Wednesday 25 April 2018

الذكرى 65 لاكتشاف الحمض النووي DNA day

مقالة بمناسبة الذكرى 65 لاكتشاف الحمض النووي💥💥🌾🌷

. تتعرّفون من خلال هذه المقالة/البحث على بصمتي الوراثية ADN من خلال اختبار في أكبر مخبر في العالم ويقع في الولايات المتحدة الأمريكية.

. هذه المقالة تحمل ردا علميا لا يدع مكانا للشك، لكل متعصب لأصل ما وتؤكد عدم وجود عرق صافٍ وتؤكد مبدأ التنوع الذي أؤمن به بعيدا عن الجدل العقيم والشعوذة ومحاولة فرض رأي واحد وعرق واحد على الجميع دون أدلة علمية..
وخير الكلام ما قلّ و دلّ:

في ذكرى اكتشاف الحمض النووي DNA : هل تستطيع البصمات الوراثية تحديد أصول البشر العرقية؟
مولود بن زادي

■ يصادف يوم 25 أبريل /نيسان الذكرى 65 لاكتشاف الحمض النووي، المعروف اختصاراً بالإنكليزية DNA كان ذلك عام 1953 على أيدي البيولوجي جيمس واتسون والفيزيائي فرانسيس كريك. وبعد نحو نصف قرن، إلى أي حد استفاد الإنسان من هذا الاكتشاف؟ وهل سيمكِّن البشر من معرفة أنسابهم وماضيهم؟

معنى الحمض النووي

الحمض النووي الريبي منقوص الأوكسجين Deoxyribo Nucleic Acid جزيء مسؤول عن تخزين المعلومات الوراثية وترجمتها إلى بروتينات. ويوجد في نواة خلايا جميع الكائنات الحية، بدءا من البكتيريا والفطريات والنباتات والحيوانات إلى الإنسان. ويظهر في شكل سلم لولبي مزدوج مؤلّف من شريطين، مكوّنا الكروموسومات التي تحمل الصفات الجسمية والخَلقية للكائنات الحية.
خصائص الحمض النووي
٭ إمكانية التقاطه من أي مخلفات أدمية سائلة (لعاب، دم، مني)، أو أنـسجة (جلد، لحم، عظم، شعر) خاصة في حالة عدم توفر بصمات أصابع.
٭ إمكانية أخذ البصمة من الآثار الحديثة والقديمة.
٭ سهولة قراءتها وحفظها في قاعدة البيانات.
٭ قدرتها على مقاومة عوامل التحلل والتعفن والاضطرابات الجوية (حرارة ورطوبة وجفاف).

الحمض النووي اكتشاف قديم

ولو أنّ الاكتشاف يُنسب إلى العالمين الإنكليزيين جيمس وفرانسيس، إلاَّ أنّ الأبحاث تضرب بجذورها في أعماق التاريخ. فالعالم السويسري فريدريك ميشر (1844-1895) كان وراء اكتشاف «حمض نووي» في خلايا الدم البيضاء أواخر الستينيات من القرن التاسع عشر. واكتشف علماء آخرون بعد ذلك المكونات التي تشكل جزيئات الحمض النووي، وأدركوا أنه رغم اختلاف الحمض النووي في كل الأنواع، إلا أنه يحتفظ دوماً ببعض الخصائص. وقد استفاد العالمان البريطانيان من هذه الاستنتاجات. وقد اتسعت مجالات تحاليل الحمض النووي لتشمل:

حقل الطب الشرعي والتحقيق الجنائي

وذلك بالتقاط البصمة الوراثية من الآثار التي يتركها المتهم في مسرح الجريمة كاللعاب والشعر والمني والدم.

