Monday 2 January 2017

الأدب الجزائري 2016 وتوقعات 2017 أراء الأدباء والنقاد والأساتذة ومنهم الكاتب مولود بن زادي

المشهد الأدبي الجزائري 2016 /2017

صحيفة "الديوان" تسأل الأدباء والنقاد:

"كيف رأيت الـمَشهد الثّقافيّ في الجزائر عام 2016  وكيف تراه عام 2017 ؟"

®الردود اختلفت متفائل 👍 ☺️ومتشائم 👎😕 ومحايد 0😂

الردود:

التيار المتشائم - الكاتب مولود بن زادي :

"من بريطانيا الكاتب المغترب مولود بن زادي لصحيفة الديوان:

لا شك أنّ بعض الزملاء يفضِّل تصوير المشهد الثقافي في الجزائر كما لو كان خاليا من العيوب. ومع كل ما فيه من نقائص وأخطاء وهفوات، فإنّ هذة المجاملات، في تصوري، لن تخدم هذا المشهد ولن تنفعه في شيء. في تصوري، مهم جدا كشف ما فيه من مواطن الضعف ضمن نقد بناء الغرض منه البحث عن أفضل السبل لإصلاحه ودفع عربته في الاتجاه الصحيح ورفعه إلى مستوى الدول المتطورة.

يؤسفني أن أقول إنّ المشهد الثقافي في بلادنا، مثلما أشاهده من الجزر البريطانية، ما زال يتميّز ب:

. العزوف الخطير عن القراءة، وأنا هنا لا أوافق مطلقا ما ذهب إليه زملاء من أمثال أمين الزاوي من أن الجزائري يقرأ. فأنا لم أشاهد ذلك وأنا أجوب مدن الجزائر وأتجول في شوارعها وأتحدث مع أهلها. وكل التقارير العالمية يؤكّد أنّ مجتمعنا لا يقرأ. ففي حين تُشجِّع بريطانيا الأطفال على قراءة ما يناهز 50 كتابا في السنة ويقرأ الأوربي ما يعادل 35 كتابا في السنة، أتساءل عن عدد الكتب التي يقرؤها الطفل الجزائري كل سنة؟! والمواطن العربي،حسب هذه التقارير، لا يقرأ أكثر من 6 صفحات من كتاب واحد في السنة! فشتان، شتان...

. الكتب الأكثر مبيعا في المجتمع البريطاني هي عادة الأعمال الروائية والكتب العلمية بينما كل التقارير يؤكد أن الكتب الأكثر مبيعا في الصالون الدولي للكتاب في الجزائر هي كتب دينية وكتب طبخ وكتب تفسير الأحلام. واقتصار مبيعات الكتب في المعارض على هذه الأنواع يطرح أكثر من سؤال ويؤكد طابع المجتمع العازف عن القراءة وغير المهتم بالأدب.

. أزمة النشر، فمؤسسات النشر الصغيرة همها الوحيد تحقيق الربح على حساب جهود الأدباء، والمؤسسات الكبرى لا تتعامل إلا مع فئة قليلة معروفة. تصوروا أني أهديت الجزائر معجما يقع في أكثر من 600 صفحة وهو الأول من نوعه في الجزائر وبلاد المغرب العربي وهو اليوم من الكتب الأكثر مبيعا في الجزائر حيث بيع منه أكثر من 3000 نسخة مع نفاد طبعتين، ومع ذلك لا أجد أي تسهيلات لنشره من خلال هذه المؤسسات الكبرى في الجزائر لأنها ترفض التعامل معنا للأسف!
نتيجة أزمة النشر في الجزائر؟ لجوء الكتاب الجزائريين سنة 2016 تباعا إلى دور النشر المصرية واللبنانية وغيرها خارج الأوطان بعد أن رحبت بهم وبأعمالهم على عكس دور النشر الجزائرية!

. عدم اهتمام وسائل الإعلام الجزائرية بالأدب. قليلة هي الصحف التي تهتم بالأدب مثل صحيفتكم الموقرة "الديوان". والصحف الكبرى لا ترحب بأعمال الأدباء المبتدئين ولا نراها تنشر مقالاتنا ومقتطفات من أعمالنا ولا تعيننا على التقرب من الجماهير في الوطن الحبيب.
النتيجة؟ نضطر إلى النشر في صحف خارج الأوطان رغم كثرة الصحف الوطنية!

. خضوع المشهد الثقافي لاحتكار فئة قليلة سنة بعد سنة رغم نداءاتنا المتكررة إلى فتح مجال المشاركة لنا لنثري هذا المشهد ولو بالقليل إلى جانب الزملاء القدامى.. نفس الأسماء تتلقى دعوات حضور المعارض والملتقيات وكل التظاهرات الثقافية، وكان بالإمكان إشراك بعضنا في هذا المشهد الذي يسعنا جميعاً، بما يخدم الثقافة والأوطان. ولن تؤثر مشاركتنا في مركز أحد!

. إخفاق النقد الأكاديمي في أداء رسالته. فهو لا يتناول قصدا إلا أعمال فئة معروفة من الأدباء على أساس المحاباة والمجاملة التي لا تخدم الأدب الجزائري ويظهر ذلك جليا في مسابقات الجوائز العربية.
النتيجة؟ تهافت النقاد على أعمال مستهلكة من الناحية النقدية، وتبقى أعمالنا محرومة من الدراسات النقدية.

-عندما تجتمع كل هذه المظاهر التي ذكرتها فإن النتيجة المنطقية هي عدم تكافؤ الفرص بين الأدباء والمثقفين من أبناء الوطن الواحد.

