Friday, 23 December 2016

واقع الأدب الجزائري مولود بن زادي الرواية الجزائرية تعاني لغة ومضمونا واللوم يقع على كل من الروائي والناقد الأكاديمي

الأدب الجزائري، حوار مع الكاتب المهجري مولود بن زادي من بريطانيا الكاتب المغترب مولود بن زادي لصحيفة "الفكر":
الرواية الجزائرية تعاني لغة ومضمونا واللوم يقع على كل من الروائي والناقد الأكاديمي..

س1 هل لنا ان تعرفنا بشخصكم الفاضل؟
ربما أذكر لك بعض ما جاء في تعريف موسوعة ويكيبيديا التي دخلتها لأول مرة بفضل جهود ناشرين أشقاء من مصر في الأيام القليلة الماضية: "مولود في كاتب مهجري ولغوي وناقد ومحرر مقالات. لغة المؤلفات: العربية والإنجليزية الفرنسية. الصنف: الرواية، المقالة، النقد، المعاجم. الحركة: أدب المهجر. الصنف الأدبي: الواقعية، السيرة الذاتية، أدب البوح، الرومانسية. متأثر بأدباء من أمثال ميخائيل نعيمة، جبران خليل جبران، توفيق الحكيم، طه حسين، المنفلوطي. مهنته: مترجم ورسام. من أعماله البارزة : -معجم الزاد للمترادفات والمتجانسات العربية الأول من نوعه في الجزائر وبلاد المغرب العربي - من الكتب الأكثر مبيعا في الجزائر فقد بيع منه أكثر من 3000 نسخة مع نفاد طبعتين خلال أقل من عامين على نشره. -رواية "رِيَاحُ القَدَر" العاطفية الاجتماعية الواقعية". من أقواله:
"منَ الصَّعْبِ أنْ يَكُونَ المَرْءُ نَزِيهاً في زَمَنِ الغِشِّ والافْتِرَاء،
أوْ أنْ يَكُونَ مُسَالِماً وهُوَ يَتَعَرَّضُ للتَّهْدِيد والعِدَاء،
أوْ أنْ يَكُونَ لَطِيفاً وهُوَ لا يَلْقَى مِنْ غَيْرِهِ غَيْرَ الجَفَاء،
أوْ أنْ يَكُونَ ذَكِيّاً وهُوَ لا يُبْصِرُ مِنْ حَوْلِهِ إلاَّ الغَبَاء،
أوْ أنْ يَكُونَ قَوِيّاً وهُوَ يَحْيَا بَيْنَ قَوْمٍ ضُعَفَاء،
أوْ أنْ يَكُونَ شُجَاعاً وهُوَ لا يَسْمَعُ غَيْرَ تَشَكِّي الجُبَنَاء."

س2 منذ متى بدأت رحلتك مع الادب؟
بدأ اهتمامي بالأدب وأنا صغير. كنت شغوفا بالقراءة، فكنت أصرف جل وقتي في غرفتي فأسبح بعيدا في بحر القراءة الفسيح فأتدحرج بين أمواجه وأتيه في أجوائه وكم كنت مولعا بالرواية. مع مر الزمن أخذت أشعر بنزعة جارفة إلى الكتابة. بدأت بكتابة المقالات والقصص القصيرة صدر بعضها في صحف جزائرية كان آخرها قصة قصيرة عنوانها "عروس القاعة" وأنا طالب في معهد الترجمة نشرتها جريدة المساء قبيل رحيلي من أرض الوطن.

