلت في مشاركتي: “إذا أمعنا النظر في أعمال الطاهر وطار وجدناها مجردة من الإطار الزمني الدقيق، كما أنّ المشاهد التي تصورها تبدو عامة، وبعضها للأسف لا يمت للواقع بصلة. ومثال على ذلك شخصية “اللاز”، فهي تبدو عنيفة وشريرة أبعد ما يكون عن شخصية الجزائري المعروف بخلقه ورشده ولطفه ومسؤوليته تجاه الآخرين، وبذلك شخصية اللاز الشاذة لا تمثل على الإطلاق شخصية الجزائري الأصيل ولا تعكس سلوكه في الواقع، وبذلك لن تكون لها مصداقية تاريخية..”
وها هو الناقد – وهو اسم معروف في الساحة الأدبية، يحظى فيها بمنزلة عالية، وبحضور واسع في الملتقيات الأدبية، ويكتب في أكبر الصحف العربية – يناقض نفسه وهو لا يدري بأن ينهى عن خلق ويأتي بمثله. فهو يأمرنا بتجنب الأحكام الشاملة عند التحدث عن الأعمال الروائية الجزائرية، وفي نفس الوقت يصدر هو نفسه أحكاما تعسفية شاملة معتبراً إبداعات الأجيال الجديدة كلها مجرّد خربشة!

ولا يكتفي الناقد محمد لمين بحري بإصداره أحكام شاملة في حق المبدعين المبتدئين بوصف كل أعمالهم بالرداءة والخربشة، وإنما يذهب أبعد من ذلك في أحكامه الجائرة باتهام الأقلام الجديدة بعدم القراءة في قوله: “وهي (الأقلام الجديدة) لم تقرأ في حياتها نصاً ؟؟؟” وهنا نتساءل عن أساس مثل هذا الحكم.. فهذا الحكم في جوهره لا يقل خطورة عن حكمه الأول على الأعمال الحديثة بأنها مجرّد خربشة؟! وما دليله على ذلك؟! وما أدراه أن المبدعين الجدد جهلة، لم يقرؤوا كتابا واحدا في حياتهم؟! إنه حكم جائر واتهام باطل، وتعبير سافر عن استخفاف بالأقلام المبتدئة البريئة من مثل هذه التهم.
إنّ مواقف الناقد محمد لمين بحري المعادية للأقلام المبتدئة ليست جديدة، فهي ما فتئت تتردّد في تصريحاته ومقالاته، أذكر منها على سبيل المثال نقده الكاتب التونسي شكري المبخوت الفائز بجائزة البوكر سنة 2015، في مقالة بعنوان “الرواية العربية تتحدث الطلياني” بتاريخ 07 مايو 2015 (مجلة الفكر). قال فيها:
“كيف لأول رواية في حياة كاتب أن تتبوأ الصدارة، و تختطف المركز الأول في الجائزة العالمية للرواية العربية؟؟ العربية؟؟ فضلا عن أن صاحبها ليس معروفا في عالم الرواية كبقية المشاركين!”

هذا دليل واضح على أنّ في منطق الناقد محمد أمين، لا سبيل إلى النجاح في عالم الكتابة لمن لم يكن قديما أو معروفا! فالنجاح في الكتابة والفوز بالجوائز يشترطان الشهرة والأقدمية!
ولم يكتف ناقدنا المحترم بالتشكيك في أحقية شكري المبخوت بالفوز بالجائزة العالمية، فقد ذهب في مقالته هذه أبعد من ذلك ليشكك في نزاهة لجنة تحكيم جائزة البوكر معتمدا على نفس النظرية المتمثلة في اقتصار النجاح على من كان قديما ومعروفا فحسب! فهو يعتقد أنّ شكري المبخوت فاز بالبوكر لأنه كان معروفا لدى لجنة تحكيم البوكر، إذ يقول: “حيث ترك (شكري المبخوت) اسمه محفوراً في ذهن كل مثقف وناقد عربي بمن فيهم طاقم تحكيم جائزة البوكر نفسه، بكتاباته و ترجماته ودراساته.”…