-المستقبل؟ بصراحة لا أتوقع أي تغيّر في هذا المشهد سنة 2017. سيستمر عزوف المواطن عن القراءة لأنه لم يجد من يدعوه إليها، فجل الروائيين منشغل بالتسابق على نشر رواية كل سنة والبحث عن الجوائز بدلا من تخصيص بعض الوقت لمحاولة معالجة مشكلة اللامقروئية.. وسيستمر تدفق المؤلفات الأدبية مع قلة الاهتمام بالقراءة واستمرار تفوّق العرض على الطلب. وسيتواصل الاحتكار المزمن وستبقى أبواب دور النشر الكبرى موصدة في وجوهنا.. وسيلجأ الأديب الجزائري مرة أخرى إلى دور النشر العربية.

ومهما كان يبقى الأمل قائما في أن يتغير الوضع يوما ما في المستقبل. فلا شيء مستحيل كما يقال. ومهما كان أبقى وفيا أوفياء لوطني الحبيب وفي خدمته من بعيد. وإن كنت اليوم غائبا عنه فإنه لم يغب يوما عن بالي."

تَقرأون حوار الكاتب الصّحفيّ جمال بوزيان مع الأستاذ الجامعيّ الدّكتور موسى معيرش  عبْر صحيفة الدّيوان؛ العدد 434؛ الصّادر يوم الاثنين 4 ربيع الثّاني 1438 هـ الموافق 2 يناير 2017 م؛ الصّفحة رقم 15. الجزء الأوّل.
وتَقرأون صفحة "مَراصد الدّيوان".
كيف رأيت الـمَشهد الثّقافيّ في الجزائر عام 2016 م؛ وكيف تراه عام 2017 م؟ الصّفحة رقم 4 و5. السّلسلة الثّانية منَ الآراء.
وتَقرأون أيضًا مقالة "مَحطّات تاريخيّة" بقلم جمال بوزيان في عمود الفانوس؛ ص 24.

الأستاذ الجامعي الدكتور موسى معيرش في حوار لـ "الديوان"

للإسلام رؤية تتوافق مع طبيعة الإنسان؛ وهو دين عالمي ينتشر بنا أو دوننا

تأثّرتُ في فترة ما بمالك بن نبي، وتَجاوزتُ ذاك؛ لي فِكري الخاصّ
رحلتي مع الفلسفة منذ المرحلة الثانوية، حيث اكتشفتُها واكتشفتني
نقد النص القرآني تقليد لن ينفع أصحابه؛ وقد عدلوا عنه آخر حياتهم
الغرب يصنع العدو عند ما لا يكون له عدو، حياته في معاداة الآخر، والسلام معناه موته
حركات إسلامية صنعها الاستدمار لخدمته، وبعضها يسعى إلى النهوض بالأمة، وليست هي البادئة بالحرب، وحركات تحارب الغرب حاليا  صنعها أمس واستعان بها
وجوب فهم الفكر الغربيّ لتَجنُّب مَخاطِره والاستفادة من حركيّته بتفكير سليم

حاوره/الكاتب الصحفي جمال بوزيان

   ضيف اليوم زميلٌ سابقٌ في ثانويّة المقرّيّ بالمسيلة؛ كان كثير الاستفسارات مع أستاذ الفلسفة "غير المتخصّص" المتأثّر آنذاك بالوجوديّ الفرنسيّ جان بول سارتر؛ كان زميلنا يُثير نقاشات عديدة من أجل الفهم السّليم في قضايا فلسفيّة تَشغل فِكره النّشط؛ يَطرح السّؤال تِلو السّؤال؛ كأنّه يَبحث عن حَلٍّ للغز ما؛ أو هكذا يَرى هو المعرفة؛ وهي سِلاح مَن لا سلاح له؛ مُذ ذاك وَضع الفلسفة نُصْب عينيْه؛ وأَطلق العِنان لعقله دُون حدود؛ أو هكذا كان يَحلم –كما يبدو لي-:"أنا تلميذ؛ لكنّي أَسأل وأَظلّ أَسأل بطريقتي؛ وسأُصبح يومًا مُفكِّرًا أو فيلسوفًا مِثل الفلاسفة؛ لِمَ لا؟"... ومرّتِ السِّنون؛ وها هو الحالِم يصير مُفكِّرًا حقيقة؛ يَتعاطى الفلسفة بنهم؛ يَعشق دراسات مُقارَنات الأديان؛ شهيّة القراءة لديه مفتوحة جدًّا؛ إنسان قَروء؛ يُسافر خارج الجزائر لاقتناء كُتب الفكر والفلسفة؛ إضافة للّسان العربيّ؛ يَقرأ باللّسان الفرنسيّ والإنكليزيّ ويَكتُب بهما ويُترجِم ترجمة يَحتاجها لأبحاثه؛ وقته الآن مُوزَّع بين بحثٍ وتفكير وتأليف كُتب وتَدريس طلبته في الجامعة... يَرى أنّ الإنسان العاقل لا يُمْكنه إلّا أنْ يكون مُفكِّرًا... يَرى الرّبيع العربيّ غير ناضج اجتماعيًّا؛ في حين يَرى أنّ انفجارًا قادمًا يُعيد للأُمّة حرّيّتها ومنـزلتها... اليوم يُجيب عن أسئلتي بأجوبة تَحتاج كُلّ مرّة أسئلة جديدة؛ وهذه خاصّيّة من خصائص الفلسفة –كما تَعرفون-... إنّه الأستاذ الجامعيّ الدّكتور موسى معيرش؛ إليكم حواري معه الّذي قَسّمتُه إلى جزئيْن لأهمّيّةٍ فرضتْها الـمَحاوِر لا الـمُحاوِر ولا الـمُحاوَر. 

