Friday, 29 May 2015
مولود بن زادي يدعو إلى إعادة بعث النقد اللغوي لتطهير الأعمال الأدبية وحماية اللغة العربية Mon article dans le quotidien londonien AL-QUDS مقالتي في يومية "القدس العربي" الصادرة في لندن. (كان بلا شك اول كاتب يختص في كتابة النقد اللغوي في هذا القرن وبقدر كبير امتد ليشمل أعمال كبار الأدباء من أمثال نجيب محفوظ وطه حسين وأحلام مستغانمي، بل وامتد لأول مرة ليتناول أعمالا نقدية لنقاد من أمثال سعاد العنزي ليس من عادة النقاد تناولها.. وكان أول كاتب يستعمل عبارة "نقدُ النقد" في نقده دراسات نقدية. وها هو اليوم ولأول مرة - من خلال هذه المقالة - يدعو رجال الأدب والنقد والفكر إلى إحياء النقد اللغوي واستخدامه منهجاً في النقد... فالنقد اللغوي كان موجودا وهو الأول والأصل، وقد حان الوقت لعودته الآن لأن سيل الأخطاء في الأعمال الأدبية قد بلغ الزبى! الاقتراح هذا يُعرَض اليوم على هذا الجيل وإن لم يتجاوب معه بقي الاقتراح قائما معروضا أمام الأجيال القادمة بحول الله. مولود بن زادي - باريس مايو 2015) المقالة\ الأعمال الأدبية والأخطاء اللغوية: آن الأوان لعودة النقد اللغوي لحماية اللغة العربية "نشرت آنفا عدّة مقالات نقدية لغوية تناولت أعمالا روائية رائدة كشفتُ فيها جملة من الأخطاء اللغوية والنحوية والصرفية وشوائب أخرى وقع فيها الواقعون من كبار الأدباء ، وكشفتُ عن الوجه الصحيح لها. وإنّي مؤهّل لذلك لأنّي في حقل الترجمة واللغة وصاحب معجم الزاد للمترادفات والمتجانسات العربية وهو الأول من نوعه في الجزائر وبلاد المغرب العربي. وما نقدتُ هذه الأعمال حطّاً من قيمتها، ولا إساءةً إلى أصحابها، وإنما لننتبه جميعاً لأخطائها، ونسعى معا لتصحيحها، ونحرص على عدم الوقوع في مثلها، وحتى لا يتعلّمها أطفالنا منّا، وتتوارثها الأجيال من بعدنا. وما لبث أن انهال عليّ الأدباء والنقاد لوماً وذمّاً. قال قائل منهم إنّ ما أكتبه لا يخضع لمناهج النقد المعروفة، وقال آخر هذا شيء من الضبط اللّغوي لا صلة له بالنقد. والغريب في الأمر أنّ بعضهم هاجمني وانتقد منهجي في مقالات تعجّ بالأخطاء اللغوية والنحوية والصرفية والإملائية التي إن ارتكب مثلها تلامذة الصف الابتدائي يوم الامتحان سقطوا، وأذكر هنا على سبيل المثال تهجّم أحد النقاد على النقد اللغوي في مقال بعنوان "الأخطاء النحوية والإبداع"، إذ ذكر فيه عبارة: 'عشرات من الأخطاء'، وذلك خطأ والصواب أن يقول 'عشرات الأخطاء'، فهذا التعبير بلا ريب شاهد على عدم إتقانه أحكام اللسان العربي الذي يكتب به نقده، وإساءته استعمال المضاف والمضاف إليه، بل ويدلّ ذلك بلا شك على أنّه في الواقع يفكر بلغة أجنبية ثم يترجم أفكاره إلى العربية، وهذا خطأ فظيع، فاللّغة الفرنسية على سبيل المثال تحتاج في مثل هذا السياق إلى حرف الجر (de) (من) فنقول: Des dizaines de fautes والعربية، بفضل المضاف والمضاف إليه، في غنى عن ذلك. ويرمي هذا الناقد اللّغويين بالفشل فيقول 'إنّهم كتاب فاشلين جماليا' وهو لا يدري أنّه، بذلك التعبير، فاشل لغويا ونحويا، فقواعد اللغة العربية واضحة تقول 'إنّ وأخواتها' ترفع الخبر ولا تنصبه، فيقع في خطأ إلزام الجمع المذكر السالم الياء بدلاً من الواو! فالصواب هو أن يقول: 'إنّهم كتّاب فاشلون جماليا'. وها هو أحد الروائيين يفتتح روايته الجديدة بعبارة "كانت أقوالها في جلسة التحقيق ليست متناقضة" فيجمع فعلين ناقصين متناقضين في تركيب واحد! وها هي أدبية أخرى تكتب "الحصول إلى إجابة هذا السؤال" بدلا من "الحصول على إجابة هذا السؤال"، وتقول" قدرتي لفهم كذا" بدلا من "قدرتي على فهم كذا". وها هي أديبة أخرى تكتب"استحواذه بها" بدلا من"استحواذه عليها" كما جاء في القرآن الكريم:"استحوذ عليهم الشيطان فأنساهم ذكر الله