مأساة النشر \
الكاتب مولود بن زادي يكشف ل صحيفة "ثقافيات" اللبنانية:
"دار 'كرم الله' للنشر تحجز روايتي "رِيَاحُ القَدَر" وتحول دون مشاركتها في الصالون الدولي للكتاب في الجزائر أكتوب\تشرين الأول ٢٠١٥"!!
(أتقدم بخالص الشكر والتقدير للقائمين على صحيفة" ثقافيات" اللبنانية، وأخص بالذكر المديرة المحترمة كلود. رابط المنشور :
http://claudeabouchacra.com/?p=21788)
قد يبدو الخبر غير معقول، لكنه للأسف حقيقي..
بعدما فرغت من كتابة رواية "رِيَاحُ القَدَر" وبحكم خيبة أمل سابقة مع دور النشر، ارتأيت الاتصال بدور النشر الكبرى التي ينشر فيها كبار الكتاب بانتظام، غير أنها رفضت التعامل معي.
وبحكم بعدي عن أرض الوطن، استعنتُ بأصدقاء في الجزائر، فاقترحوا دار "كرم الله" ومقرها في حي القبة بالجزائر العاصمة. فاتصلت بمكتبها وتواصلتُ مع المديرة التي أكدت لي أن دار النشر تحظى بمقام رفيع بين دور النشر في الجزائر وأنها تمتاز باحترافية عالية وتتعامل مع موزعين محترفين أوفياء لها يغطون كامل التراب الوطني، وأكدت أن رواية "رياح القدر" ستوزّع في ٤٨ ولاية من البحر المتوسط إلى أقصى الجنوب ومن شرق البلاد إلى غربها، بمجرد انتهاء الصالون الدولي للكتاب.
ووافقت على نشر الرواية بالمناصفة وتم الاتفاق على المبلغ وكل شيء قبل سفري إلى الجزائر. فانشرح صدري لكلامها، وعظمت ثقتي بها. وازدادت ثقتي بها يوم التقيتها في مكتبها لتوقيع العقد. بدت متواضعة في سلوكها، حكيمة في كلامها. كانت ترتدي حجابا ملتزما، تلوح في وجهها علامات الإيمان والتقوى والعفة.
وجلست انتظر تحرير العقد. كانت تزيّن جدران مكتبها الصغير - الواقع في أحد الأحياء الشعبية بالعاصمة - لوحات قرآنية مزخرفة بأجمل الأشكال والألوان تؤكد طابعها المتدين والملتزم. وبعد قرابة ساعتين عرضت العقد أمامي، وإذا به ينصّ على أني أدفع نصف المبلغ عند توقيع العقد وأتعهّد بدفع بقية المبلغ عند نشر الرواية! استغربت لذلك لأنني اتفقت معها مسبقا على أن يكون النشر بالمناصفة! فأين المناصفة التي اتفقنا عليها؟! فلما واجهتها بالأمر بدت مرتبكة. قالت مترددة: قلتُ في نفسي لعلّ ذلك أفضل لك... أنت تدفع كل التكلفة وتكسب كل الفائدة!... ذلك خير لك من المناصفة..
وفي آخر الأمر قامت بتصحيح العقد ونشرنا العمل بالمناصفة مثلما اتفقنا من أول يوم.
وشاركنا في معرض الكتاب، وكان الإقبال على الرواية الواقعية كبيرا بشهادة المديرة نفسها والسكرتيرة والأصدقاء.
وانتهى المعرض وتطلعت إلى مشاهدة الرواية في كل ولايات القطر كما اتفقنا. ومرت أسابيع وأشهر والرواية لم تبرح دار النشر، وكلما اتصلتُ بالمديرة قالت ستوزع هذا الأسبوع ولم يحصل شيء! فوجدت نفسي في آخر الأمر مضطرا إلى سحب قسم من النسخ وتوزيعها بنفسي في انتظار قيام دار النشر بتوزيع البقية. واجتهدت من بريطانيا رفقة الأهل والأصدقاء وتمكنا في آخر الأمر من إيصال الرواية إلى الجزائر العاصمة وسطيف وبسكرة وباتنة وغرداية وورقلة. ومع زيادة الطلب على الرواية التمستُ بقية النسخ، فوعدتْ بتسليمها لنا فورا. ومرت الأسابيع والشهور ولم تف بوعدها!
واستطاع أحد الأصدقاء الاتفاق مع دار نشر على عرضِ رواية رياح القدر في الصالون الدولي للكتاب آخر الشهر، فاتصلت أنا وأقاربي بالمديرة مرارا وتكرارا لكنها لم تف بوعودها. وصارت لا ترد على مكالماتنا. يرنّ هاتفها الجوال فنسمع نغمات الآيات القرآنية ولا نسمع صوتها، ولا نلقى ردها. فبعدما فوتت علينا فرصة توزيع الرواية، ها هي اليوم تفوت علينا فرصة مشاركة الرواية في معرض الكتاب الدولي في الجزائر. وتبقى بقية نسخ رواية رياح القدر محتجزة دون محاكمة، لا نعرف تحريرها من قبضتها!
إنها خيبة أمل أخرى تتعرض لها رواية "رِيَاحُ القَدَر" العاطفية الاجتماعية الدرامية تضاف إلى الإقصاء الذي تعرضت له منذ البداية، فقد رفضتها دور النشر الكبرى، وغض النقاد أبصارهم عنها، ورفضت مواقع أدبية مثل "أبوليوس الرواية الجزائرية" التعريف بها ونشر مقتطفات منها على صفحاتها وإشراكها في مسابقات أفضل رواية لسنة 2014. ورغم ذلك أحدثت الرواية ضجة فاقت كل تصوراتي، فهي الآن من الروايات الأكثر رواجا في عدة ولايات ويطلبها الأصدقاء باستمرار، وها هي الطبعة الأولى تكاد تنفد، رغم أني أحيا بعيداً عن أرض الوطن ولا أحضر معارض الكتاب ورغم نقص الدعم الإعلامي وعدم دعوتي إلى مظاهرات ثقافية. ورغم خيبة الأمل، فإني أفكر في الطبعة الثانية لأن الطلب عليها متواصلا وما طُبع منها يكاد ينفد بعد أقل من سنة من صدورها. وما زلت أبحث عن دار نشر محترمة تستطيع إيصال أعمالي إلى القراء في كامل التراب الجزائري وخارجه.
مولود بن زادي صاحب معجم الزاد للمترادفات والمتجانسات العربية
لندن المملكة المتحدة