س1- الدّكتور موسى معيرش؛ مَرحبًا بكَ عبْر صحيفة "الدّيوان"؟
  ج- مَرحبًا بكُم أستاذ جمال، وبقرّاء "الدّيوان" الأعزّاء، سعيد جدًّا بهذه الاستضافة والالتفاتة الطّيّبة.
س2- مَن هو موسى معيرش؟
ج- من مواليد 5مايو 1966م؛ ببلديّة تاقلعيت الـمُجاهِدة، الّتي كانت تُعَدُّ قلعة حقيقيّة عبْر الأزمان للأحرار، تابعة حاليًا لولاية برج بوعريريج، حائز على شهادة دكتوراه الدّولة في الفلسفة بدرجة مشرف جدًّا من جامعة منتوري بقسنطينة، أَحمل رتبة أستاذ التّعليم العالي منذ سنة 2009م، صدرتْ لي مجموعة منَ الـمُؤلَّفات بلغتْ تسعة كُتب فرديّة، وما يزيد عن هذا العدد كُتب جماعيّة، عِلاوة على أكثر من عشرين مقالة في مجلّات عِلميّة مُحكِّمة داخل الجزائر وخارجها.
   كما نشرتُ عشرات المقالات في الصّحف الجزائريّة منذ سنة 1988م إلى يومنا. وأشرفتُ على عشرات رسائل اللّيسانس والماستر، والماجستير والدّكتوراه، كوّنتُ شعبة الفلسفة بمختلف مراحلها في خنشلة، رئيس مشروع دكتوراه فلسفة الأديان، رئيس سابق لميدان التّكوين، رئيس سابق لمجلس علميّ، حاليًا متفرِّغ للكتابة والتّأليف والتّدريس.
   عملتُ أستاذًا زائرًا بعدّة جامعات منها الأمير عبد القادر بقسنطينة، والحاج لخضر بباتنة، ومصطفى إسطمبولي بمعسكر. كما عملتُ أستاذًا بجامعتيْ عبّاس لغرور بخنشلة ومنتوري بقسنطينة.
س3- كيف بدأتَ رحلتكَ مع الفلسفة؛ هلِ اخترتَ الفلسفة أَمِ اختارتكَ؟
ج- تَعُود رحلتي مع الفلسفة إلى سنوات طويلة، وبالضّبط إلى المرحلة الثّانوية، حيث اكتشفتُها، واكتشفتنى، وبَعد أنْ حصلتُ على البكالوريا، التحقتُ بقسم الفلسفة بجامعة منتوري بقسنطينة، حيث تَحصّلتُ على شهادات اللّيسانس سنة 1990م والماجستير سنة 1995م، والدّكتوراه سنة 2003م؛ وبدلًا منَ الانخراط في التّدريس والحياة اليوميّة اندمجتُ في البحث العلميّ، وارتبطتُ بمكتبة الشّيوخ بجامعة الأمير عبد القادر.
س4- بـمَن تأثّرتَ مِنَ الفلاسفة أمْ لكَ رؤية خاصّة؛ وهل تَستظلّ بمظلّة فكريّة في أبحاثكَ؟
ج- دُون شكّ يَتأثّر الفيلسوف أوِ الـمُفكِّر بمفكِّرين وفلاسفة سبقوه، ولكنّه سُرعان ما يَتحرّر من سُلطة سابقيه، وهذه ظاهرة عامّة لا يَكاد يَشذّ عنها أَحد فقدْ تأثّر أفلاطون بسقراط، وتَحرّر من أفكاره، وتَأثّر أرسطو بأفلاطون وتَحرّر منها أيضًا.
   أَمّا أنا فقدْ تأثّرتُ في مرحلة ما من حياتي بمالك بن نبيّ، غير أنّني تَجاوزتُ هذا التّأثير بسرعة، وأَشعر أنّ لي رؤيتي الخاصّة الّتي تَنطلق من قناعتي.
س5- هل يوجد فرْق بين الفكر والفلسفة؛ وهل عمليّة التّفكير مقتصرة على نخبة معيّنة؟
ج- في الحقيقة إنّ الحديث عنِ الاختلاف بين الفكر والفلسفة هو حديث يَكثر طرحه في الأوساط المتخصّصة، وهو ناتج عنِ اختلاف وجهات النّظر، وحوْل مفهوم كُلّ منهما، غير أنّني أَعُدُّ الفكر موضوعًا من موضوعات الفلسفة فهو جزء منها.
نستطيع القول؛ إنّ ما يُميّز الإنسان عنِ الحيوان هو التّفكير، مع الأسف بعض النّاس يريدون أنْ يكونوا منَ البشر فيَستغنون عن ما يُميّزهم، ولهذا فالإنسان العاقل لا يُمكنه إلّا أنْ يكون مُفكِّرًا.
س6- ما الفرْق بين التّفكير ضِمن التّعبير القرآنيّ "النَّصّ" وخارجه؛ وهلِ الحضارة الغربيّة تَخاف الإسلام كدِين أَمْ تَخاف الحركات الإسلاميّة؟ ألا يَحدُث تَعايش؟ أليس بمقدور الفلسفة أن تَصنع السّلام في العالَم؟
ج – بعض الأسئلة الّتي تُطرَح من حين إلى أخر، خاصّة المتعلّق منها بالإسلام والقرآن؛ لا تزيد عن كونها ترجمة لأسئلة طُرحِتْ منذ قرون عنِ التّوراة والإنجيل، وإعادة استنساخها لا تَجعل مستنسخيها مُفكِّرين وفلاسفة، وإنْ جعلهم الإعلام ومَن خلفه مُفكِّرين وفلاسفة.
ذلك أنّ الإسلام بكتابه الكريم، دِين جاء ليقدِّم للإنسانية رؤية تَتوافق مع الطّبيعة البشريّة، ومحاولة البعض نقد النّصّ القرآنيّ تقليد لن تَنفع أصحابها، بلْ أنّ الكثير مِمّن فعَل ذلك عدل عن رأيه في نهاية حياته؛ والأمثلة على ذلك كثير ة مِثل زكيّ نجيب محمود، وعبد الرّحمان بدويّ وغيرهما.
   غير أنّه في الوقت نفسه لا ُيمكننا أنْ نَضع رؤوسنا في الرّمل؛ ولا نَنتبه لِـمَا يَدور حولنا، علينا أنْ نَفهم الغرب؛ وأنْ نَفهم كيف نُفكِّر؟، وإذا كان هدف العِلم هو الفهم في المرحلة الأولى وصولًا إلى التّحكُّم، فإنّ غايتنا في الوقت الحالي يَجب أنْ لا تَقتصر على فهم عقليّة الإنسان الغربيّ؛ وبالتّالي الفكر الّذي يُوجِّهه، وإنّما إلى تَجنُّب مَخاطِره والاستفادة من حركيّته.
  أَمّا فيما يتعلّق بموقف الحضارة الغربيّة منَ الإسلام، فهو موقف لا يَقتصر على هذا الأخير، وإنّما هو موقفها مِـمَّن  يَختلف عنها، ففي وقت كانت الحضارة الغربيّة في صراع مع البوذيّة؛ ثُـمّ  الشّيوعية؛ والآن هي في صراع مع الإسلام، فالغرب يَصنعِ العدوّ عند ما لا يكون له عدوّ، فحياته في معاداة الآخر، والسّلام معناه موته.
   بشأن الحركات الإسلاميّة، بعضها صنعها الاستدمار وهي في خدمته، والبعض الآخر يَسعى إلى التّميّز والاختلاف والنّهوض بالأُمّة، وليس هو البادئ بالحرب، أَمّا الحركات الّتي تُحارِب الغرب حاليًا فهي تلك الّتي صَنعها أمسٍ واستعان بها.
   الفلسفة لَم تَصنع سلامًا في الماضي؛ ولن تَصنعه في المستقبل، ومَن يَعتقد ذلك فهو حالِم.
يتبع ...