وخلاصة القول لا يجوز للناقد أن يصدر أحكاما تعسفية شاملة في حق ابداعاتنا. فالأدب تعبير عن الأفكار والرؤي والتجارب والخبرات والقناعات والتصورات والمشاعر. وهو بذلك يختلف من شخص إلى آخر، ومن بيئة إلى أخرى، شكلا ومضمونا. وقد يختلف أسلوب الأديب الواحد أكثر من مرة في مراحل حياته، فيتجلّى الاختلاف في شتى مؤلفاته. فيجب أن يُدرس كل عمل من الأعمال على حدى دون أفكار مسبقة، ووفق مناهج موضوعية واضحة، مع مراعاة انتقاء الألفاظ الدقيقة والتعابير المناسبة. ولا نشك مطلقا في أن الناقد محمد لمين يستطيع أن يستغني عن ألفاظ ساقطة مثل “خربشة” في إشارته إلى الأعمال الأدبية الحديثة، فهي من الكلمات المهينة، غير اللائقة، ولا نراها مطلقا في الدراسات النقدية الأكاديمية، وهو يمتلك ناصية اللغة العربية، وهي من أثرى لغات الدنيا. وإني أؤكد ما ذكرته من قبل في صحيفة القدس العربي اللندنية أنّ الأمم الأخرى أحقّ منا بالجوائز الأدبية. وكيف تجازى أوطان يحارب فيها القديمُ الجديدَ، والكبيرُ الصغيرَ، ويسود مشاهدَها الأدبي قانونُ الغاب، فليس البقاء فيه للأفضل والأظرف، وإنما للأقوى والأعنف!
وإن لم يراجع محمد لمين بحري نفسه، ولم يتراجع عن موقفه الواضح في تصريحه الموجه إلى الأدباء والنقاد، يكون قد أساء كل الإساءة إلى رسالة النقد النبيلة التي اختار أداءها والتي تتطلب الأمانة والحياد والعدل بعيدا عن الأحكام المسبقة الجائرة في حق جيل جديد يبحث عن الاعتراف والوجود إلى جانب الأدباء القدامى والمساهمة في إثراء المشهد الأدبي بإبداعاته التي لن تقل قدرا عن إبداعات أي جيل من الأجيال. فلكل جيل رجال وطموحات وأمال وأعمال تنقش بأحرف من ذهب في سجل التاريخ.

مولود بن زادي كاتب جزائري مقيم في بريطانيا

Saturday 15 December 2018

Vivez le présent citation du jour

Ne regrettez pas le passé,
Il est déjà parti. Déjà loin

Ne vous préoccupez pas du futur,
Il pourrait ne jamais arriver.

Vivez le présent,
Et profitez de chaque instant.

MOULOUD BENZADI

Thursday 13 December 2018

الأدب العربي أمثال وحكم الحسد ومرض السرطان

داء الحسد شبيه بداء السرطان.
كلاهما ينمو بداخل الإنسان، ويضعفه ويهلكه مع مرّ الزمان.
وليس بينهما في واقع الأمر إلاَّ اختلاف طفيف، فإن كان السرطان يقتل الإنسان بمهاجمة جسده،
فإنّ الحسد يهلكه بمهاجمة نفسه.

مولود بن زادي

⚫"حرب الرواية الجزائرية" مقتبسة من رواية "ما وراء الأفق الأزرق" الواقعية

🔵الجزء قبل الأخير!!
بقلم: مولود بن زادي كاتب جزائري مقيم في بريطانيا

⚪("حرب الرواية الجزائرية" فصل يروي صراع بطل الرواية خالد لأجل الوجود في عالم الكتابة.. إنها انتفاضة على الاحتكار والإقصاء والتهميش اعتمادا على قصة حقيقية.. بطل الرواية لا يبحث عن مناصب ولا غنائم ولا ماديات ولا امتيازات ولا جوائز وإنما مجرد الوجود في عالم الكتابة الواسع سعة الفضاء الذي يسع ملايين النجوم.. والمشاركة إلى جانب كل الزملاء في خدمة الأدب والإنسانية والحضارة)

الجزء الرابع (قبل الأخير)\

-وماذا كان رد فعل المجتمع؟.. أقصد: كيف كان رد أعضاء مجموعته وكلّ هؤلاء البشر الذين يتابعون ما يجري ويشاهدون هذه الشتائم والفوضى؟

-الحق أنّ بعضهم ذاد عنّي ولم يخذلني. فقد دافعت عني امرأة غريبة تدعى (وئام) دفاع الأبطال فأحرجته بكلامها، فراح لشدّة ذلك يحذف تعليقاتها تباعا، وفي آخر الأمر لما ضاق بها ذرعا، عجّل بحظرها، فاستراح باله منها. واقترح عليه بعض النزهاء الهدنة والصلح، وخاطبه بعضهم الآخر بأطيب الكلمات وأرقّ العبارات لعلّه يتعظ ويتقي شرور نفسه، لكنّه سدّ أذنيه عن سماع الحق وعصى واستكبر وأثر لغة السيف والخصام على لغة الحكمة والسلام.