أولئك حزب الشيطان ألا إن حزب الشيطان هم الخاسرون" (المجادلة-19). وها هو روائي آخر يكتب "أعطاني الإحساس أنه فعل كذا" وهو ترجمة ركيكة للعبارة الفرنسية il m'a donné l'impression والعرب قالوا بدلا من ذلك "أشعرني وأوهمني... وغير ذلك من التعابير العربية الفصيحة". و ها هم كتاب كثيرون يملؤون مؤلفاتهم بالحشو ومنه ما يعرف في علم البلاغة بالتطويل كاستعمال مترادفات لها نفس المعنى أو معنى متقارب والاستغناء عن إحداها لا يؤثّر في المعنى مثل البعد والنوى، والحزن والشجن، والحظ والنصيب. وها هم روائيون كثيرون يملؤون أعمالهم الروائية بالحوارات العامية والألفاظ الأعجمية، وحتى بأحرف لاتينية، لا يفهمها إلا القليل في الوطن العربي وهم في غنى عن ذلك، و هل شاهدنا يوما نصوصا روائية غربية فيها كلمات بأحرف عربية؟! ... وهذه أدلة أخرى على ما آل إليه الأدب العربي اليوم في غياب الرقابة اللغوية! يبدو أنه قد غاب عنه وعن نقاد آخرين بأنَّ المنهج الأدبي قد ولد من رحم المنهج اللغوي الذي يعدُّ الركيزة الرئيسة التي استند إليها النقاد العرب في بلورة آرائهم النقدية.وغاب عنهم أنّ جلّ الباحثين الأوائل الذين درسوا الشعر العربي كانوا في واقع الأمر علماء لغة قبل أن يكونوا نقاداً أو أدباء! وحتى النقد المعاصر كان في بداية نشأته في القرن التاسع عشر وفي القرن العشرين يتميز بغلبة الطابع اللغوي عليه. وقد تجلّى ذلك في أعمال ثلاثة من كبار كتاب هذه الحقبة وهم: أحمد فارس الشدياق وإبراهيم اليازجي وحسين المرصفي، فقد عني الشدياق بنقد المعاجم وألّف في ذلك كتابه (الجاسوس على القاموس)، وعني اليازجي بنقد لغة الجرائد وألف في ذلك كتابه (لغة الجرائد) الذي أحصى فيه أخطاء لغوية مختلفة وكشف عن الوجه الصحيح لها. وعني حسين المرصفي في كتابه (الوسيلة الأدبية) بدعوة الأديب للعناية باللغة وقواعدها وضبط مفرداتها. ولستُ أدري لماذا يخلط هؤلاء النقاد المحدثون بين الضبط اللغوي والنقد، والفرق بينهما شاسع بيّن. فالتصحيح يكون عادة قبل نشر الأعمال الأدبية، يقوم به الكاتب نفسه وهو طبعاً الناقد الأول لأعماله وقد يقوم بذلك مصحّح رفقته أو بدلاً منه. أما بعد النشر فكل دراسة لتلك الأعمال تُعدّ نقداً بما في ذلك كشف الأخطاء النحوية والشوائب اللغوية وما أكثرها في مؤلفات هذا العصر. وإني أوضح لهؤلاء أنه يحق للناقد أن ينقد أي عمل من الأعمال المنشورة من روايات وأشعار ومعاجم ومقالات صحفية، ويحق له نقد كلّ ما أعدّ في النقد من دراسات ومقالات، ولا عيب في ذلك على الإطلاق. لقد تراجع النقد اللغوي ليفسح المجال للنقد الأدبي الذي وإن تناول الفكرة والأسلوب معا إلا أنه أهمل اللغة وشوائب اللغة، ومعلوم أن من شروط الكتابة إتقان اللغة، فاستهان الأدباء بأحكامها وعاثوا فيها فسادا في زمننا هذا أكثر من أي وقت مضى. وإنّي، لكثرة الأخطاء وفداحتها وما تحمله من أخطار على اللغة والنشء والأجيال المقبلة، أدعو اليوم إلى إعادة بعث النقد اللغوي كمنهج نقدي مستقل أو مكمّل للنقد الأدبي، لإنقاذ أعمالنا الأدبية وحماية لغتنا العربية." مولود بن زادي - كاتب مقيم في بريطانيا خالص الشكر والتقدير لصحيفة القدس العربي والقائمين عليها. Mon article dans le quotidien londonien AL-QUDS مقالتي في يومية "القدس العربي" الصادرة في لندن. (كان بلا شك اول كاتب يختص في كتابة النقد اللغوي في هذا القرن وبقدر كبير امتد ليشمل أعمال كبار الأدباء من أمثال نجيب محفوظ وطه حسين وأحلام مستغانمي، بل وامتد لأول مرة ليتناول أعمالا نقدية لنقاد من أمثال سعاد العنزي ليس من عادة النقاد تناولها.. وكان أول كاتب يستعمل عبارة "نقدُ النقد" في نقده دراسات نقدية. وها هو اليوم ولأول مرة - من خلال هذه المقالة - يدعو رجال الأدب والنقد والفكر إلى إحياء