برنامج "موعد مع الرواية" \
الروائي مولود بن زادي لصحيفة "الوسط" الجزائرية:
"يحزنني انسحاب قسيمي بعدما شرع في إصلاح البرنامج وتوسيعه!"
المقالة كاملة:
بلغني يوم 26 من شهر أبريل نبأ انسحاب الروائي سمير قسيمي المشرف على برنامج "موعد مع الرواية" بعد أسابيع قليلة من انطلاقه وإلغاء كل الحصص المبرمجة في شهر مايو.
وكان الزميل المحترم سمير قسيمي قد تكرّم بدعوتي لحضور حصة يوم 14 مايو من هذا البرنامج الوطني برعاية وزارة الثقافة، وكنت قد عبرت من خلال صفحتي وصفحة الرواية الجزائرية في منبر الفايسبوك عن أسفي لعدم قدرتي على تلبية الدعوة لقصر الأجل وارتباطي بمواعيد شغل خلال الأسابيع المقبلة فضلا عن عدم اطلاعي على طريقة سير هذا البرنامج وإجراءات المشاركة فيه نتيجة بعدي عن أرض الوطن وقلة التواصل مع المشرف الذي أكن له كل الاحترام والتقدير.
بكل صدق لم أتفاجأ بالخبر وكنتُ قد ذكرتُ في مقالات سابقة إنه ربما حصل بعض التسرع في إطلاق هذا البرنامج. فقد انطلق دون توضيح معالمه وطريقة سيره وطريقة توجيه الدعوات وطريقة اختيار المواضيع المطروحة في الحصص. وأنا شخصيا اتصلت بعدة أدباء جزائريين وعرب أستفسر عن مثل هذه الأمور لفهم البرنامج، فكان كلهم يقول إنه لا يدري. فأنا بذلك لم أكن الوحيد خارج الصورة.
طبعا يحزنني انسحاب المشرف بعدما شرع في إصلاح البرنامج وتوسيعه حتى أننا شاهدنا لأول مرة دعوة عدد كبير من الروائيين للمشاركة في شهر مايو. ورغم عدم قدرتي على تلبية الدعوة والحضور فقد شعرت بارتياح لا يوصف وأحسست أن البرنامج أخذ أخيرا يسلك مساره الصحيح، وبتُّ مقتنعا أنه لو تواصل بهذه الوتيرة فإنه سيسمح لكل روائي بالمشاركة بما يرضي الروائيين ويخدم المشهد الأدبي والثقافي، وما ذلك بالشيء المستحيل. لكن الرياح أحيانا تسير بما لا تشتهي السفن. فقد توقف البرنامج، لسوء حظي، حينما حان دوري للمشاركة فيه.
وإن كنتُ لا أعرف أسباب هذا الانسحاب إلا أني أحترم قرار الروائي المحترم سمير قسيمي. لكني شخصيا أعتبر هذا البرنامج ميتا الآن بعد انسحاب صانعه.
في تصوري الشخصي، يمكننا أن نعيد النظر في هذا البرنامج وما كان له من إيجابيات وسلبيات وأن نستخلص جميعا دروسا من أسباب هذا التعثر والعمل على تجنبها مستقبلا.
وإذا استمر هذا البرنامج فإني أدعو المشرف الجديد لإعادة النظر فيما حصل واستخلاص العبر والسعي لبناء برنامج على أسس أمتن وأوضح ومحاولة لم شمل الأدباء ومد الجسور بين الأجيال والسماح للروائي بالمشاركة في رسم معالم البرنامج من خلال اقتراحات بناءة وإدراج أسمائنا فيه ومعاملتنا بمساواة وعدل، وأخذ بعين الاعتبار أفكارنا بما في ذلك اقتراح المواضيع التي تطرح في هذه الحصص.. ومثال بسيط على ذلك: إذا تحدثنا اليوم عن "المسكوت عنه" يمكننا في يوم آخر التحدث عن "أدب المهجر" وسمات أدب المهجر في الرواية الجزائرية، ولم لا؟ فهذا الموضوع يدرس حاليا في جامعة بسكرة اعتمادا على روايتي "رياح القدر"، وبلغتني معلومات من الطلبة أن الموضوع غير معروف وحتى المراجع التي تتحدث عن هذا الأدب قليلة. يمكنني إن شاركت في مثل هذه اللقاءات مستقبلا إلقاء الضوء على هذا الأدب الذي له سمات تميزه من الأدب المحلي ومن جملة ذلك الحنين إلى الوطن والنزعة الإنسانية والتحرر في الأفكار والانفراد في الأسلوب. ولا يقل أهمية عن المسكوت عنه أو مواضيع أدبية أخرى شاهدناها، وسيفيد الأدباء والقراء من ذلك لا محالة. فإن قطعتُ مسافة شاسعة من بريطانيا إلى الجزائر للمشاركة، فإني سأشارك بالجديد وأفيد وأستفيد ولن أقطع هذه المسافة لمجرد المشاركة. هذا طبعا مجرد اقتراح من روائي مع احترامي لاقتراحات الزملاء في الوطن الحبيب.
الروائي المحترم سمير قسيمي أثبت أنه مرن ومتفهم وبذل جهدا كبيرا لإنجاح البرنامج رغم قلة الوقت وكثرة الانشغلات والضغوط.
صحيح أن بعض المغرضين حاول التوقيع بيننا وحاول إقصائي من المشهد الأدبي مثلما أوضحت بالأدلة.
ومثال بسيط على ذلك أنّ القائم على إحدى المجموعات الأدبية أعلن بوضوح عن تهميشي وإقصائي في منشور بصفحة مجموعته، عندما كتب عني ما يلي (والدليل موجود ونشرته من قبل في مواقع التواصل الاجتماعي):
"من المهم التأكد بأنّه لا وجود لهذا الاسم في عالم الكتابة الجزائرية، منحناه بعض الوقت للحصول على مزيد من الإعجاب، وسنحذف هذه المواضيع وغيرها التي يرِد فيها اسمه!" وفعلا حذف منشوراتي ورفض إدراج روايتي في مسابقة أفضل رواية لسنة 2014...
لكن الروائي سمير قسيمي أثبت أنه حكيم لا ينشغل بمثل هذه السفاهات ومستقل بشخصيته وأفكاره وأعظم من أن يؤثر فيه أحد من هؤلاء وهذا ما يرفع من منزلته في نفسي ويجعلني أتطلع إلى التعاون معه مستقبلا ولو من بعيد.
وإن فقدنا البرنامج فإننا سعداء بكسب أديب في مقام سمير قسيمي بصدقه وحكمته وشجاعته وكبريائه.
مولود بن زادي - كاتب جزائري مقيم في بريطانيا
No comments:
Post a Comment