Monday 27 April 2015

حوار صحيفة الأوراس مع الكاتب مولود بن زادي أبريل 2015


حوارات\

الصحيفة: صحيفة الأوراس الجزائرية
التاريخ: 26 أبريل 2015
أجرى الحوار: الصحفية والكاتبة رقية لحمر
الكاتب: مولود بن زادي
مكان الإقامة: المملكة المتحدة

(الحوار حصري في صحيفة الأوراس:
الحوار منشور حصريا في صحيفة الأوراس، ولهذا فإني أنشر فقط هذا الجزء القصير منه وفيه مقتطفات من الحوار الطويل الذي شغل صفحة كاملة في الجريدة. (أتقدم بخالص الشكر والتقدير للقائمين على هذه الصحيفة الغراء والصحفية الرائعة رقية لحمر)

مولود بن زادي من بريطانيا:
"لن يبلغ أدبنا العالمية بأعمال أدبية يغلب عليها الشكل والأسلوب الشعري، وتفتقر إلى أفكار وعبر"

    الأوراس: هل النزعة التحرّرية في الكتابة هي من سمات أدب المهجر؟

   بن زادي:   بكل تأكيد، وهي انعكاس للواقع، فالكاتب الذي يحيا في قرية محافظة سيكتب بحرية أقل من الكاتب الذي يعيش في المدينة، والكاتب الذي يعيش خارج الأوطان سيكون بلا شك أكثر تحررا من الكاتب المحلي، فهذا يعيش في محيط متحرر والآخر يعيش في محيط تحكمه العادات والتقاليد وغير ذلك والتأثير بيِّنٌ والفرق شاسع. وخير مثال ربما شعراء المهجر الذين أشرت إليهم آنفا والذين بدوا في مؤلقاتهم أكثر تحررا من زملاهم المحليين في مصر وبلاد الشام.

                                ******

    الأوراس:   هل هنالك تواصل بين أدباء المهجر والأدباء المتواجدين في الجزائر؟

   بن زادي:   قليل جدا للأسف، فأنا أشعر أن الكاتب القديم ليس منفتحا ومستعدا للتعاون معنا بقدر الكفاية. لعله يخشى على مقامه. وأنا هنا أؤكد انني لا ابحث عن مكان أحد، فأنا موجود في بريطانيا وليس في الجزائر، فكل ما أريده هو التعاون مع هؤلاء بما يخدم الأدب الجزائري ويشرف الجزائر، والتحاق كاتب أو كاتبين بهؤلاء لن يؤثر عليهم سلبا، بالعكس، فالتعاون أفضل من الصراع. للأسف حاول أحدهم إقصائي من الساحة الأدبية، وحذفني من أحد المواقع وكنتُ مسجلا فيه من قبل كبقية الكتاب، ومنع روايتي الجديدة "رياح القدر" من المشاركة في مسابقة أفضل رواية لسنة 2014 بذلك الموقع من غير حق. هكذا اختار الترحيب بمواطنه المغترب الذي أهدى المكتبة الوطنية والجزائر معجم الزاد للمترادفات والمتجانسات العربية وهو الأول من نوعه في الجزائر وبلاد المغرب العربي وأيضا كتاب الأفعال المركبة الإنجليزية باللغة العربية وهو بلا شك الأول من نوعه في الجزائر! فأنا بدلا من التكريم لقيت الإقصاء!
أغتنم هذه الفرصة لأدعو أدباءنا الكبار من أمثال واسيني الأعرج وأمين الزاوي إلى عدم الاستماع الى بعض المغرضين ومساعدتي على المشاركة في الساحة الأدبية من الجزر البريطانية وأنا مستعد للتعاون معهم وإني أشعر أني قادر على تمثيل الجزائر أفضل تمثيل في بريطانيا وخدمتها مع هؤلاء الزملاء حتى وإن اختلفت أفكارنا وتوجهاتنا.

                                 ******
   الأوراس:   لنعد الى كتاباتك، ومؤلفاتك  والتي كانت متعددة ومتنوعة مرورا بقصص الأطفال، الى معجم باللغة الانجليزيةّ، وروايتين "عبرات وعبر ورياح القدر"، ما سبب هذا التنوع، وهل هذا يزيد من رصيد الكاتب في اعطاء صورة اشمل وأعمق بأن يكون التعدد باب لرصد كل مضاهي الحياة عند الكاتب؟

   بن زادي:   يحدث هذا التنوع بلا ريب عندما يجتمع فينا عناصران هامان أو بالأحرى محركان قويان وهما الموهبة والإرادة. زد على ذلك أني درست لغات وهذا ما يؤهلني للبحث في حقل اللغة وكتابة النقد اللغوي، وخوض معركة تصنيف المعجم وهي معركة طويلة وشاقّة قد يدخلها الباحث فيتوه في مسالكها الوعرة ولا يعرف الخروج منها سالما...
       
