Tuesday 23 December 2014

مولود بن زادي من بريطانيا: نقدت أحلام مستغانمي لأنها في قمة الهرم الأدبي ومكان الشعر الديوان وليس الرواية

Last part of interview /
الجزء الثالث والأخير من الحوار\

المترجم والكاتب مولود بن زادي من بريطانيا: "نقدت أحلام مستغانمي لأنها في قمة الهرم الأدبي ومكان الأسلوب الشعري القصيدة وليس الرواية" 

الصحفي: إلى أي طرف تميل في النزاعات القائمة بين الكتاب الجزائريين والتي أشرت إليها الآن؟

بن زادي: أنا لست مع أحد وإنّما مع الجزائر وأصبو إلى تشريف الجزائر في المهجر بعيدا عن أي نزاعات. سألتزم الحياد فأكون ربما مثل سويسرا أو النمسا في أثناء الحرب الباردة، وربما العيش في الجزر البريطانية النائية يبعدني عن مثل هذه الصراعات التي لا طائل منها. أنا لا أحبّ الخصومات والنزاعات وأفضّل مشاهدة منافسة فكرية يسميها أحد الكتاب (دبزة فكرية) من باب المزاح تساهم في بعث الحياة في المشهد الأدبي الجزائري وإثرائه.

الصحفي: كيف ينظر مولود بن زادي اليوم إلى أدب أحلام مستغانمي؟

بن زادي: أحلام مستغانمي حققت نجاحا باهراً لم يحققه روائي قبلها برواية (ذاكرة الجسد) سنة 1993 وبعد ذلك في اعتقادي أخطأت الطريق باتباع نفس الفكرة ونفس الشكل في روايتها الثانية فوضى الحواس والثالثة عابر سبيل سنة 2003، فبدت وكأنها تقلّد نفسها، وتبقى رواية ذاكرة الجسد أرقى أعمالها من غير منازع منذ بداية مسيرتها في التسعينات وإلى حدّ الساعة. في اعتقادي الشخصي كان بإمكان أحلام أن تنسى تماما نجاح ذاكرة الجسد وتبدأ من جديد بأفكار مختلفة وربما بأسلوب مختلف قليلا فيبدو العمل شيئا جديدا مختلفا عما سبقه وإبداعا، حتى لا تقول عنها الأجيال المقبلة كان سبب نجاحها في البداية هو سبب إخفاقها لاحقا.
وتسرف أحلام مستغانمي في استعمال الأسلوب الشعري كثيرا مركزة على الشكل على حساب الفكرة وهذا في تصوّري خطأ كبير لأنه على سبيل المثال عندما تترجم هذه الأعمال إلى اللغات الأجنبية تزول جماليات النص الشعري فتفقد الرواية قيمتها إن لم يكن المضمون مثيرا للاهتمام.
الكثير من الأدباء الجزائريين والعرب يسرفون في استعمال الأسلوب الشعري ويكثرون من الصور البلاغية بل حتى أولئك الذين يكتبون باللغة الفرنسية يقعون في هذا الخطأ حتى أنّ أحد النقاد الفرنسيين قال عن رواية جزائرية باللغة الفرنسية: "تبدو معقّدة ومليئة بالحشو، وما جمعه هذا الكاتب في رواية قد يعبّر عنه كاتب آخر في فصل واحد من رواية". وهذا الكلام الخطير يلخصّ ما أردت أن أقوله. فكُتابنا للأسف يستغرقون في اللّف والدوران، وقد نقرأ لهم صفحات وصفحات وما زلنا في نفس الفكرة وفي البداية وقد نتوه فيها ولا نفهمها في مجتمع لا يقرأ أساسا ولا يتقن لغته العربية.
في السياسة، عندما يسود حكم عسكري وتنتشر المدرعات العسكرية في الشوارع تتعالى الأصوات الداعية إلى عودة الجيش إلى الثكنات حيث مقره، وأنا أرفع صوتي وأنا أشاهد هيمنة الأسلوب الشعري على الرواية العربية وما يحمله ذلك من حشو وغموض وتهديد ذلك للرواية العربية على المستوى العالمي، أدعو إلى عودة الشعر إلى مكانه الصحيح وهو القصيدة والديوان.
ومهما اختلفنا في الرأي والأسلوب ونظرتنا إلى الأدب والرواية، تبقى أحلام مستغانمي عظيمة.. عظيمة بأسلوبها الذي يعشقه الكثير من القراء ويقلده الكثير من الأدباء. وتبقى عظيمة بشخصيتها القوية الصريحة التي ترفض المراوغة والنفاق. وتبقى عظيمة ببساطتها وسعة خاطرها، فرغم نقدنا لها لم يأتنا منها سوء. وتبقى عظيمة بطيبة قلبها ومراعاتها للآخرين، فمقامها الرفيع لم يبعدها عن الجماهير وها هي اليوم تتواصل مع قرائها وترد على خطاباتهم على عكس أولئك الذين دبّ في نفوسهم الكبرياء والغرور وحبّ الذات فلا يجمعهم بالقراء إلا البيع بالتوقيع. وتبقى أحلام مستغانمي عظيمة أيضا بأمثالها وحكمها الكثيرة ومنها هذا المثل الرائع: "العلاج المثالي لكل أوجاع القلب هو الضحك، وعدم أخذ الذاكرة محمل الجدّ"

الصحفي: كلمة أخيرة؟

بن زادي: يحزنني أن أرى كاتبة تجتهد فتبلغ القمة بأسلوبها المميّز، ليأتي بعد ذلك متطفلون يحاكونها ويحصدون ثمار تعبها فيأتون بأدب يصعب تميزه من أدبها الذي صنعته هي بجهدها وسهدها وعرق جبينها.

لقد اخترت طريقا مختلفة منذ البداية وأسلوبا مختلفا يميّزني من غيري بعيدا عن آفة المحاكاة وهذا ما سيكتشفه القارئ في رواياتي ومنها رويتي الجديدة (رياح القدر). أدعو القراء في الجزائر إلى الاطلاع على أعمالي والتواصل معي في الفايسبوك.

قد أختلف مع مواطني أحلام مستغانمي في كثير من الأمور لكننا بلا ريب نشترك في أمور كثيرة ومنها الإقامة في ديار الغربة، والصراحة.

ومهما اختلفنا فإننا نتفق جميعا على حب الجزائر والرغبة في خدمة الجزائر ولو بشيء قليل. وأشكر جزيل الشكر صحيفتكم الموقرة على هذا الحوار.

أجرى الحوار بـوراجي أحمد لعمـوري
نشرته حصريا صحيفتا الوطن وسطيف نيوز

No comments:

Post a Comment