الحقل الطبي البيولوجي

يساعد تحليل البصمة الوراثية على كشف الأمراض الوراثية وفهم طريقة نشأتها في الشخص، بما يتيح له فرصة الوقاية والرقابة واستشارة الطبيب المختص ومعرفة خيارات العلاج، ما يسمح بوصف أدوية مناسبة أو اقتراح أنظمة غذائية معينة وتمارين رياضية ملائمة وتغيير نمط الحياة، للمساعدة على اجتناب الأمراض الوراثية وعلاجها والحد من آثارها. ويستطيع المستهلك أن يطلع على تكوينه البيولوجي بما يسمح له من التحكم أكثر في صحته ورفاهية وحسن إدارة العناية الطبية.

فك ألغاز الماضي

من عجائب الحمض النووي قدرته على البقاء لآلاف السنين، ما سمح بتشخيص بقايا قديمة ما كان الإنسان سيفك ألغازها من غيره. هكذا استطاع العلماء استخراج الحمض النووي من بقايا إنسان نياندرتال سعياً لمعرفة مراحل تطور الإنسان. وبفضل هذه التحاليل، تمكن العلماء من التعرف على بقايا ملك إنكلترا ريتشارد الثالث (1452-1485). إذ لم يكن أحد يعرف هوية العظام القديمة التي أظهرت آثار جراح، التي تم العثور عليها بالقرب من مدينة ليسيستر في إنكلترا سنة 1913. ليثبت تحليل الحمضيات بعد ذلك أنها لملك إنكلترا الذي قتل في معركة بوسورث ليكون آخر ملك في أسرة يورك يحكم إنكلترا.

التنبؤ بالمستقبل

تجرى ملايين التحاليل الجينية في أنحاء العالم لأجل تحديد العاهات الوراثية في وقت مبكر من الحياة حتى يمكن بدء العلاج في أقرب الآجال وقبل تطورها. كما تسمح نتائج الاختبارات للأزواج باتخاذ قرارات بخصوص إنجاب أطفال. فبفضل هذه التحاليل يمكن التكهن بما إذا كان الجنين معرض لحالات مثل متلازمة داون أو التثلث الصبغي 21.

اختبارات الأبوة ومعرفة نسب الطفل

سعى العلماء منذ البداية لاستغلال تقنيات تحليل البصمة الوراثية لإثبات نسب الطفل في إطار الزوجية وخارجها. واليوم تعج المحاكم في الوطن العربي بما لا يُحصى من الدعاوى المرفوعة في قضايا نفي النسب، التي يرفض أصحابها الاعتراف بالنسب الشرعي لأبنائهم، حيث يلعب الحمض النووي دورا حاسما في تحديد الأبوة وتسوية قضايا النسب.

الحمض النووي يكشف أسرارا خفية

أثارت نتيجةُ أحدِ اختبارات النسب ضجةً إعلامية في الولايات المتحدة والبلدان الغربية هذه الأيام. تناولتها صحيفة «الواشنطن بوست» بعنوان «امرأة تقول إن اختبار الحمض النووي لـ Ancestry.com يكشف عن أبيها – طبيب خصوبة والديها» (3 أبريل/نيسان 2018) فقد فاجأت نتيجة عينة الحمض النووي المرأة الأمريكية كيلي رولت عندما أبلغتها بتوافق بصمتها الوراثية وبصمة طبيب يقيم على بعد 500 ميل منها. تعود وقائع القصة إلى عام 1980 حيث وجد والدا رولت هوورد فاولر وسالي آشباي صعوبة في الحمل. كان فاولر يعاني من نقص الحيوانات المنوية، فاقترح أخصائي النساء (مورتيمر) عليهما حقن السائل المنوي للزوج والسائل المنوي لرجل آخر مجهول الهوية في رحم الزوجة. فالتمس الزوجان أن يكون المتطوع طالباً طويل القامة له عينان زرقاوان. وأبلغهما الطبيب مورتيمر بعد ذلك أنه وجد المتطوع المناسب، لكنه في آخر الأمر استخدم منيه في العملية بدون إذن. وهكذا بالمصادفة ومن خلال اختبار النسب، انكشف سرٌّ ظلّ خفيا لعشرات السنين، وانكشف مع ذلك الأب الحقيقي لكيلي رولت، الطبيب المكلف بعلاج والدتها نفسه، وانكشف أيضا ما اقترفه هذا الأخصائي في حق هذه الفتاة والأسرة وشرف المهنة. وتتواصل هذه القضية اليوم في محكمة المقاطعة الأمريكية في ولاية ايداهو.