النقد اللغوي واستخدامه منهجاً في النقد... فالنقد اللغوي كان موجودا وهو الأول والأصل، وقد حان الوقت لعودته الآن لأن سيل الأخطاء في الأعمال الأدبية قد بلغ الزبى! الاقتراح هذا يُعرَض اليوم على هذا الجيل وإن لم يتجاوب معه بقي الاقتراح قائما معروضا أمام الأجيال القادمة بحول الله. مولود بن زادي - باريس مايو 2015) المقالة\ الأعمال الأدبية والأخطاء اللغوية: آن الأوان لعودة النقد اللغوي لحماية اللغة العربية "نشرت آنفا عدّة مقالات نقدية لغوية تناولت أعمالا روائية رائدة كشفتُ فيها جملة من الأخطاء اللغوية والنحوية والصرفية وشوائب أخرى وقع فيها الواقعون من كبار الأدباء ، وكشفتُ عن الوجه الصحيح لها. وإنّي مؤهّل لذلك لأنّي في حقل الترجمة واللغة وصاحب معجم الزاد للمترادفات والمتجانسات العربية وهو الأول من نوعه في الجزائر وبلاد المغرب العربي. وما نقدتُ هذه الأعمال حطّاً من قيمتها، ولا إساءةً إلى أصحابها، وإنما لننتبه جميعاً لأخطائها، ونسعى معا لتصحيحها، ونحرص على عدم الوقوع في مثلها، وحتى لا يتعلّمها أطفالنا منّا، وتتوارثها الأجيال من بعدنا. وما لبث أن انهال عليّ الأدباء والنقاد لوماً وذمّاً. قال قائل منهم إنّ ما أكتبه لا يخضع لمناهج النقد المعروفة، وقال آخر هذا شيء من الضبط اللّغوي لا صلة له بالنقد. والغريب في الأمر أنّ بعضهم هاجمني وانتقد منهجي في مقالات تعجّ بالأخطاء اللغوية والنحوية والصرفية والإملائية التي إن ارتكب مثلها تلامذة الصف الابتدائي يوم الامتحان سقطوا، وأذكر هنا على سبيل المثال تهجّم أحد النقاد على النقد اللغوي في مقال بعنوان "الأخطاء النحوية والإبداع"، إذ ذكر فيه عبارة: 'عشرات من الأخطاء'، وذلك خطأ والصواب أن يقول 'عشرات الأخطاء'، فهذا التعبير بلا ريب شاهد على عدم إتقانه أحكام اللسان العربي الذي يكتب به نقده، وإساءته استعمال المضاف والمضاف إليه، بل ويدلّ ذلك بلا شك على أنّه في الواقع يفكر بلغة أجنبية ثم يترجم أفكاره إلى العربية، وهذا خطأ فظيع، فاللّغة الفرنسية على سبيل المثال تحتاج في مثل هذا السياق إلى حرف الجر (de) (من) فنقول: Des dizaines de fautes والعربية، بفضل المضاف والمضاف إليه، في غنى عن ذلك. ويرمي هذا الناقد اللّغويين بالفشل فيقول 'إنّهم كتاب فاشلين جماليا' وهو لا يدري أنّه، بذلك التعبير، فاشل لغويا ونحويا، فقواعد اللغة العربية واضحة تقول 'إنّ وأخواتها' ترفع الخبر ولا تنصبه، فيقع في خطأ إلزام الجمع المذكر السالم الياء بدلاً من الواو! فالصواب هو أن يقول: 'إنّهم كتّاب فاشلون جماليا'. وها هو أحد الروائيين يفتتح روايته الجديدة بعبارة "كانت أقوالها في جلسة التحقيق ليست متناقضة" فيجمع فعلين ناقصين متناقضين في تركيب واحد! وها هي أدبية أخرى تكتب "الحصول إلى إجابة هذا السؤال" بدلا من "الحصول على إجابة هذا السؤال"، وتقول" قدرتي لفهم كذا" بدلا من "قدرتي على فهم كذا". وها هي أديبة أخرى تكتب"استحواذه بها" بدلا من"استحواذه عليها" كما جاء في القرآن الكريم:"استحوذ عليهم الشيطان فأنساهم ذكر الله أولئك حزب الشيطان ألا إن حزب الشيطان هم الخاسرون" (المجادلة-19). وها هو روائي آخر يكتب "أعطاني الإحساس أنه فعل كذا" وهو ترجمة ركيكة للعبارة الفرنسية il m'a donné l'impression والعرب قالوا بدلا من ذلك "أشعرني وأوهمني... وغير ذلك من التعابير العربية الفصيحة". و ها هم كتاب كثيرون يملؤون مؤلفاتهم بالحشو ومنه ما يعرف في علم البلاغة بالتطويل كاستعمال مترادفات لها نفس المعنى أو معنى متقارب والاستغناء عن إحداها لا يؤثّر في المعنى مثل البعد والنوى، والحزن والشجن، والحظ والنصيب. وها هم روائيون كثيرون يملؤون أعمالهم الروائية بالحوارات العامية والألفاظ الأعجمية، وحتى بأحرف لاتينية، لا يفهمها إلا القليل في الوطن العربي وهم في غنى عن ذلك، و هل شاهدنا يوما نصوصا روائية غربية فيها كلمات بأحرف عربية؟! ... وهذه أدلة أخرى على ما آل إليه الأدب العربي اليوم في غياب الرقابة اللغوية! يبدو أنه قد غاب عنه وعن نقاد آخرين بأنَّ المنهج الأدبي قد ولد من رحم المنهج اللغوي الذي يعدُّ الركيزة الرئيسة التي استند إليها النقاد العرب في بلورة آرائهم النقدية.