*************************************


مراصد الديوان
صفحة من إعداد الكاتب الصحفي جمال بوزيان

نَعرِض على قرّاء صحيفة الدّيوان صفحة "مَراصد الدّيوان"؛ فيها آراء أهل الفكر والتّاريخ والإعلام والصّحافة والأدب والتّرجمة والثّقافة والفنّ بشأن قضايا السّاعة وغيرها منَ شؤون المجتمع الجزائريّ والعربيّ والإسلاميّ والعالميّ بهدف تنمية شاملة. 
   بحيث نُرسل إلى المَعنيّ سؤالًا يُجيب عنه في بضعة أَسطر؛ ويُرسِل صورة شمسيّة صغيرة له مع الجواب إلى حساب جمال بوزيان في موقع التّواصل الاجتماعيّ "فيس بوك" أو إلى عنوان البريد الإلكترونيّ الآتيdjamel.lemajd@gmail.com  –في أجل يوميْن- ويَمنح "صحيفة الدّيوان"  حرّيّة اختيار أيّ صورة مِن صوره المتوفّرة في الإنترنت لنشرها رفقة رأيه.
   نَسعى -من خلال مَراصد الدّيوان- إلى معرفة ما يَختلج في نفوس الأساتذة والـمُفكّرين والمؤرّخين والباحثين والإعلاميّين والصّحفيّين والأدباء والشّعراء والكُتّاب والنّقّاد والـمُترجمين والنّاشرين والفنّانين والـمُنتِجين والـمُخرِجين والمصوّرين والتّقنيّين وغيرهم؛ وجَمعِ آرائهم وعَرضِها على قرّاء "صحيفة الدّيوان" بذاك قدْ نُؤسّس جسور تَواصل بين الجميع دون استثناء من أجل رفع مستوى الوعي العامّ؛ والتّشجيع غير المشروط لدعم أيّ مُنتَج معرفيّ تَحتاجه الأُمّة رافدًا من روافد نهضتها إنِ اليوم أو غدًا؛ وإكمال العمران الثّقافيّ القويم للبِناء الحضاريّ السّليم فنخدُم الـمُجتمَعات والشّعوب والأُمم في آنٍ أو قدْ نُشارِك في تنشيطها أو تنويرها بما نَقدِر.
   قبْل أيّام طرحنا السّؤال الآتي:

كيف رأيت المشهد الثقافي في الجزائر عام 2016 م وكيف تراه عام 2017 م؟

      لقدْ أََرسلتُ عشرات الدّعوات إلى أساتذة ومُفكّرين ومؤرّخين وباحثين وإعلاميّين وصحفيّين وأدباء وشعراء وكُتّاب ونُقّاد ومُترجمين وناشرين وفنّانين ومُنتِجِين ومُخرِجين ومصوّرين وتقنيّين وغيرهم.
      بِمحبّة واحترام؛ تَشكُر إدارة "صحيفة الدّيوان" كُلّ الّذين أَرسلوا آراءهم؛ وفرصة أخرى في موضوعات قادمة لـمَن فاته الأجل... يُشرّف "صحيفة الدّيوان" اليوميّة نشر الآراء الواردة حسب تاريخ ووقت الإرسال.

12- الدّكتور عبد الرّزّاق بلغروز "أستاذ جامعي"