اكتشاف الأسلاف والأقارب

اختبار الأسلاف: تقوم به مراكز مختصة تملك قاعدة بيانات حمض نووي واسعة وتقنيات متطورة. واليوم يلقى هذا التحليل اهتماماً متزايداً في أرجاء الدنيا. وتتم من خلاله مقارنة التكوين الجيني لشخص ما بتكوين أناس آخرين من خلال فحص عينة حمضه النووي مقارنـــة بملايين العينات الأخرى المحفوظة في قاعدة البيانات المقبلة من مختلف أنحاء العالم.

وقد اخترتُ شخصيا إجراء هذا الاختبار قبل أسابيع من باب الفضول وبإلحاح بعض أفراد أسرتي المتعطشين لمعرفة التكوين الجيني للأسرة. وأيضاً إيماناً بعدم وجود نسب خالص للجنس البشري متنوع الألوان والأعراق والخصائص الأخرى، والموجود على سطح هذا الكوكب منذ آلاف السنين، والمعروف بالاختلاط والتزاوج والترحال والكرّ والفرّ، بما لا يدع مجالا للشك في اختـــلاط تكويننا العرقي. ورغبتُ، في الأخــير، التحقق من صحة معلومة تناقلتها أسرتي لأجيال بأن أحد أجــــدادي من جهة الأم يكــون من أصل أوروبي إيطالي/روماني.

فاتصلت بموقع ancestry.com وهو أكبر مركز مختص في هذا النوع من الاختبارات، ويملك أكبر قاعدة بيانات حمض نووي في العالم. وأرسلت عينة لعاب من لندن إلى جمهورية إيرلندا. بعدها بأيام وصلتنا رسالة إلكترونية تؤكد وصول العينة وقيام المكتب بتحويلها إلى مخبر في الولايات المتحدة. وتطلعت وأفراد أسرتي إلى النتائج. وكان بعضهم يتساءل بفضول «ماذا إذا كان أصلنا كذا؟» محلقين في سماء الشرق الأوسط وأدغال إفريقيا السوداء وبلاد الهند وأقصى شرق آسيا… كنتُ آنذاك أردد «لا تهم أصولنا العرقية، وإنما مشاعرنا الإنسانية». وكنتُ أؤمن بأنّ «الإنسانية لا تفضّل أحداً على الآخر.. ولا تميّز بين البشر لاختلاف الأصل أو العرق أو اللون أو الدين أو الجنس أو اللسان… كالأم الحنون التي لا تميّز بين أبنائها، من لحمها ودمها». وكنت أؤمن بأن نتائج الاختبار لن تغير نظرتي إلى نفسي، ولا إلى هؤلاء البشر من حولي، ولستُ أرى نفسي غير بشر بين كل البشر. بعد أسابيع، وصلتنا رسالة إلكترونية تحمل نتائج التحليل من خلال رابط خاص.

بدت النتائج منطقية ومرضية تعكس البيئة التي نشأتُ فيها وما عرفته عن تاريخها، وتعكس أيضاً ملامحي الخارجية: 38٪ شمال إفريقيا + 15٪ الشرق الأوسط. كما أكد الاختبار الأصل الأوروبي من جانب الأم بنسبة مذهلة 27٪ أوروبا الجنوبية + 9٪ شبه جزيرة إيبيريا. ومهما كان، فإنّ تحاليل الحمض النووي التي حققت خلال عقود قليلة نتائج وإنجازات مذهلة تعِد بمستقبل زاهر للبشرية، خاصة مع اتساع الأبحاث وتطوّر تقنيات الاختبارات وزيادة حجم قاعدة البيانات.

٭ كاتب جزائري – بريطانيا

No comments:

Post a Comment