وغاب عنهم أنّ جلّ الباحثين الأوائل الذين درسوا الشعر العربي كانوا في واقع الأمر علماء لغة قبل أن يكونوا نقاداً أو أدباء! وحتى النقد المعاصر كان في بداية نشأته في القرن التاسع عشر وفي القرن العشرين يتميز بغلبة الطابع اللغوي عليه. وقد تجلّى ذلك في أعمال ثلاثة من كبار كتاب هذه الحقبة وهم: أحمد فارس الشدياق وإبراهيم اليازجي وحسين المرصفي، فقد عني الشدياق بنقد المعاجم وألّف في ذلك كتابه (الجاسوس على القاموس)، وعني اليازجي بنقد لغة الجرائد وألف في ذلك كتابه (لغة الجرائد) الذي أحصى فيه أخطاء لغوية مختلفة وكشف عن الوجه الصحيح لها. وعني حسين المرصفي في كتابه (الوسيلة الأدبية) بدعوة الأديب للعناية باللغة وقواعدها وضبط مفرداتها. ولستُ أدري لماذا يخلط هؤلاء النقاد المحدثون بين الضبط اللغوي والنقد، والفرق بينهما شاسع بيّن. فالتصحيح يكون عادة قبل نشر الأعمال الأدبية، يقوم به الكاتب نفسه وهو طبعاً الناقد الأول لأعماله وقد يقوم بذلك مصحّح رفقته أو بدلاً منه. أما بعد النشر فكل دراسة لتلك الأعمال تُعدّ نقداً بما في ذلك كشف الأخطاء النحوية والشوائب اللغوية وما أكثرها في مؤلفات هذا العصر. وإني أوضح لهؤلاء أنه يحق للناقد أن ينقد أي عمل من الأعمال المنشورة من روايات وأشعار ومعاجم ومقالات صحفية، ويحق له نقد كلّ ما أعدّ في النقد من دراسات ومقالات، ولا عيب في ذلك على الإطلاق. لقد تراجع النقد اللغوي ليفسح المجال للنقد الأدبي الذي وإن تناول الفكرة والأسلوب معا إلا أنه أهمل اللغة وشوائب اللغة، ومعلوم أن من شروط الكتابة إتقان اللغة، فاستهان الأدباء بأحكامها وعاثوا فيها فسادا في زمننا هذا أكثر من أي وقت مضى. وإنّي، لكثرة الأخطاء وفداحتها وما تحمله من أخطار على اللغة والنشء والأجيال المقبلة، أدعو اليوم إلى إعادة بعث النقد اللغوي كمنهج نقدي مستقل أو مكمّل للنقد الأدبي، لإنقاذ أعمالنا الأدبية وحماية لغتنا العربية." مولود بن زادي - كاتب مقيم في بريطانيا خالص الشكر والتقدير لصحيفة القدس العربي والقائمين عليها. Mon article dans le quotidien londonien AL-QUDS مقالتي في يومية "القدس العربي" الصادرة في لندن. (كان بلا شك اول كاتب يختص في كتابة النقد اللغوي في هذا القرن وبقدر كبير امتد ليشمل أعمال كبار الأدباء من أمثال نجيب محفوظ وطه حسين وأحلام مستغانمي، بل وامتد لأول مرة ليتناول أعمالا نقدية لنقاد من أمثال سعاد العنزي ليس من عادة النقاد تناولها.. وكان أول كاتب يستعمل عبارة "نقدُ النقد" في نقده دراسات نقدية. وها هو اليوم ولأول مرة - من خلال هذه المقالة - يدعو رجال الأدب والنقد والفكر إلى إحياء النقد اللغوي واستخدامه منهجاً في النقد... فالنقد اللغوي كان موجودا وهو الأول والأصل، وقد حان الوقت لعودته الآن لأن سيل الأخطاء في الأعمال الأدبية قد بلغ الزبى! الاقتراح هذا يُعرَض اليوم على هذا الجيل وإن لم يتجاوب معه بقي الاقتراح قائما معروضا أمام الأجيال القادمة بحول الله. مولود بن زادي - باريس مايو 2015) المقالة\ الأعمال الأدبية والأخطاء اللغوية: آن الأوان لعودة النقد اللغوي لحماية اللغة العربية "نشرت آنفا عدّة مقالات نقدية لغوية تناولت أعمالا روائية رائدة كشفتُ فيها جملة من الأخطاء اللغوية والنحوية والصرفية وشوائب أخرى وقع فيها الواقعون من كبار الأدباء ، وكشفتُ عن الوجه الصحيح