مقطع من الحوار الذي وصل إلى 2438 شخص خلال 17 ساعة تلبية لرغبة أصدقاء اقترحوا أن أنشر مقاطع هامة بدلا من الحوار الطويل:
الصحفي :
مولود بن زادي لم يتوقف عند الرواية ولا حتى عند المعجم الذي يتطلب الجهد والوقت، فقد تعدّى ذلك إلى مجال النقد. لماذا النقد؟
بن زادي :
لأن للنقد صلة وطيدة بالأدب، والمقالة النقدية هي لون من ألوان الأدب الحديث. من مهام النقد كشف ما في النص الأدبي من نقائص وعيوب ليس إساءة للنصّ والمُؤلِّف وإنّما لتصحيح الكتاب وتشذيبه وصقله، فيكون في أفضل حال في الطبعة المقبلة، ويستفيد منه المؤلِّف فتكون أعماله المقبلة أسلم وأفضل. وأنّى للأديب أن يدرك ما في كتابه من نقائص وشوائب من غير نقد! "لو نطق الأدب وسألته أيحتاج إلى النقدِ، لقال: هو له ظلّ ورفيق للأبدِ"
إن لم نمارس النقد ستستمر الأخطاء وسيتوارثها الآخرون عنا للأبد. ومثال على ذلك الرواية الحائزة على جائزة نوبل (الزقاق المدق) للأديب نجيب محفوظ مع كامل احترامنا لهذا الأديب العظيم، فالأخطاء التي كشفتُها في مقالتي الأخيرة ظلّت تنتقل من طبعة إلى أخرى لأكثر من نصف قرن ولم يشر إليها أحد قبلي! لا أحد منا في عصمة من الخطأ وبذلك فلا أحد في عصمة من النقد. على ما يبدو تعودنا على الأخطاء في لغتنا - وكلنا يقع فيها - حتى أصبحت شيئا عاديا في ثقافتنا لا أحد يهتم بها وبعض النقاد يتحدث عن تصيد أخطاء بسيطة مع أنها تمس أحكام اللغة وصلب اللغة، ولا أحد يرتكب مثل هذه الأخطاء في اللغات الأوربية ولو أرتكبها أحد لما تسامح مع ذلك اللغويون والمجتمع.
الصحفي :
ولماذا اخترت مواطنتك أحلام مستغانمي في أول مقالة نقدية لك من بين كل الأدباء؟
بن زادي :
سأكون صريحا معك ولن أجيبك إجابة ديبلوماسية مضلّلة. أنا لم انتقد أحلام مستغانمي من باب المصادفة. أنا اخترت أحلام لأنها كانت في القمة! لنكن واقعيين ولو للحظة! إذا نظرنا إلى لوحة زيتية تمثّل منظرا طبيعيا فإننا في بادئ الأمر لن ننظر إلى الأشياء الصغيرة الدقيقة فيها وإنّما إلى الأشياء الكبيرة الملفتة للانتباه مثل الحقول الرحبة، والبحار الواسعة، والأشجار الباسقة، والجبال الشامخة. وإن نظرنا إلى الجبال فإننا في العادة نجلّي بأبصارنا إلى قممها المرتفعة وهذه هي طبيعة البشر. فمن الطبيعي أن أهتم في بادئ الأمر بكاتبة بوزن أحلام مستغانمي توجد في قمّة الهرم الأدبي ليس فحسب في الجزائر وإنّما في الوطن العربي ومن غير منازع بدلا من كتاب آخرين يحاكونها ويقلّدون أسلوبها.
لكنّي لم أقصد الإساءة إلى أحلام بأي حال من الأحوال وخير دليل على ذلك أني كشفت فيما بعد في مقالة نقدية أخرى أخطاء طه حسين بعنوان "من أخطاء أحلام مستغانمي والمحدثين إلى أخطاء عميد الأدب العربي طه حسين" مع أني من عشاق هذا الأديب ومن المتأثرين به. وكشفت في وقت لاحق أخطاء نجيب محفوظ أيضا في مقالتي الأخيرة التي نشرتها حصريا اليومية الجزائرية "صدى الشرق". فأنا لا أمقت أحدا وإنّما أمقت الأخطاء وانتهاك أحكام اللغة...
http://www.elwatandz.com/culture/15805.html
بن زادي - لندن