الثقافة هي رحيق المجتمع وعُنوان التَّاريخ، والصُّورة المتجلّية للذّات في مستوياتها العميقة، لذا فإن قيمة المجتمع من قيمة مستوى الوعي الثقافي والإنتاج المعرفي النَّابع منه، وتُعدُّ الجزائر حاليا، في طليعة من يجتهد من أجل تفعيل الثقافة وبث روح المعرفة ونشرها على مستوى أبعد، بخاصة على مستوى الفضاء العام، الذي أضحى يُشَكّلُ بنية خاصة من الاهتمامات والمشارب، فضاء يتكوَّن من الجمعيات الثقافية ودور النَّشر الجديدة، وفئات من الشَّباب التي تلتهب من أجل القراءة ونشر المعرفة، لمن امتلك القدرة على الكتابة، وشكَّل رصيدا فكريا متينا، إنَّ المشهد الثقافي الجزائري تمظهر في الفضاء العام، واستطاع أن يحقق قفزة نوعية شكَّلت تراكما فكريا وفنيا وإبداعيا، يحتاج إلى مجاهدة فكرية فوقها، كي يُحَصّلَ القدرة على إبداع المفاهيم، وإبداع الأفكار، وإبداع الفنون، بمعنى أن المشهد الثقافي في الألفية القادمة، يجب أن يكون عنوانه الفني هو الإبداع، وليس التّكرار والإتباع.
وتحقيق هذا المبتغى، متوقف حصوله على ضرورة الوفاء بشرائط تُعَدُّ بمثابة شروط إمكان نجاح الفعل الثقافي مستقبلا، أو ما يمكن أن نسميه "أوامر لسياسة ثقافية مستقبلية":
 مواكبة الأسئلة الفكرية الراهنة: وهذا الأمر هدفه الاستفادة من الإنتاجات العلمية الرّاهنة، التي تتواجد في الفضاء العلمي المعاصر، وتطوير منهج في كيفية الاستفادة منها، بمعنى أن المواكبة لا تعني الانصهار في الثقافة الكونية، وإنّما الوصل بين الخصوصي الثقافي (الفكري، والفَني، والاجتماعي)، وبين الكوني المتداول .
 استثمار الثقافة الجزائرية من أجل الإسهام في الإبداع: إن استثمار ثقافتنا الفكرية والفنية والتاريخية وأعلامنا في الفكر والعلوم، لخليق بأن يكون حافزا قويا، لأجل إنجاز الإبداعية الثقافية النّوعية، فالجزائر تمتلك مخزونا ثقافيا، وإرثا حضاريا، علينا يقع واجب إخراجه والترويج له. وهذا كله يخدم العودة إلى الأصول بدلا من تلاشي الهويات.
 خلق التَّضامن الثَّقافي بدلا من التشرذم: التضامن الثقافي يُعَدُّ هو النَّسغ الذي تتحرّك بموجبه الكُتَلُ الثقافية، التي تشتغل في فضاء التنوع والاختلاف، وهذا كله درء لشبهة انحصار الثقافة في فئة دون أخرى، إن التَّضامن الثقافي هو روح التجدُّد وأداة النُّهوض ومحور الحركة التاريخية. والتَّضامن يكون بين مؤسسات الفضاء العام أولا، ومؤسسات الدولة الرسمية أيضا، فهي تحتاج إلى أن تتزود بالمبدعين من الفضاء العام، لأنها الهيكلية الحاضنة للجهود الثقافية والأداة التي تؤسس للفعل الثقافي التَّضامني. فضلا عن أنّها دعامة مؤسساتية داعمة للفعل الثقافي وراغبة في الارتقاء به .
 الاحتفاء الواسع بالفعاليات الثقافية: يشكل معرض الكتاب في الجزائر، في طباعاته المتعددة، النموذج القياسي في الإقبال على الكتاب، وفي لقاء الجزائريين بالمعرفة، ورغم تواجد النصوص في شبكات الإنترنيت، إلاّ أن معرض الكتاب الجزائري يشكل فعالية ثقافية نوعية، حقيقُ علينا الاحتفاء بها، وتوجيه قلوب الناس نحوها، وأن يتم جعلها لحظة فارقة في الثقافة الجزائرية، وغيرها من الفعاليات الثقافية الحاملة لهم الثقافة، والمفعّلة لقيمة السياحة في الجزائر.

13- أسماء جزّار "كاتبة"

  ثقافيا؛ كانت سنة الثراء والاستثناء بالصالون الدولي للكتاب في طبعته الواحد والعشرين؛ الذي سجل عودة قوية للشِّعر مع أسماء نسويّة لامعة أثبتت جدارتها كشامة درويش الّتي سجلت أعلي المبيعات؛ سليمة مليزي؛ وآمال رقايق.. وأقلام روائية شابة صنعت الجديد والاستثناء كسعيد خطيبي؛ وبومدين بلبكير؛ وسفيان مخناش؛ ومحمد بن زخروفة غير أن المعضلة تبقي في ما بعد النشر وانقضاء الصالون الدولي يجد الكاتب نفسه رهين جمود التوزيع لغياب احترافية دور النشر مما اضطر بعض الكتاب إلى القيام بتسويق كتبهم بأنفسهم عن طريق البريد أو البيع بالتوقيع وهي الخطوة التي أقدم عليها بعض الكُتاب كالشاعر علي مغازي والصحفي مصطفي زياتين.

14- عبد الكريم ينينة "كاتب"

حينما نتكلم عن المشهد الثقافي؛ يجب أن نضع في ذهننا فاعليْن اثنين، الأول هو المؤسسة الثقافية الرسمية والثاني يتمثل في هيئات المجتمع المدني المتخصصة في الجانب الثقافي بما تتوفر عليه من عنصر بشري هو جوهر العملية ككل، وهما في حقيقة الأمر شريكان متكاملان أساسيان في صناعة المشهد الثقافي، الذي بلغ أقصى حيويته في الخمسة عشر سنة الماضية بعد خموله في بداية تسعينيات القرن الماضي بسبب الأزمة الأمنية، وها هو يعود إلى خموله في 2016.
من هنا نلحظ أن مشهدنا الثقافي هو غير أصيل، بمعنى أنه مشهد تحركه الأموال من جهة ومن جهة أخرى يخضع للحالة التي يكون عليها البلد (الأزمات الأمنية أو الاقتصادية كمثال)، والمهتمين بالشأن الثقافي العربي يعلمون كيف أن بلدا صغيرا كـ "لبنان" حافظ على وتيرة مشهده الثقافي إبان الحرب الأهلية، وأن كثيرا من البُلدان الفقيرة حافظت على مشهدها الثقافي كرأس مال حقيقي للبلد.
وبما أن مشهدنا الثقافي لسنة 2016 كان كئيبا وبائسا بسبب انخفاض أسعار البترول، بعد ما انتعش سابقا بسبب ارتفاع أسعاره، فإنني أجد نفسي عاجزا عن استشراف حالة المشهد في سنة 2017 لأنني غير مختص في سياسة المحروقات.