وفي أحد الأيام، تعالى صوت أحد الأصدقاء الجدد في مجموعتي منتقدا كلّ منشوراتنا، مردّدا: "أهذه هي صفحة 'الرواية" التي كثر الحديث عنها هذه الأيام! أهذه هي المجموعة التي شدّت إليها الأنظار فجمعت أكثر من 5500 شخص، وأنا واحد من هؤلاء! وا أسفاه! لو كنت أعلم أنّها هكذا، لما التحقت بها!
فسأله أحد الأصدقاء الأوفياء يدعى (عبد الرؤوف) : "وما بها هذه الصفحة؟ ما الذي لا يعجبك فيها يا سيدي؟"
فقال الرجل الغريب: "أنا لا أرى فيها شيئاً يسرّني على الإطلاق! إنّي قصدت هذه الصفحة لأطلع فيها على أخبار الأدب وجديد الأدباء، فما وجدت فيها أدبا ولا أدباء!... وراح يتهجَّم على الصفحة حيناً وعلى صاحبها وأعضائها أحياناً بغير حق على مرأى من كلّ الأعضاء...

-لكن ما شأنه! الصفحات الأدبية لا تُعدّ ولا تُحصى، فمن لم تعجبه صفحة ما عليه إلاّ أن ينسحب منها ويلتحق بغيرها!

-هذا ما خطر ببالي في بادئ الأمر. فأبلغته أنّه ليس مرغماً على البقاء فيها إن لم تعجبه. لكنّ الرجل ظلّ غاضباً مستاءً لا يكفّ عن التذمّر. فاستحضرت ذاكرتي ألفاظا وعبارات بذيئة ألفتُ سماعها آنفاً قريباً. وسرعان ما أدركت أنّ هذا الرجل الغريب لم يقصد صفحتي في سبيل الأدب وابتغاء المعرفة والمنفعة كما كان يدعي وإنَّما سعيا لتشويه سمعتي وسمعة صفحتي. وعلمتُ أنّه في واقع الأمر ليس برجل غريب كما كنت أتصور، فأنا أعرفه وهو يعرفني حقّ المعرفة!

-ماذا؟! تعرفه؟!
-أجل ،أعرفه يا وفاء! إنّه خصمي العنيد عبد الله الشقي متنكّر!

-يا إلهي! لا أصدّق! أصحيح ما تقول؟!
-أجل، يا صديقتي! إنَّه عبد الله الشقي عينه! خصمي اللدود الذي حاربني طويلا من أرضه ها هو اليوم يتسلل إلى ترابي كما يتسلل العساكر إلى أرض الخصوم على غفلة من أهلها لا يبغون فيها غير سفك الدماء والعداء!

-يا حرام! أيصل به الأمر إلى هذا الحد! كيف يجرؤ!
-وما الغريب في ذلك! فمن يجرؤ على خداعك مرة، يجرؤ على خداعك ألف مرة! بالأمس، طردني من صفحته ورماني منها برماحه القاطعة، وها هو اليوم يرميني بوابل من النار، في عقر داري، بين أهلي وأحبابي الأبرار!

-يا حول الله! ويحه! أحذفه وأرح بالك منه، فقد أدركتَ الآن حقيقته، وكما يقول المثل العربي 'النافذة التي يتسرّب منها الريح، سدّها واسترح'!
-والله حثّني خاطري على ذلك، لكنّ ضميري صدّني عنه. فهو الآن عندنا ضيف، والضيف يُضيّف ولا يطرد.

-ماذا تقول؟! ضيف! لا، لا! أي ضيف هذا! الضيف من أتاك يحمل لك بيده وردا، لا من يحمل لك في قلبه حقدا!! 
-أفهم ما تقولين، لكنّي قلتُ في سرّي إنَّه الآن في بيتي ولعلّ هذه أفضل فرصة للتواصل معه والسعي لإقناعه بالمصالحة وإنهاء هذا الخلاف الطويل الذي لا طائل منه. فقلتُ له: "لا تستغرب يا سيدي إن قلت لك أنّي أعرف من تكون! مرحبا بك سيدي المحترم عبد الله الشقي في مجموعتي "الرواية ال******ة" فصاح: "وما أدراك أنّي هذا الرجل الذي ذكرت اسمه إن كان لي اسم مختلف؟!" فقلتُ: "وهل تخفى عنّي نبرة صوتك أو طريقة تفكيرك؟!. " وأضفت: "لقد عاشرتني فكنتُ لك مخلصا، وشاورتني فكنتُ لك نصيحا، واستعنتني فكنت لك خير معين، واجتهدتُ ما استطعتُ لخدمتك وإرضائك، فما لقيت منك في آخر الأمر لسوء حظّي غير الجفاء والعداء! فقال: "أنت الذي بدأت، فقد اختلست مني "الرواية ال******ة" ! "الرواية ال******ة" فكرتي ومن تصميمي، فهي لي وليست لك! فاللّوم عليك لا على غيرك!".

