Monday 2 January 2017

الأدب الجزائري النقد الأكاديمي 2016

الروائي مولود بن زادي لصحيفة الديوان الجزائرية:

"النقد الأكاديمي أخفق في أداء رسالته. فهو لا يتناول إلا أعمال فئة معروفة من الأدباء على أساس المحاباة والمجاملة التي لا تخدم الأدب الجزائري ويظهر الضعف جليا في مواجهة الآخربن في مسابقات الجوائز العربية."

التصريح الكامل للكاتب مولود بن زادي صاحب معجم الزاد للمترادفات والمتجانسات العربية:

من بريطانيا الكاتب المغترب مولود بن زادي لصحيفة الديوان:

لا شك أنّ بعض الزملاء يفضِّل تصوير المشهد الثقافي في الجزائر كما لو كان خاليا من العيوب. ومع كل ما فيه من نقائص وأخطاء وهفوات، فإنّ هذة المجاملات، في تصوري، لن تخدم هذا المشهد ولن تنفعه في شيء. في تصوري، مهم جدا كشف ما فيه من مواطن الضعف ضمن نقد بناء الغرض منه البحث عن أفضل السبل لإصلاحه ودفع عربته في الاتجاه الصحيح ورفعه إلى مستوى الدول المتطورة.

يؤسفني أن أقول إنّ المشهد الثقافي في بلادنا، مثلما أشاهده من الجزر البريطانية، ما زال يتميّز ب:

. العزوف الخطير عن القراءة، وأنا هنا لا أوافق مطلقا ما ذهب إليه زملاء من أمثال أمين الزاوي من أن الجزائري يقرأ. فأنا لم أشاهد ذلك وأنا أجوب مدن الجزائر وأتجول في شوارعها وأتحدث مع أهلها. وكل التقارير العالمية يؤكّد أنّ مجتمعنا لا يقرأ. ففي حين تُشجِّع بريطانيا الأطفال على قراءة ما يناهز 50 كتابا في السنة ويقرأ الأوربي ما يعادل 35 كتابا في السنة، أتساءل عن عدد الكتب التي يقرؤها الطفل الجزائري كل سنة؟! والمواطن العربي،حسب هذه التقارير، لا يقرأ أكثر من 6 صفحات من كتاب واحد في السنة! فشتان، شتان...

. الكتب الأكثر مبيعا في المجتمع البريطاني هي عادة الأعمال الروائية والكتب العلمية بينما كل التقارير يؤكد أن الكتب الأكثر مبيعا في الصالون الدولي للكتاب في الجزائر هي كتب دينية وكتب طبخ وكتب تفسير الأحلام. واقتصار مبيعات الكتب في المعارض على هذه الأنواع يطرح أكثر من سؤال ويؤكد طابع المجتمع العازف عن القراءة وغير المهتم بالأدب.

. أزمة النشر، فمؤسسات النشر الصغيرة همها الوحيد تحقيق الربح على حساب جهود الأدباء، والمؤسسات الكبرى لا تتعامل إلا مع فئة قليلة معروفة. تصوروا أني أهديت الجزائر معجما يقع في أكثر من 600 صفحة وهو الأول من نوعه في الجزائر وبلاد المغرب العربي وهو اليوم من الكتب الأكثر مبيعا في الجزائر حيث بيع منه أكثر من 3000 نسخة مع نفاد طبعتين، ومع ذلك لا أجد أي تسهيلات لنشره من خلال هذه المؤسسات الكبرى في الجزائر لأنها ترفض التعامل معنا للأسف!
نتيجة أزمة النشر في الجزائر؟ لجوء الكتاب الجزائريين سنة 2016 تباعا إلى دور النشر المصرية واللبنانية وغيرها خارج الأوطان بعد أن رحبت بهم وبأعمالهم على عكس دور النشر الجزائرية!

. عدم اهتمام وسائل الإعلام الجزائرية بالأدب. قليلة هي الصحف التي تهتم بالأدب مثل صحيفتكم الموقرة "الديوان". والصحف الكبرى لا ترحب بأعمال الأدباء المبتدئين ولا نراها تنشر مقالاتنا ومقتطفات من أعمالنا ولا تعيننا على التقرب من الجماهير في الوطن الحبيب.
النتيجة؟ نضطر إلى النشر في صحف خارج الأوطان رغم كثرة الصحف الوطنية!

. خضوع المشهد الثقافي لاحتكار فئة قليلة سنة بعد سنة رغم نداءاتنا المتكررة إلى فتح مجال المشاركة لنا لنثري هذا المشهد ولو بالقليل إلى جانب الزملاء القدامى.. نفس الأسماء تتلقى دعوات حضور المعارض والملتقيات وكل التظاهرات الثقافية، وكان بالإمكان إشراك بعضنا في هذا المشهد الذي يسعنا جميعاً، بما يخدم الثقافة والأوطان. ولن تؤثر مشاركتنا في مركز أحد!

.إخفاق النقد الأكاديمي في أداء رسالته. فهو لا يتناول إلا أعمال فئة معروفة من الأدباء على أساس المحاباة والمجاملة التي لا تخدم الأدب الجزائري ويظهر الضعف جليا في مواجهة الآخربن في مسابقات الجوائز العربية.
النتيجة؟ تهافت النقاد على أعمال مستهلكة من الناحية النقدية، وتبقى أعمالنا محرومة من الدراسات النقدية.

-عندما تجتمع كل هذه المظاهر التي ذكرتها فإن النتيجة المنطقية هي عدم تكافؤ الفرص بين الأدباء والمثقفين من أبناء الوطن الواحد.

-المستقبل؟ بصراحة لا أتوقع أي تغيّر في هذا المشهد سنة 2017. سيستمر عزوف المواطن عن القراءة لأنه لم يجد من يدعوه إليها، فجل الروائيين منشغل بالتسابق على نشر رواية كل سنة والبحث عن الجوائز بدلا من تخصيص بعض الوقت لمحاولة معالجة مشكلة اللامقروئية.. وسيستمر تدفق المؤلفات الأدبية مع قلة الاهتمام بالقراءة واستمرار تفوّق العرض على الطلب. وسيتواصل الاحتكار المزمن وستبقى أبواب دور النشر الكبرى موصدة في وجوهنا.. وسيلجأ الأديب الجزائري مرة أخرى إلى دور النشر العربية.

ومهما كان يبقى الأمل قائما في أن يتغير الوضع يوما ما في المستقبل. فلا شيء مستحيل كما يقال. ومهما كان أبقى وفيا أوفياء لوطني الحبيب وفي خدمته من بعيد. وإن كنت اليوم غائبا عنه فإنه لم يغب يوما عن بالي.

#الأدب_الجزائري

No comments:

Post a Comment