15- الجموعي بلمصطفى "شاعر"

المشهد الثقافي في 2016 مقبول في العموم، فقد شهد عاصمة الثقافة العربية، مهرجان الفيلم العربي، معرض الكتاب الدولي، تدشين الأبرا، مهرجانات محلية عديدة تهتم بالتراث مثل الشعر الشعبي والأغنية البدوية، تألق جزائريين في مسابقات ثقافية دولية...الخ؛ وهناك كذلك من الجانب الآخر رحيل وجوه ثقافية لها وزن مثل الزاهي والفرقاني ...الخ.
نأمل في 2017 الاستقرار للبلاد؛ والخير للعباد؛ ويكون عام توجه فيه ميزانية لنشر الكتاب عامة.

16- محمّد حرّاث "شاعر"

أتمنى أن يحترم المثقف في الجزائر، وأن تثق الطبقة الحاكمة في باحثيها وأساتذتها ومثقفيها وأطبائها. كيف ننتظر التطور والتنمية والأستاذ والطبيب يضربان حين يطالبان بحقوقهما، وكيف يعقل أن نحارب من يخترع بجهده المقل دواء أثبت فعاليته على الساحة المجتمعية ونسمح لوسائل الإعلام بإهانته؟! كيف ننتظر من نخبتنا المثقفة أن تقودنا للتنمية ونحن نرى النافذين في هذا الوطن لا يثقون في أطبائنا؟! ويتوجهون إلى فرنسا من أجل أبسط علاج!
إن التنمية لا تكون إلا باحترام الطبقة المثقفة، والعمل على خدمتها، وتوفير الجو المناسب لها، من أجل خدمة البلاد والعباد.
ونحتاج كذلك إلى التخلص من عقدة النقص والتبعية لغيرنا، والتحلي بالعزيمة، والثقة بالنفس.
فلا توجد أمة خلقت لتكون قائدة وأمة تابعة. وإنما كل أمة مؤهلة لذلك.
والأمة التي لا تصنع المستقبل لنفسها، تتخبط في الماضي، والأمة التي لا تصنع الحياة، يصنع لها الموت.
ففي ظل هذا الصراع الحضاري الذي تشهده الأمم، لا مجال لنا للتفكير والتقاعس والتباطؤ. فإما أن نكون أو لا نكون.

17- فضيلة معيرش "كاتبة"

عام 2016 م بالنسبة لي كان مميزا؛ أصدرت فيه كتابين؛ كتاب في النقد الأدبي بعنوان" بصمات دراسات فكرية ونقدية " عن دار ابن الشاطئ للنشر والتوزيع بالتعاون مع فرع الجاحظية بعنابة... وفي المتن القصصي أصدرت مجموعة قصصية موسومة "صور شاردة" عن دار النشر نفسها؛ وما حفزني أكثر ما كتبه النقاد و الكتاب عن الكتابين مثل الطيب طهوري، ومحمد بوكرش؛ وجمال بن عمار،و جمال صمادي؛ وصلاح الحلوجي؛ ونبيل علقم... وغيرهم؛ وأيضا كان هذا العام زاخرا بالإنجازات لقاء القراء الكرام في نادي "زبيدة بشير" بوادي سوف؛ وفي باتنة بمكتبة الإحسان؛ وفي المعرض الدولي للكتاب بالجزائر العاصمة... وفي هذه الأيام ستصدر لي مع حلول العام الجديد 2017 مجموعة قصصية جديدة تحت عنوان"رياح الغواية" عن الجاحظية للنشر والتوزيع لذلك أتمناها فال خير.

18- سعد نجّاع "قاصّ"

كانت الرُؤى صراحة للمشهد الثقافي في عام 2016 مناسباتية أكثر من أنها تمثل مشهدا ثقافيا؛ ولا نقول أن المشاهد الثقافية منعدمة فهناك نشاطات كثيرة محلية ودولية؛ إلا أن النشاطات الظاهرة والبارزة للعلن هي تلك التي تكون ممولة تمويلا مباشرا من وزارة الثقافة؛ بينما المشاهد المحلية للثقافة فأرى بأن مواقع التواصل الاجتماعي قد أخذت حصة الأسد في الترويج للثقافة بكل فروعها الفنية والأدبية والشعرية بعد ما منحت للكثير من الأقلام فضاء ملائما للكتابة؛ وفي الوقت نفسه فضاء تقييميا للكاتب أو الشاعر أو الفنان؛ ولا يمكن أن نتخلى عن دور بعض الإعلاميين الطموحين لنشر ثقافة الكتابة والشعر والفن والقائمين دائما على إجراء الحوارات وتركيبها تركيبة فنية رائعة... أما بالنسبة لما نراه مستقبلا؛ فأنا أنظر لهذا المشهد بنظرة استشرافية على أمل أن تخصص الدولة ميزانية كافية للنهوض بالثقافة؛ ونشر الوعي؛ والرقي بين الناس، وعليها تشجيع الإبداع والمبدعين …كل الشكر لصحيفة الديوان لأني أراها رائدة في هذا المجال.

19- المبروك قارة "كاتب"