س3 ما هي اهم المحطات الادبية التي وقفت عندها في مسارك الادبي ؟ المقالة هي بلا ريب أول محطة في رحلتي الأدبية. فقد بدأت أكتب المقالة وأنا صغير وبدأت أنشر المقالة في الصحف قبل أي شيء آخر. وربما هذا ما يعكس استمراري في كتابة المقالة وسعيد بإعجاب الجماهير بمقالاتي الأدبية وهي مقالات يراها الكثير من القراء والإعلاميين عميقة وفيها أدلة وشواهد. وسعيد أيضا بتداول الصحف والمواقع العربية لمقالاتي وسعيد بوصولها إلى جماهير واسعة في الوطن العربي.  المحطة الثانية التي توقفت عنها كانت قصة الأطفال متمثلة في قصة "الغزالة المغرورة"، وبعد ذلك الرواية وهنا اخترت طريق الرواية الاجتماعية الدرامية الواقعية متمثلة في رواية "عبرات وعبر". بعدها وبحكم تخصصي في الترجمة وتعلقي باللغة صرفت وقتا طويلا في تصنيف معجم الزاد للمترادفات والمتجانسات العربية وهو الأول من نوعه في الجزائر وبلاد المغرب العربي، ويسعدني أن أبلغكم أن هذا المعجم من الكتب الأكثر مبيعا في الجزائر حيث بيع منه أكثر من 3 ألاف نسخة مع نفاد طبعتين خلال أقل من سنتين! وفي هذه اللحظة التي أرد فيها على أسئلتكم فقد نفدت نسخ المعجم في جل المدن ونحتاج إلى إصدار طبعة ثالثة عاجلا لأن الطلب على المعجم مستمر وكبير وفاق كل توقعاتي!
بعد المعجم الذي استنفد كل طاقتي وشغل وقتي، عدت إلى الرواية فنشرت رواية "رِيَاحُ القَدَر" العاطفية الاجتماعية الواقعية ورغم مشكلة النشر والتوزيع فإن الإقبال عليها في بعض المدن مثل سطيف وبسكرة قد فاق كل توقعاتي. ومرة أخرى لا أخرج عن إطار الرواية الواقعية.
س4 ما هو تقييمك للرواية في الجزائر بصفة خاصة وفي العالم العربي بصفة عامة ؟
للأسف تبقى الرواية الجزائرية والعربية تعاني لا سيما من ناحية اللغة والأفكار مقارنة بالرواية الأوربية والعالمية. واللوم في ذلك يقع على:
. الروائي الذي وقع في فخ النرجسية وبقي حبيساً في قفص ضيق بناه بيديه وتشبث به ورفض الخروج منه. نراه يسابق الزمن لنشر رواية كل سنة يشارك بها في معرض الكتاب ويجتهد لبيعها بالتوقيع ونراه يكرر نفسه في هذه الأعمال وهو لا يدري، وينشر أعمالا مستعجلة تحمل أخطاء فادحة في حق لغة اختار الكتابة بها بدلا من التريث ومراجعة النفس ومحاولة إيجاد شيء جديد وإبداع جديد. فالأدب لا يقاس بالكم وإنما بالنوع والجودة.
. بعد ذلك يقع اللوم على الناقد الأكاديمي الذي أخفق في أداء رسالته وعمله، فبدلا من الاستقلال عن الروائي، نراه خاضعا لفئة قليلة من الأقلام المعروفة يخدمها ويحمي مصالحها. نحن اليوم لا نرى الناقد يبرز عيوب الأصدقاء! نراه يجاملهم، فهو بذلك يسخر منهم ومن نفسه. النتيجة؟ دراسات نقدية تعتمد على المجاملة لا يكتشف من خلالها الروائي عيوبه! ومن لا يرى عيوبه ونقاط ضعفه لن يعرف التخلص منها! لهذا يتكرر فشل الروائي الجزائري في مواجهة الأدباء العرب والعالميين، وهذه حقيقة واضحة! وفي الوقت الذي يتهافت هؤلاء النقاد على أعمال فئة قليلة من الكتاب، تبقى أعمالنا في الخفاء محرومة من الدراسات النقدية وهو ما يخلق سوء توازن وعدم تكافؤ الفرص بين أدباء الجيل القديم والجيل الجديد.