لها. وإنّي مؤهّل لذلك لأنّي في حقل الترجمة واللغة وصاحب معجم الزاد للمترادفات والمتجانسات العربية وهو الأول من نوعه في الجزائر وبلاد المغرب العربي. وما نقدتُ هذه الأعمال حطّاً من قيمتها، ولا إساءةً إلى أصحابها، وإنما لننتبه جميعاً لأخطائها، ونسعى معا لتصحيحها، ونحرص على عدم الوقوع في مثلها، وحتى لا يتعلّمها أطفالنا منّا، وتتوارثها الأجيال من بعدنا. وما لبث أن انهال عليّ الأدباء والنقاد لوماً وذمّاً. قال قائل منهم إنّ ما أكتبه لا يخضع لمناهج النقد المعروفة، وقال آخر هذا شيء من الضبط اللّغوي لا صلة له بالنقد. والغريب في الأمر أنّ بعضهم هاجمني وانتقد منهجي في مقالات تعجّ بالأخطاء اللغوية والنحوية والصرفية والإملائية التي إن ارتكب مثلها تلامذة الصف الابتدائي يوم الامتحان سقطوا، وأذكر هنا على سبيل المثال تهجّم أحد النقاد على النقد اللغوي في مقال بعنوان "الأخطاء النحوية والإبداع"، إذ ذكر فيه عبارة: 'عشرات من الأخطاء'، وذلك خطأ والصواب أن يقول 'عشرات الأخطاء'، فهذا التعبير بلا ريب شاهد على عدم إتقانه أحكام اللسان العربي الذي يكتب به نقده، وإساءته استعمال المضاف والمضاف إليه، بل ويدلّ ذلك بلا شك على أنّه في الواقع يفكر بلغة أجنبية ثم يترجم أفكاره إلى العربية، وهذا خطأ فظيع، فاللّغة الفرنسية على سبيل المثال تحتاج في مثل هذا السياق إلى حرف الجر (de) (من) فنقول: Des dizaines de fautes والعربية، بفضل المضاف والمضاف إليه، في غنى عن ذلك. ويرمي هذا الناقد اللّغويين بالفشل فيقول 'إنّهم كتاب فاشلين جماليا' وهو لا يدري أنّه، بذلك التعبير، فاشل لغويا ونحويا، فقواعد اللغة العربية واضحة تقول 'إنّ وأخواتها' ترفع الخبر ولا تنصبه، فيقع في خطأ إلزام الجمع المذكر السالم الياء بدلاً من الواو! فالصواب هو أن يقول: 'إنّهم كتّاب فاشلون جماليا'. وها هو أحد الروائيين يفتتح روايته الجديدة بعبارة "كانت أقوالها في جلسة التحقيق ليست متناقضة" فيجمع فعلين ناقصين متناقضين في تركيب واحد! وها هي أدبية أخرى تكتب "الحصول إلى إجابة هذا السؤال" بدلا من "الحصول على إجابة هذا السؤال"، وتقول" قدرتي لفهم كذا" بدلا من "قدرتي على فهم كذا". وها هي أديبة أخرى تكتب"استحواذه بها" بدلا من"استحواذه عليها" كما جاء في القرآن الكريم:"استحوذ عليهم الشيطان فأنساهم ذكر الله أولئك حزب الشيطان ألا إن حزب الشيطان هم الخاسرون" (المجادلة-19). وها هو روائي آخر يكتب "أعطاني الإحساس أنه فعل كذا" وهو ترجمة ركيكة للعبارة الفرنسية il m'a donné l'impression والعرب قالوا بدلا من ذلك "أشعرني وأوهمني... وغير ذلك من التعابير العربية الفصيحة". و ها هم كتاب كثيرون يملؤون مؤلفاتهم بالحشو ومنه ما يعرف في علم البلاغة بالتطويل كاستعمال مترادفات لها نفس المعنى أو معنى متقارب والاستغناء عن إحداها لا يؤثّر في المعنى مثل البعد والنوى، والحزن والشجن، والحظ والنصيب. وها هم روائيون كثيرون يملؤون أعمالهم الروائية بالحوارات العامية والألفاظ الأعجمية، وحتى بأحرف لاتينية، لا يفهمها إلا القليل في الوطن العربي وهم في غنى عن ذلك، و هل شاهدنا يوما نصوصا روائية غربية فيها كلمات بأحرف عربية؟! ... وهذه أدلة أخرى على ما آل إليه الأدب العربي اليوم في غياب الرقابة اللغوية! يبدو أنه قد غاب عنه وعن نقاد آخرين بأنَّ المنهج الأدبي قد ولد من رحم المنهج اللغوي الذي يعدُّ الركيزة الرئيسة التي استند إليها النقاد العرب في بلورة آرائهم النقدية.