المشهد الثقافي في الجزائر 2016 م يعتبر مشهد ركود؛ المتتبع للمشهد الثقافي في الجزائر2016م يلاحظ غياب التنسيق بين الجهات الفاعلة في السلطة والمبدعين في شتى ميادين النشاطات الثقافية المتنوعة التي تقوم بها هاته النخبة المثقفة بمبادرتها ومجهوداتها وبإمكاناتها الخاصة في شتى الميادين، في الكتابة والتأليف والنشر على نطاق واسع ليستفاد منه الجميع. إن سياسة الغموض وعدم الاكتراث والتهميش الذي طال النخبة الثقافية من الجهات الوصية قد شل –إلى حد كبير- من النشاطات؛ مما جعلها تعيش في قلق وتوتر جراء هذا التهميش؛ وقد أصبح صوت المثقف المبدع لا يُسمع له؛ وتُسد كل الأبواب التي طرقها لطلب حقه من جهة؛ ومن جهة ثانية عدم التفاعل معه باعتباره قوة أساسية حضارية في المجتمع ليتسنى له النهوض بنموها والمضي بها إلى الأمام؛ وبالتالي القضاء على الركود والتخلف الحضاري الذي تشهده الساحة الاجتماعية بالجزائر؛ لدرجة أن المثقف أصبح يدق باب الوزير مباشرة ودون أن يلقى صدى لآن الجهة المباشرة الفاعله لا تريده أن ينهض؛ وفي نظرهم نهوضه سوف يزعزع كرسي العرش الذي يتمتعون ويتفننون ويعيثون بواسطته فسادا كبيرا؛ وفي نظرهم أيضا نجاح الإبداع يعني قتل هدفهم وتصورهم الجاهلي. لذلك نطمع ونتطلع من المشهد الثقافي 2017م على أن يكون مشهدا يخدم طموحات وآمال المبدعين بالعلم في جميع المجالات والاستماع لانشغالات هؤلاء بكل احترام وموضوعية لترقية الثقافة؛ ولا يتم ذلك إلا باحترام وتوقير هؤلاء العلماء باعتبارهم نخبة طلائعية لتطور وازدهار البلاد بالفكر لا بالأهواء؛ ومن ثم يمكن إخراجها من ظلمات الجهل والتخلف إلى مصاف الدول المتقدمة بالعلم والابتكار.

20- عمر بلاجي "شاعر"

إن المتتبع للمشهد الثقافي الجزائري على مدار سنة 2016 يستوقفه حدث مهمّ و بارز في بهارجه وتمخضاته ، خافت  وشحيح في مردوده وتطلعاته.. عاصمة الثقافة العربية وما ترتب عليها من مخاذل وتلاعبات لا تخدم الثقافة في شيء، ولا نجد لها موضعا في حياتنا الثقافية سوى ما أُتيح لبعض الذين يُحسبون على الثقافة من باب المجاز.
ومن الإنصاف ألا نغفل أيضا عن بعض الإسهامات والمشاركات التي أضفت شيئا من الحيوية للحياة الثقافية.. شأن تلك الجمعيات وبعض المؤسسات التي تسعى بوسائل محدودة وإمكانات يسيرة لتفعيل المشهد الثقافي ودفع العجلة صوب المستقبل المنشود... تبلورت في مبادرات فردية أو تشاركية كالملتقيات والندوات وعلى غرار المَعارِض والمسابقات.
أما تطلعاتنا وآمالنا من سنة 2017 في مجال الثقافة والإبداع فإننا نِؤكدها في ثلاثة محاور طالما نبّهنا إليها كل من له صلة من المسؤولين والمثقفين.. وهي رؤوس مثلث التفعيل، الإرادة والتخطيط و التنفيذ، قد يضيق المقام للإسهاب في شرحها لكن نشير فقط أن الإرادة والتخطيط من شأن الجهات الوصية دون غيرها أما التنفيذ فللمثقفين كبير المساحة فيه.
وأنا بصفتي رئيس جمعية ثقافية؛ ومن شعراء هذا الوطن المبارك؛ لا يسعني إلا أن استبشر خيرا لمستقبلها ما دام رجال الفكر والأدب والفن يتواصلون في هذا الشأن و يتباحثون العلل والنتائج، وما بقي القيّمون على هذا القطاع يتقبلون النصح والتوجيه... أحييكم جميعا.

21- بوعلام غريبي "قاصّ"

حسب رأيي المتواضع؛ المشهد الثقافي في الجزائر عام 2016 لم يكن بالمستوى المطلوب؛ والمرغوب فيه لم يرتقِ إلى تطلعات الشباب الطموح إلى الرقي والازدهار والتحدي، لم يصل إلى مستوى التغيّر المنشود من الأسوأ إلى الحسن؛ ومن الحسن إلى الأحسن، مع ذلك لا ننكر وجود محاولات نهوض رغم قلّتها وقِلة الدعم لها، وباب الأمل يبقى مفتوحا على ذلك المستقبل الزاهر الذي يسكن الحلم ويراود الطموح الشامخ؛ لهذا أقترح للنهوض بالقطاع الثقافي في الجزائر ما يأتي:
- أن يتولى القطاع الثقافي أصحاب الكفاءة والاختصاص.
- أن نبلور ذلك المشروع الثقافي النهضوي الذي يشمل كل شرائح و تطلعات المجمتع دون إقصاء أي طرف من المجتمع.
- أن لا يخدم ذلك المشروع الثقافي الفكر السياسي الحزبي الضيق أو أي تيار سلطوي.
- أن نطعّم هذا المشروع الثقافي بجرعات من الحرية التي تكفل له الاستمرارية والدوام إلى أن تتحقق الأهداف المسطرة له.

22- مولود بن زادي "كاتب جزائريّ مُقيم في بريطانيا"