. اللوم يقع أيضا على المجتمع الذي لا يهتم بالقراءة ولا بالاستثمار في الكتاب والنشر والثقافة. وهذا ما جعلني أقول في إحدى المقالات إنّ الأمم الأخرى أحق منا بالجوائز ومنها جائزة نوبل.

س5 في صحيفة  "الاوراس نيوز" بدا تأسفك واضحا على دعم الروائية أحلام مستغانمي للروائي سفيان مخناش وقلت ببند عريض " دعم أحلام مستغانمي لمخناش يشبه دعم دولة عظمى لدولة صغيرة تسير في فلكها! الا تعتبر هذا تهجما على الروائي سفيان مخناش؟
لا، أبداً، لأن التهجم يعني الاعتداء ومهاجمة شخص بغير حق. لكن الأمر كان مختلفا لأني كتبت بكل موضوعية واعتمدت على أدلة وشواهد بينة لا تدع مجالا للشك ولم أتعرض إلى شخصه بأي شكل من الأشكال. فمن خلال تلك المقالة التي تناقلتها صحف ومواقع عربية كثيرة وأحدثت ضجة في الوطن العربي، حاولت القراءة بين الأسطر والنظر إلى ما وراء الشكل والقشرة إلى اللباب. فقد رأيت:
. أولاً : من الغريب أن ينقل الروائي سفيان مخناش أفكار وأسلوب أحلام مستغانمي بل ومقاطع من روايات أحلام مستغانمي ويضعها في رؤيته! لأنه إن فعل ذلك فقد وقع في فخ السرقات الأدبية والفكرية وقد سبق أن كتبت عن موضوع السرقات الفكرية في صحيفة القدس العربي اللندنية وهي غير أخلاقية ولا مبرر لها ولا تليق بأي أديب.
. ثانياً: من الغريب أن يكون رد فعل أحلام مستغانمي على روائي نقل أفكارها ولغتها مباركةَ روايته وهي عمل يبدو طبق الأصل لأعمالها! فالتفسير الوحيد لذلك هو دعم أحلام مستغانمي (هذه الدولة العظمى) لدولة صغيرة تسير في فلكها وتكتب بأسلوبها وتشهد بإعجابها بها وولاءها لها!
س6 ترى أن الأدب في عصرنا بات يخدم المصالح الشخصية وقد شبهته بالسياسة وبدى موقفك معارضا للروائيين الكبار امثال احلام مستغانمي وواسيني الاعرج من خلال  تأييدهم للأقلام الناشئة التي تسير على نهجهم وتدافع عنهم وتخدم مصالحهم! كيف ذلك؟
للأسف صرنا نشاهد مثل هذه التصرفات من شخصيات أدبية كبيرة وهذا في تصوري شيء مؤسف ويسيئ إلى المشهد الأدبي ومن شأنه أن يشوه صورة هؤلاء الأدباء أمام الأجيال القادمة.. ومن شأنه أيضا أن يقضي على مبدأ تكافؤ الفرص وأن يحدث اختلال توازن في هذا المشهد، بل من شأن هذا التدخل من "القوى العظمى" خلق نجوم أدبية بين عشية وضحاها قد لا تكون جديرة بالنجومية، تخطف الأنظار عن بقية المواهب الأدبية التي لا تجد من يعينها. ونحن لا نرى مثل هذه التصريحات والتدخلات من الأقلام الكبيرة في المجتمعات الغربية المتحضرة فلماذا نراه عندنا؟! نصيحتي إلى الأقلام الكبيرة: إذا أراد هؤلاء خدمة رسالة الأدب ينبغي عليهم التزام الحياد. فالقارئ لا يحتاج إلى رأي أحد، فهو قادر على اختيار ما هو أفضل وأنسب والأدب يخضع للميول والأذواق، وميول البشر وأذواقهم تختلف طبعا! إن أرادوا خدمة الأدب حقا، ينبغي عليهم أيضا فتح أبواب المشهد الأدبي المقفلة في وجوهنا وفسح مجال للمشاركة لنا إلى جانبهم، وأيضا دعوة النقاد الخدم - الذين يتهافتون على أعمالهم المستهلكة من الناحية النقدية - إلى الالتفات قليلا إلى أعمالنا المحرومة من النقد.. بدلا من دعم قلم على حساب أقلام ضمن دعاية مكشوفة.