وغاب عنهم أنّ جلّ الباحثين الأوائل الذين درسوا الشعر العربي كانوا في واقع الأمر علماء لغة قبل أن يكونوا نقاداً أو أدباء! وحتى النقد المعاصر كان في بداية نشأته في القرن التاسع عشر وفي القرن العشرين يتميز بغلبة الطابع اللغوي عليه. وقد تجلّى ذلك في أعمال ثلاثة من كبار كتاب هذه الحقبة وهم: أحمد فارس الشدياق وإبراهيم اليازجي وحسين المرصفي، فقد عني الشدياق بنقد المعاجم وألّف في ذلك كتابه (الجاسوس على القاموس)، وعني اليازجي بنقد لغة الجرائد وألف في ذلك كتابه (لغة الجرائد) الذي أحصى فيه أخطاء لغوية مختلفة وكشف عن الوجه الصحيح لها. وعني حسين المرصفي في كتابه (الوسيلة الأدبية) بدعوة الأديب للعناية باللغة وقواعدها وضبط مفرداتها. ولستُ أدري لماذا يخلط هؤلاء النقاد المحدثون بين الضبط اللغوي والنقد، والفرق بينهما شاسع بيّن. فالتصحيح يكون عادة قبل نشر الأعمال الأدبية، يقوم به الكاتب نفسه وهو طبعاً الناقد الأول لأعماله وقد يقوم بذلك مصحّح رفقته أو بدلاً منه. أما بعد النشر فكل دراسة لتلك الأعمال تُعدّ نقداً بما في ذلك كشف الأخطاء النحوية والشوائب اللغوية وما أكثرها في مؤلفات هذا العصر. وإني أوضح لهؤلاء أنه يحق للناقد أن ينقد أي عمل من الأعمال المنشورة من روايات وأشعار ومعاجم ومقالات صحفية، ويحق له نقد كلّ ما أعدّ في النقد من دراسات ومقالات، ولا عيب في ذلك على الإطلاق. لقد تراجع النقد اللغوي ليفسح المجال للنقد الأدبي الذي وإن تناول الفكرة والأسلوب معا إلا أنه أهمل اللغة وشوائب اللغة، ومعلوم أن من شروط الكتابة إتقان اللغة، فاستهان الأدباء بأحكامها وعاثوا فيها فسادا في زمننا هذا أكثر من أي وقت مضى. وإنّي، لكثرة الأخطاء وفداحتها وما تحمله من أخطار على اللغة والنشء والأجيال المقبلة، أدعو اليوم إلى إعادة بعث النقد اللغوي كمنهج نقدي مستقل أو مكمّل للنقد الأدبي، لإنقاذ أعمالنا الأدبية وحماية لغتنا العربية." مولود بن زادي - كاتب مقيم في بريطانيا خالص الشكر والتقدير لصحيفة القدس العربي والقائمين عليها. Mon article dans le quotidien londonien AL-QUDS مقالتي في يومية "القدس العربي" الصادرة في لندن. (كان بلا شك اول كاتب يختص في كتابة النقد اللغوي في هذا القرن وبقدر كبير امتد ليشمل أعمال كبار الأدباء من أمثال نجيب محفوظ وطه حسين وأحلام مستغانمي، بل وامتد لأول مرة ليتناول أعمالا نقدية لنقاد من أمثال سعاد العنزي ليس من عادة النقاد تناولها.. وكان أول كاتب يستعمل عبارة "نقدُ النقد" في نقده دراسات نقدية. وها هو اليوم ولأول مرة - من خلال هذه المقالة - يدعو رجال الأدب والنقد والفكر إلى إحياء النقد اللغوي واستخدامه منهجاً في النقد... فالنقد اللغوي كان موجودا وهو الأول والأصل، وقد حان الوقت لعودته الآن لأن سيل الأخطاء في الأعمال الأدبية قد بلغ الزبى! الاقتراح هذا يُعرَض اليوم على هذا الجيل وإن لم يتجاوب معه بقي الاقتراح قائما معروضا أمام الأجيال القادمة بحول الله. مولود بن زادي - باريس مايو 2015) المقالة\ الأعمال الأدبية والأخطاء اللغوية: آن الأوان لعودة النقد اللغوي لحماية اللغة العربية "نشرت آنفا عدّة مقالات نقدية لغوية تناولت أعمالا روائية رائدة كشفتُ فيها جملة من الأخطاء اللغوية والنحوية والصرفية وشوائب أخرى وقع فيها الواقعون من كبار الأدباء ، وكشفتُ عن الوجه الصحيح لها. وإنّي مؤهّل لذلك لأنّي في حقل الترجمة واللغة وصاحب معجم الزاد للمترادفات والمتجانسات العربية وهو الأول من نوعه في الجزائر وبلاد المغرب العربي. وما نقدتُ هذه الأعمال حطّاً من قيمتها، ولا إساءةً إلى أصحابها، وإنما لننتبه جميعاً لأخطائها، ونسعى معا لتصحيحها، ونحرص على عدم الوقوع في مثلها، وحتى لا يتعلّمها أطفالنا منّا، وتتوارثها الأجيال من بعدنا. وما لبث أن انهال عليّ الأدباء والنقاد لوماً وذمّاً. قال قائل منهم إنّ ما أكتبه لا يخضع لمناهج النقد المعروفة، وقال آخر هذا شيء من الضبط اللّغوي لا صلة له بالنقد. والغريب في الأمر أنّ بعضهم هاجمني وانتقد منهجي في مقالات تعجّ بالأخطاء اللغوية والنحوية