                            ******

   الأوراس:   كانت هنالك قفزة نوعية من خلال ما لحظناه، فمن كتابة الرواية وتأليف المعجم انتقلت الى النقد ؟ لماذا النقد بالذات؟

   بن زادي:   لعلّ الدافع الرئيس هو كثرة الأخطاء اللغوية والنحوية والصرفية في مؤلفات هذا العصر وهي أخطاء باتت تنتقل من طبعة إلى أخرى ولا أحد يبالي. وشاهدت أخطاء مثلا في الرواية الشهيرة "الزقاق المدق" لنجيب محفوظ بقيت تنتقل من طبعة إلى أخرى لأكثر من نصف قرن، فيتعلّمها النشء وتتناقلها الأجيال. وقد أكدت آنفاً الشاعرة البحرينية بروين حبيب وهي في لجنة تحكيم جائزة البوكر أنّ من أسباب إقصاء الروايات المرشحة للجائزة كثرة الأخطاء، ووصفت الأخطاء بالفادحة في حق اللغة العربية، وقالت بعض الكتاب لا يفرق بين الرفع والنصب والجر ولا يحسن استخدام الفعل في صيغة الجزم، وهذا شيء غير مقبول!

                                 ******

   الأوراس: ولماذا اخترتم احلام مستغانمي في أول مقالة نقدية لك من بين كل ادباء الجزائر؟

   بن زادي:   بصراحة لأنها في قمة الهرم الأدبي، والإنسان بطبيعته عندما ينظر إلى الجبل فإنّ بصره يتجه عادة إلى أعلى الجبل وليس إلى أسفله، وإن نظرنا إلى مشاهد طبيعية في لوحات زيتية فإنّ أبصارنا تقع على الأشياء الكبيرة من تلال وأنهار وأشجار قبل الأشياء الدقيقة. لكني في وقت لاحق شعرتُ ببعض الذنب لأنّ أحلام مستغانمي اجتهدت لتطوير الأسلوب الشعري - ولو أنه لي تحفظات بشأن هذا الأسلوب ولا أراه مناسبا لتحقيق العالمية - كان ربما يستحسن أن أنتقد هؤلاء الأدباء المتطفلين من حولها الذين راحوا يقلدون أسلوبها ويحصدون ثمار تعبها على منوال العبارة الشعبية "أنت تطيّب وأنا أكل"!

                                   ******
   الأوراس:  كيف ترى الحراك الثقافي في الجزائر؟ وهل تستطيع الرواية الجزائرية أن تصل الى العالمية وتكون بدايتها من الجزائر وليس المهجر؟

   بن زادي:   لست راضيا عن المشهد الثقافي الذي يميزه العزوف الرهيب عن القراءة وصعوبة نشر الكتاب وتوزيعه وغير ذلك.
وفيما يخص العالمية لا يهم أبدا إن بلغناها انطلاقا من الجزائر أو بلاد المهجر لأن كل ذلك يؤدّي إلى تشريف الجزائر. لكن كما ذكرتُ في حوارات وحصص من قبل "لن نبلغ العالمية بأعمال يغلب عليها الأسلوب الشعري والمكياج والحشو وتفتقر إلى أفكار وعبر".. ما نريده هو نجاح كامل يقوم على أساس متين يضمن لأعمالنا الخلود وليس نجاح آني أو مجرد جوائز - مهما كان حجمها -  والتي قد نحصل عليها من باب المجاملة أو الخدمة.. نريد الصفوة لا الرغوة.. ما يؤول إلى الخلود وليس الزوال.

                                    ******

   الأوراس:   ماذا عن مشاريعك المستقبيلة؟ والى ماذا تطمح؟

   بن زادي:  بدأت رواية جديدة حواراتية لأول مرة على منوال رواية "يا ابن آدم" للأديب المهجري الرائع ميخائيل نعيمة تتناول موضوع الصداقة في هذا الزمن. وإن طال العمر أود كتابة رواية عاطفية أخرى وعدت بها الأصدقاء منذ سنوات وهي "فتاة من النمسا" ولا أدري إلى أي حد أستطيع أن أذهب في تقديم تفاصيل هذه التجربة الغرامية بحكم التقاليد والأعراف.

                                 *****

   الأوراس: لو أعطيت لك فرصة الرجوع الى الجزائر وأن تكون بدايتك فيها، هل كان سيختلف عن ماكتبته بحكم العادات والتقاليد؟

   بن زادي:   بكل تأكيد.. كنت ربما سأكتب روايات خيالية خالية من الأفكار وبعيدة عن الإنسانية.

                                ******

    الأوراس:   ماذا تنتظر أن تقدّم الجزائر للأدباء المهجر؟

   بن زادي:   مساعدتنا على نشر أعمالنا وتوزيعها وتقريبنا من القراء في الجزائر، ولِمَ لا دعوات لحضور ملتقيات أدبية وثقافية مثل قسنطينة عاصمة الثقافة العربية أو مهرجان تلمسان، ولو شاركتُ لأعطيت صورة مشرفة عن المثقف الجزائري خارج الديار، ولو أتلقى قليلا من الدعم المعنوي من الجزائر أشعر اني قادر على تمثيلها أفضل تمثيل خارج الديار، فحتى الآن ما أنجزته هو مجهود فردي وبمساعدة أصدقاء فحسب...

No comments:

Post a Comment