ه دراسات نقدية\
رواية: رياح القدر
للكاتب: مولود بن زادي
مكان الإقامة: لندن المملكة المتحدة
الصنف: أدب واقعي réalisme / أدب المهجر
بقلم: الناقد أبو يونس معروفي عمر الطيب
الجزء الثالث: الاتجاه الرومانسي واللغة الشاعرية في رواية "رِيَاحُ القَدَر"
"... المنحى الرومنطيقي واللغة الشاعرية التي انتهجها السارد في "رياح القدر" إلاّ تحصيل حاصل يكون قد لجأ إليها تيقّنا منه أنّها أولى من غيرها أقدر على التعبير عما يختلج بصدره من حنين إلى وطنه وأيضا للتعبير بصدق وواقعية عن مجموعة العلاقات الإنسانية التي ربطت شخصيات القصة ببعضها البعض لاسيما تلك العلاقة الغرامية السرمدية المثالية التي ربطت فؤاد بأمل فبرزت هكذا سمة الشاعرية "الرومنطيقية" مهيمنة على البنية السردية في كل صور عوالمها، شخصياتها ونوافذها الإنسانية، من حيث المبنى الحكائي لغة، وأحداثا، وصورا مبدعة وهذا يعد امتدادًا للاتجاه الرومانسي الذي يُعنى بحياة المجتمع وما فيها من علاقات وأحداث وهو ما عبّر عنه فؤاد الفرفوري في كتابه بقوله "الأمانة العلمية تقتضي بأن نعترف بوجود بعض النصوص التي دعا فيها الرومنطيقيون العرب صراحة إلى أن يكون الأدب معبرا عما يدور في المجتمع وعما يجد فيه."
وهذا المنحى الشاعري سيطر بشكل بارز كما ذكرنا على كثير المناحي فتجلّت الشاعرية مجسّدة بلون الطيف في بلورة كل عناصر الرواية من شخصيات وعلاقات وأحداث ومواقع. فابتعد بذلك عن العقل والمنطق في الكثير من المواقف وهو أمر يتميز به الرومانسيون الذين يؤمنون إيمانا قويا بالانطلاق والتحرر حتى ترتاد النفس أفاقا واسعة رحيبة وتتراءى لنا صور التحرر من الواقعية في محطات كثيرة ومنها قوله:
"يدلي ببصره عبر تلك الحقول برهة من الزمن ثم يرسله بعيدا في الأفق فتترائي له صورة فتاته بازغة خلف تلك الحقول والسنابل فاتنة، ينسدل شعرها الأشقر فيمتزج بلون السنابل الأصفر، تتناثر عليه أشعه الشمس الذهبية فتضفي عليه ثراء وسحرا" (الصفحة 119).
وأيضا عندما يقول: "كان الدكان من قبل يبدو معتما كئيبا، وإذا به الآن يشرق وقد بزغت في أجوائه من خلق الغيوم الكثيفة القاتمة عروس النهار، تتدفّق أشعتها الذهبية الساحرة فتغمر الدنيا نورا ودفئا وحياة." (الصفحة 131)..."
(يتبع)
No comments:
Post a Comment