والصرفية والإملائية التي إن ارتكب مثلها تلامذة الصف الابتدائي يوم الامتحان سقطوا، وأذكر هنا على سبيل المثال تهجّم أحد النقاد على النقد اللغوي في مقال بعنوان "الأخطاء النحوية والإبداع"، إذ ذكر فيه عبارة: 'عشرات من الأخطاء'، وذلك خطأ والصواب أن يقول 'عشرات الأخطاء'، فهذا التعبير بلا ريب شاهد على عدم إتقانه أحكام اللسان العربي الذي يكتب به نقده، وإساءته استعمال المضاف والمضاف إليه، بل ويدلّ ذلك بلا شك على أنّه في الواقع يفكر بلغة أجنبية ثم يترجم أفكاره إلى العربية، وهذا خطأ فظيع، فاللّغة الفرنسية على سبيل المثال تحتاج في مثل هذا السياق إلى حرف الجر (de) (من) فنقول: Des dizaines de fautes والعربية، بفضل المضاف والمضاف إليه، في غنى عن ذلك. ويرمي هذا الناقد اللّغويين بالفشل فيقول 'إنّهم كتاب فاشلين جماليا' وهو لا يدري أنّه، بذلك التعبير، فاشل لغويا ونحويا، فقواعد اللغة العربية واضحة تقول 'إنّ وأخواتها' ترفع الخبر ولا تنصبه، فيقع في خطأ إلزام الجمع المذكر السالم الياء بدلاً من الواو! فالصواب هو أن يقول: 'إنّهم كتّاب فاشلون جماليا'. وها هو أحد الروائيين يفتتح روايته الجديدة بعبارة "كانت أقوالها في جلسة التحقيق ليست متناقضة" فيجمع فعلين ناقصين متناقضين في تركيب واحد! وها هي أدبية أخرى تكتب "الحصول إلى إجابة هذا السؤال" بدلا من "الحصول على إجابة هذا السؤال"، وتقول" قدرتي لفهم كذا" بدلا من "قدرتي على فهم كذا". وها هي أديبة أخرى تكتب"استحواذه بها" بدلا من"استحواذه عليها" كما جاء في القرآن الكريم:"استحوذ عليهم الشيطان فأنساهم ذكر الله أولئك حزب الشيطان ألا إن حزب الشيطان هم الخاسرون" (المجادلة-19). وها هو روائي آخر يكتب "أعطاني الإحساس أنه فعل كذا" وهو ترجمة ركيكة للعبارة الفرنسية il m'a donné l'impression والعرب قالوا بدلا من ذلك "أشعرني وأوهمني... وغير ذلك من التعابير العربية الفصيحة". و ها هم كتاب كثيرون يملؤون مؤلفاتهم بالحشو ومنه ما يعرف في علم البلاغة بالتطويل كاستعمال مترادفات لها نفس المعنى أو معنى متقارب والاستغناء عن إحداها لا يؤثّر في المعنى مثل البعد والنوى، والحزن والشجن، والحظ والنصيب. وها هم روائيون كثيرون يملؤون أعمالهم الروائية بالحوارات العامية والألفاظ الأعجمية، وحتى بأحرف لاتينية، لا يفهمها إلا القليل في الوطن العربي وهم في غنى عن ذلك، و هل شاهدنا يوما نصوصا روائية غربية فيها كلمات بأحرف عربية؟! ... وهذه أدلة أخرى على ما آل إليه الأدب العربي اليوم في غياب الرقابة اللغوية! يبدو أنه قد غاب عنه وعن نقاد آخرين بأنَّ المنهج الأدبي قد ولد من رحم المنهج اللغوي الذي يعدُّ الركيزة الرئيسة التي استند إليها النقاد العرب في بلورة آرائهم النقدية.وغاب عنهم أنّ جلّ الباحثين الأوائل الذين درسوا الشعر العربي كانوا في واقع الأمر علماء لغة قبل أن يكونوا نقاداً أو أدباء! وحتى النقد المعاصر كان في بداية نشأته في القرن التاسع عشر وفي القرن العشرين يتميز بغلبة الطابع اللغوي عليه. وقد تجلّى ذلك في أعمال ثلاثة من كبار كتاب هذه الحقبة وهم: أحمد فارس الشدياق وإبراهيم اليازجي وحسين المرصفي، فقد عني الشدياق بنقد المعاجم وألّف في ذلك كتابه (الجاسوس على القاموس)، وعني اليازجي بنقد لغة الجرائد وألف في ذلك كتابه (لغة الجرائد) الذي أحصى فيه أخطاء لغوية مختلفة وكشف عن الوجه الصحيح لها. وعني حسين المرصفي في كتابه (الوسيلة الأدبية) بدعوة الأديب للعناية باللغة وقواعدها وضبط مفرداتها. ولستُ أدري لماذا يخلط هؤلاء النقاد المحدثون بين الضبط اللغوي والنقد، والفرق بينهما شاسع بيّن. فالتصحيح يكون عادة قبل نشر الأعمال الأدبية، يقوم به الكاتب نفسه وهو طبعاً الناقد الأول لأعماله وقد يقوم بذلك مصحّح رفقته أو بدلاً