س7 لماذا قاطعت المعرض الدولي للكتاب هذه السنة؟
ليست هذه أول سنة فأنا أقاطعه منذ أن دخلت عالم الادب. فمبدئي من معرض الكتاب في الجزائر واضح ولن يتغير: لن أشارك في معرض كتاب تمنح فيه دعوات المشاركة إلى فئة قليلة وأحرم منها. أنا روائي مثل هؤلاء الروائيين، فلماذا يتلقون دعوات من الهيئات المنظمة وأحرم منها مع أني صنفت معجما هو الأول من نوعه في الجزائر وهو اليوم من الكتب الأكثر مبيعا في الوطن؟! ثم ما الفائدة من معرض كتاب تؤكد التقارير أن الكتب الأكثر مبيعا فيه هي كتب أكاديمية أو دينية أو كتب الطبخ، وفي مجتمع معروف بعزوفه عن القراءة؟!
س8 ما هي مشاريعكم المستقبلية في عالم الادب؟
أنا الآن منشغل بكتابة رواية جديدة، حوارية على منوال رواية "يا ابن آدم" للأديب الرائع ميخائيل نعيمة وتتناول موضوع الصداقة في هذا العصر والمحبة والإنسانية. وقد بلغت الآن فصولها الأخيرة وأتوقع صدورها في مطلع العام المقبل. تعلمت عدم التسرع في الكتابة ولا يهمني الكم. ما يهمني هو أن يكون العمل عند حسن ظن القراء وهو ما حصل بعد نشر الروايتين السابقتين والحمد لله.
س9 هل مولود بن زادي راضٍ عما حققه إلى حد الآن؟
بالتأكيد.. فرغم عدم تكافؤ الفرص ومشاكل النشر والتوزيع والدعاية الإعلامية والنقد وعدم تلقي دعوات للمشاركة في المعارض والمهرجانات والندوات كبقية الزملاء، ها هو معجم الزاد للمترادفات والمتجانسات العربية اليوم من أكثر الكتب رواجا في الجزائر وهذا إنجاز عظيم. وها هي نسخ أول رواية لي "عبرات وعبر" تنفد في مكتبات ولاية غرداية بعد أسابيع قليلة من نشرها فيها. وها هم طلبة الجامعات يتسابقون لاعتماد رواية "رياح القدر" مذكرة تخرج ماستر وليسانس في بعض الجامعات. وها هي مقالاتي باللغة العربية تحدث ضجة في الوطن العربي وتتناقلها شتى الصحف والمواقع. وها هو اسمي يتردد في صحف خليجية. وها هو العالم المتحدث باللغة الإنجليزية يتداول أقوالي باللغة الإنجليزية وهي ليست لغتي الأم! وثمة مواقع انجليزية كثيرة تنشر مقتبساتي بدون علمي، وبعض أقوالي وزعه انجليز وآخرون في أنحاء العالم عبر شبكة التوتير ووسائل التواصل الاجتماعي الأخرى وهو نجاح كبير لشخص لغته الأم العربية، ويكفي أن تكتب اسمي باللغة اللاتينية لتشاهد كل هذه المواقع العالمية التي تناقلت ما كتبت.

أتقدم بخالص الشكر والتقدير للقائمين على صحيفة الفكر وأشكر أيضا جزيل الشكر الإعلامي القدير قوادرية سالم العامري الذي أجرى هذا الحوار

No comments:

Post a Comment