فقلتُ له: "عيبك يا صديقي هو سعيك لتملّك الرواية وتوهّمك إنّها شيء لك ولأصحابك، وهي أكبر من أن تكون ملكا لك أو لغيرك! الرواية ليست ملكية خاصة نتصرّف فيها كما تملي علينا ضمائرنا، أو بضاعة نتاجر فيها كما يحلو لنا. الرواية ملك لكل من يكتبها! الرواية لنا جميعاً! فقال: "لكني أوّل من أنشأ صفحة بهذا الاسم! هذا الاسم لي وليس لك، فكيف تجرؤ على اختلاسه مني؟!" فقلتُ: "أنظر حولك في هذا العالم الافتراضي وسترى عشرات الصفحات المماثلة التي وإن اشتركت في الاسم، فإنّ لها ما يميّزها من بعضها. فهذا "الأدب الإنجليزي" تشترك فيه عشرات الصفحات! وهذا "الأدب الفرنسي" يشترك فيه ما لا يحصى من الصفحات! ولم يقل قائل منهم هذا الاسم لصفحتي لا يشاركني فيه أحد! أبعد ما يكون عن حب التملك والاحتكار والتعصّب! عيبك أنك لا تفرق بين اسم العلم واسم الجنس، فاسم العلم يدل على معين دون قرينة مثل أسماء البلاد والعباد، أما اسم الجنس فهو الذي لا يختص بواحد دون آخر من أفراد جنسه مثل 'رجل' و 'شجرة' و 'رواية'.

ثمّ، ماذا صنعت عندما أشرفت على صفحة 'الرواية' لا تنافسها أي صفحة أخرى؟! فتحت أبواب الصفحة لثلّة من أصحابك، كنت لهم خادما وعن مصالحهم مدافعاً، لا نكاد نرى فيها غيرهم ولا تكاد تنشر فيها غير مؤلفاتهم! وأوصدتها في وجه الأقلام الجديدة وفي وجه منشوراتنا بغير حقّ! وتركت المسائل الشخصية تغشى بصيرتك، وتطمس عينك، وتحيد بك من سبيل الصواب والمنطق، فأجريت مسابقة لأفضل رواية أقصيت فيها روايتي من غير حقّ! وأي مصداقية لنتائج مسابقات جوائز أدبية تفوز بها أعمال أدبية في غياب مؤلفات أدبية أخرى موجودة ولا تحظى بالمشاركة في مسابقات الجوائز الأدبية؟!

لا تلم غير نفسك يا سيّدي! فأنت، بجشعك وطغيانك، دفعتني إلى انتزاع حقي بيدي، وأكثر من ذلك وأخطر منه بكثير، حكمت على "الرواية ال******ة"  بالانقسام والسير في اتجاهين مختلفين. فها هو شطر منها بين يديك، مكرِّس للقديم، محتكر للأدب، منغلق على نفسه، مغرور بمنزلته لا يرى في الدنيا غير ذاته، لا حياة لمن هو جديد بجواره، مستبدّ بأفكاره، كالحزب الواحد في السياسة الذي يحكم الأقطار، بالحديد والنار.

وها هو شطرها الآخر اليوم بين يدي أردته أن يكون منفتحا، متسامحا، عادلا، لا فرق فيه بين هذا وذاك إلا بالاجتهاد وجودة العمل.

لشدّ ما يحزنني الانفصال ولو أنّ الحياة قد علّمتني أنّه لا مناص لبني آدم منه في بعض الأحيان حينما يستبدّ الإخوان، ويسرفون في الظلم والعدوان.

سعيك لاحتكار الأدب وما تلاه من إقصاء وحقد وظلم أضرم سعير حرب ضروس مزقتنا، وشغلت بالنا، وأهدرت وقتنا، وبددت طاقتنا، وأزعجت أصدقاءنا، وهزت أركان الدنيا من حولنا.. معارك طاحنة ما زالت مشتعلة امتدّ لهبها إلى صفحات الأصدقاء وشتى وسائل التواصل الاجتماعي والصحف والمجلات... وحتى إن أرخت الحرب سدولها يوما فإنّ أثارها لن تزول على الإطلاق. سترسخ في سجل التاريخ وستذكرها الأجيال الآتية باسم 'حرب الرواية ال******ة'
وإن كنتَ قد أسأت بي فإنّي سأتغافل عنك وأعدل عن سبيلك هذا، سبيل السوء والغدر والكراهية. سأمضي في سبيلي، في درب مرسوم بألوان الخير والمعروف والإحسان الزاهية. ورغم ما لقيته من جفاء وسوء منك، فإنّي سأحسن إليك ولن أنتظر منك مقابلا.. أجل، سأمضي في سبيلي. لكن ليس قبل أن أهديك هدية لن يهديك مثلها أي اسم من الأسماء العظيمة التي تدافع عنها..."

الجزء الخامس والأخير من فصل حرب الرواية الجزائرية  تأتيكم في مثل هذا اليوم الأسبوع المقبل)