لا شك أنّ بعض الزملاء يفضِّل تصوير المشهد الثقافي في الجزائر كما لو كان خاليا من العيوب. ومع كل ما فيه من نقائص وأخطاء وهفوات، فإنّ هذه المجاملات، في تصوري، لن تخدم هذا المشهد ولن تنفعه في شيء. في تصوري، مهم جدا كشف ما فيه من مواطن الضعف ضمن نقد بناء الغرض منه البحث عن أفضل السبل لإصلاحه ودفع عربته في الاتجاه الصحيح ورفعه إلى مستوى الدول المتطورة. يؤسفني أن أقول إنّ المشهد الثقافي في بلادنا، مثلما أشاهده من الجزر البريطانية، ما يزال يتميّز بالعزوف الخطير عن القراءة، وأنا هنا لا أوافق مطلقا ما ذهب إليه زملاء من أمثال أمين الزاوي من أن الجزائري يقرأ. فأنا لم أشاهد ذلك وأنا أجوب مدن الجزائر وأتجول في شوارعها وأتحدث مع أهلها. وكل التقارير العالمية يؤكّد أنّ مجتمعنا لا يقرأ. ففي حين تُشجِّع بريطانيا الأطفال على قراءة ما يناهز 50 كتابا في السنة ويقرأ الأوربي ما يعادل 35 كتابا في السنة، أتساءل عن عدد الكتب التي يقرؤها الطفل الجزائري كل سنة؟! والمواطن العربي،حسب هذه التقارير، لا يقرأ أكثر من 6 صفحات من كتاب واحد في السنة! فشتان، شتان... الكتب الأكثر مبيعا في المجتمع البريطاني هي عادة الأعمال الروائية والكتب العلمية بينما كل التقارير يؤكد أن الكتب الأكثر مبيعا في الصالون الدولي للكتاب في الجزائر هي كتب دينية وكتب طبخ وكتب تفسير الأحلام. واقتصار مبيعات الكتب في المَعارِض على هذه الأنواع يطرح أكثر من سؤال؛ ويؤكد طابع المجتمع العازف عن القراءة وغير المهتم بالأدب.. أزمة النشر، فمؤسسات النشر الصغيرة همها الوحيد تحقيق الربح على حساب جهود الأدباء، والمؤسسات الكبرى لا تتعامل إلا مع فئة قليلة معروفة. تصوروا أني أهديت الجزائر معجما يقع في أكثر من 600 صفحة وهو الأول من نوعه في الجزائر وبلاد المغرب العربي وهو اليوم من الكتب الأكثر مبيعا في الجزائر حيث بيع منه أكثر من 3000 نسخة مع نفاد طبعتين، ومع ذلك لا أجد أي تسهيلات لنشره من خلال هذه المؤسسات الكبرى في الجزائر لأنها ترفض التعامل معنا للأسف! نتيجة أزمة النشر في الجزائر؟ لجوء الكُتاب الجزائريين سنة 2016 تباعا إلى دور النشر المصرية واللبنانية وغيرها خارج الأوطان بعد أن رحبت بهم وبأعمالهم على عكس دور النشر الجزائرية!.. عدم اهتمام وسائل الإعلام الجزائرية بالأدب؛ قليلة هي الصحف التي تهتم بالأدب مثل صحيفتكم الموقرة "الديوان". والصحف الكبرى لا ترحب بأعمال الأدباء المبتدئين ولا نراها تنشر مقالاتنا ومقتطفات من أعمالنا ولا تعيننا على التقرب من الجماهير في الوطن الحبيب. النتيجة؟ نضطر إلى النشر في صحف خارج الأوطان رغم كثرة الصحف الوطنية!.. خضوع المشهد الثقافي لاحتكار فئة قليلة سنة بعد سنة رغم نداءاتنا المتكررة إلى فتح مجال المشاركة لنا لنثري هذا المشهد ولو بالقليل إلى جانب الزملاء القدامى.. نفس الأسماء تتلقى دعوات حضور المَعارِض والملتقيات وكل التظاهرات الثقافية، وكان بالإمكان إشراك بعضنا في هذا المشهد الذي يسعنا جميعاً، بما يخدم الثقافة والأوطان. ولن تؤثر مشاركتنا في مركز أحد!. إخفاق النقد الأكاديمي في أداء رسالته فهو لا يتناول قصدا إلا أعمال فئة معروفة من الأدباء على أساس المحاباة والمجاملة التي لا تخدم الأدب الجزائري ويظهر ذلك جليا في مسابقات الجوائز العربية.. النتيجة؟ تهافت النقاد على أعمال مستهلكة من الناحية النقدية، وتبقى أعمالنا محرومة من الدراسات النقدية.. عند ما تجتمع كل هذه المظاهر التي ذكرتها فإن النتيجة المنطقية هي عدم تكافؤ الفرص بين الأدباء والمثقفين من أبناء الوطن الواحد.. المستقبل؟ بصراحة لا أتوقع أي تغيّر في هذا المشهد سنة 2017. سيستمر عزوف المواطن عن القراءة لأنه لم يجد من يدعوه إليها، فجل الروائيين منشغل بالتسابق على نشر رواية كل سنة والبحث عن الجوائز بدلا من تخصيص بعض الوقت لمحاولة معالجة مشكلة اللامقروئية.. وسيستمر تدفق المؤلفات الأدبية مع قلة الاهتمام بالقراءة واستمرار تفوّق العرض على الطلب. وسيتواصل الاحتكار المزمن وستبقى أبواب دور النشر الكبرى موصدة في وجوهنا.. وسيلجأ الأديب الجزائري مرة أخرى إلى دور النشر العربية. ومهما كان؛ يبقى الأمل قائما في أن يتغير الوضع يوما ما في المستقبل. فلا شيء مستحيل كما يقال. ومهما كان؛ أبقى وفيا لوطني الحبيب وفي خدمته من بعيد. وإن كنت اليوم غائبا عنه فإنه لم يغب يوما عن بالي.

******************************
مَحطّات تاريخيّة

   يَتّصلِ الزّمان دائمًا بالمكان؛ لا زمان دُون مكان؛ ولا مكان دُون زمان... المكان لا يَتغيّر وإنْ حَدثتْ عليه حروب ودروب؛ أمّا الزّمان بطبيعته لا يَتوقّف؛ بلْ يَترك آثار البشر؛ يَترك بصماتهم؛ سواء حملتْ مجدًا تليدًا أو هدًّا بليدًا... ومِن ثَمّة يَبدأ التّاريخ فاتحًا كِتابه؛ وهو يقول بِـمِلْءِ فيه: اقرأوا دفاتركم القديمة؛ حتّى وإنْ مزّقها بعضكم سِرًّا أو عَلنًا فنُسخها الأصليّة عندي وحدي دُون غيري؛ أنا التّاريخ؛ وها هي أحداثكم؛ وها هي وقائعكم؛ أنا قلم ولستُ مِمحاة
 

No comments:

Post a Comment