Sunday, 5 July 2015
تحيا الجزائر استقلال الجزائر رواية عبرات وعبر للكاتب مولود بن زادي
الأدب الواقعي Le réalisme
بمناسبة عيد استقلال الجزائر الموافق ليوم ٥ يوليو ١٩٦٢، يسعدني أن أنشر هذا المقطع.. إنّه حوار مقتبس من رواية "عَبَرَاتٌ و عِبَرٌ" الاجتماعية الدرامية الواقعية للكاتب المهجري مولود بن زادي وفيه حديث بين الشيخ عمّار وابنه إبراهيم المريض في مستشفى العاصمة الجزائر سنة ١٩٥٦
1956 وهو مرض أدى إلى إعاقة إبراهيم مدى الحياة والقصة حقيقية \ الحوار نشرته عدة صحف مثل الوطن والبلاد واليوم صحيفة الفكر الجزائرية. أعتقد بعض النقاد أن أسلوب السرد الكلاسيكي - وهو الأسلوب الذي كتبتُ به رواية "عبرات وعبر" والأفضل لتصوير الأحداث الواقعية قد ولّى بلا رجعة ، وإذا بجائزة البوكر ترد الاعتبار لهذا الأسلوب من خلال تتويج رواية "الطلياني" وهي رواية مكتوبة بنفس الأسلوب، وهذا دليل على أن هذا الأسلوب حي لم يمت ولن يموت أبدا! إنه أسلوب الرواية الواقعية.. إنه أسلوب رواية الذاكرة.. مودتي وتقديري
M. Benzadi - United Kingdom
الإهداء: إلى روح والدي ووالدتي..
In memory of my beloved parents
"تحيا الجزائر!...
... أضاف الشيخ عمّار باسما وهو يربّت على ركبة ولده:
- لكن ليست كلّ الأخبار سيئة، يا بني. فأنا أحمل لك خبرا مفرحا!
-ماذا يا أبي؟
- خديجة حامل! نعم زوجتك حامل يا بني!
فصاح إبراهيم وقد لمع في غرته نور البشر:
- ماذا؟! أحقّا ما تقول يا أُبيَّ؟!
-نعم يا بني! حليلتك حامل! وإنّك ستصبح أبا عن قريب إن شاء الله!
- وكيف عرفتَ ذلك يا أبي؟!...
- من أخيك حكيم وزوجته، فكدت أطير فرحا! أجل، يا بني، عن قريب ستصبح أبا وأنا سأصبح جدّا بحول الله! إنّها سنّة الحياة يا بني!
رفع إبراهيم ذراعيه إلى السماء ونظر عاليا وقال داعيا:
- اللّهم إنّي أحمدك وأشكرك، ما أكرمك ربي!
وأطرق قليلا كأنّما يفكّر ثمّ أعقب مبتهلا إلى المولى تعالى:
- اللّهمّ ارزقني ولدا يخلفني ويحيى إسمي من بعدي يا أرحمّ الرّاحمين!
فتابع عمّـار:
- وأنا أدعو الله أن يطيل عمري حتّى أرى ابنك وأحمله بين يديّ وأفرح به قبل أن أفارق الدنيا!
فردّ الابن ممتعضا:
- لا تقل ذلك! أبعد الله الشرّ عنك يا أبي! أدعو الله أن يطيل عمرك فيتربّى كلّ أولادي في أحضانك، فيرتووا من سيل عطفك ويستقوا نفعا من منبع علمك!
وما لبث أن حدّث الوالد ابنه عمّا لقيه من متاعب في رحلته الطويلة الشاقّة من سطيف إلى الجزائر وما تعرّض له هو وغيره من المسافرين من توقيف في الحواجز الأمنية وتفتيش وتنكيل بعد اندلاع أحداث أوت ١٩٥٦ 1956 وتصاعد الأعمال الثورية على الاحتلال الفرنسي.
جلّى الوالد ببصره حول المكان ليطمئن أنّه لا يسمعه أحد، ومن ثمّ انحنى إلى ابنه وأضاف هامسا:
- أنت يا بني هنا في المستشفى منذ زمن طويل، فلا شكّ أنّك لم تر شيئا! الوضع مشتعل في هذه المدينة وفي كلّ مكان!
ورمى بطرفه إلى باب الغرفة مستطلعا ثم التفت نحو ابنه ثانية وقال وقد لاحت في عينيه أمارات التأثّر:
- الجزائر!... الجزائر، يا بني، تكافح! نعم إنّها تجاهد لفكّ أغلال الاستعمار، وتطهير هذه البلاد من البطش والمهانة والعار، ونيران الحرب متّقدة في كلّ مدينة ودوار، والدماء تسيل في كلّ مكان خلف هذه الأسوار!... أجل! الدماء تسيل كلّ يوم وفي كلّ مكان لتحرّر هذه الأرض ويحيا شعبها في عزّة وكرامة!
علت شفتي إبراهيم ابتسامة إعجاب ورضا وهو يصغي إلى الحديث. ومن ثمّ مدّ يده برفق ووضعها فوق يد والده وقال بإثارة:
- تحيا الجزائر!
فضمّ الوالد يده الأخرى إلى يد ابنه وصاح مبتسما في صوت واجف وعلامات التأثّر تلوح في عينيه:
- تحيا الجزائر! تحيا الجزائر!... "
بقلم الكاتب مولود بن زادي – المملكة المتحدة
مقتبسة من رواية "عَبَرَات وعِبِر" الاجتماعية الدرامية الواقعية
___________________
هوامش\
أمضى إبراهيم نحو سنة في المستشفى حيث زاره والده عمار قادما من دوار الدهامشة بسطيف. وكما قال عمار لابنه، فقد حملت خديجة زوجة إبراهيم لتنجب بعد ذلك بنتا، لكن القدر لم يشأ أن يرى إبراهيم ابنته هذه، فبعد خروجه من المستشفى معوقا أدرك أن ابنته توفيت في ظروف غامضة..(البقية في رواية عبرات وعبر - متوفرة في مكتبة بيت الحكمة في مقر اتحاد الكتاب الجزائريين في شارع ديدوش مراد في العاصمة. كل النسخ الموزعة في غرداية التي صدرت فيها الرواية نفدت)
القصة حقيقية..
رابط الحوار في صحيفة الفكر:
http://www.alfikre.com/articles.php?id=16166
Subscribe to:
Post Comments (Atom)
No comments:
Post a Comment