منه. أما بعد النشر فكل دراسة لتلك الأعمال تُعدّ نقداً بما في ذلك كشف الأخطاء النحوية والشوائب اللغوية وما أكثرها في مؤلفات هذا العصر. وإني أوضح لهؤلاء أنه يحق للناقد أن ينقد أي عمل من الأعمال المنشورة من روايات وأشعار ومعاجم ومقالات صحفية، ويحق له نقد كلّ ما أعدّ في النقد من دراسات ومقالات، ولا عيب في ذلك على الإطلاق. لقد تراجع النقد اللغوي ليفسح المجال للنقد الأدبي الذي وإن تناول الفكرة والأسلوب معا إلا أنه أهمل اللغة وشوائب اللغة، ومعلوم أن من شروط الكتابة إتقان اللغة، فاستهان الأدباء بأحكامها وعاثوا فيها فسادا في زمننا هذا أكثر من أي وقت مضى. وإنّي، لكثرة الأخطاء وفداحتها وما تحمله من أخطار على اللغة والنشء والأجيال المقبلة، أدعو اليوم إلى إعادة بعث النقد اللغوي كمنهج نقدي مستقل أو مكمّل للنقد الأدبي، لإنقاذ أعمالنا الأدبية وحماية لغتنا العربية." مولود بن زادي - كاتب مقيم في بريطانيا خالص الشكر والتقدير لصحيفة القدس العربي والقائمين عليها. Mon article dans le quotidien londonien AL-QUDS مقالتي في يومية "القدس العربي" الصادرة في لندن. (كان بلا شك اول كاتب يختص في كتابة النقد اللغوي في هذا القرن وبقدر كبير امتد ليشمل أعمال كبار الأدباء من أمثال نجيب محفوظ وطه حسين وأحلام مستغانمي، بل وامتد لأول مرة ليتناول أعمالا نقدية لنقاد من أمثال سعاد العنزي ليس من عادة النقاد تناولها.. وكان أول كاتب يستعمل عبارة "نقدُ النقد" في نقده دراسات نقدية. وها هو اليوم ولأول مرة - من خلال هذه المقالة - يدعو رجال الأدب والنقد والفكر إلى إحياء النقد اللغوي واستخدامه منهجاً في النقد... فالنقد اللغوي كان موجودا وهو الأول والأصل، وقد حان الوقت لعودته الآن لأن سيل الأخطاء في الأعمال الأدبية قد بلغ الزبى! الاقتراح هذا يُعرَض اليوم على هذا الجيل وإن لم يتجاوب معه بقي الاقتراح قائما معروضا أمام الأجيال القادمة بحول الله. مولود بن زادي - باريس مايو 2015) المقالة\ الأعمال الأدبية والأخطاء اللغوية: آن الأوان لعودة النقد اللغوي لحماية اللغة العربية "نشرت آنفا عدّة مقالات نقدية لغوية تناولت أعمالا روائية رائدة كشفتُ فيها جملة من الأخطاء اللغوية والنحوية والصرفية وشوائب أخرى وقع فيها الواقعون من كبار الأدباء ، وكشفتُ عن الوجه الصحيح لها. وإنّي مؤهّل لذلك لأنّي في حقل الترجمة واللغة وصاحب معجم الزاد للمترادفات والمتجانسات العربية وهو الأول من نوعه في الجزائر وبلاد المغرب العربي. وما نقدتُ هذه الأعمال حطّاً من قيمتها، ولا إساءةً إلى أصحابها، وإنما لننتبه جميعاً لأخطائها، ونسعى معا لتصحيحها، ونحرص على عدم الوقوع في مثلها، وحتى لا يتعلّمها أطفالنا منّا، وتتوارثها الأجيال من بعدنا. وما لبث أن انهال عليّ الأدباء والنقاد لوماً وذمّاً. قال قائل منهم إنّ ما أكتبه لا يخضع لمناهج النقد المعروفة، وقال آخر هذا شيء من الضبط اللّغوي لا صلة له بالنقد. والغريب في الأمر أنّ بعضهم هاجمني وانتقد منهجي في مقالات تعجّ بالأخطاء اللغوية والنحوية والصرفية والإملائية التي إن ارتكب مثلها تلامذة الصف الابتدائي يوم الامتحان سقطوا، وأذكر هنا على سبيل المثال تهجّم أحد النقاد على النقد اللغوي في مقال بعنوان "الأخطاء النحوية والإبداع"، إذ ذكر فيه عبارة: 'عشرات من الأخطاء'، وذلك خطأ والصواب أن يقول 'عشرات الأخطاء'، فهذا التعبير بلا ريب شاهد على عدم إتقانه أحكام اللسان العربي الذي يكتب به نقده، وإساءته استعمال المضاف والمضاف إليه، بل ويدلّ ذلك بلا شك على أنّه في الواقع يفكر بلغة أجنبية ثم يترجم أفكاره إلى العربية، وهذا خطأ فظيع، فاللّغة الفرنسية على سبيل المثال تحتاج في مثل هذا السياق إلى حرف الجر (de) (من) فنقول: Des dizaines de fautes والعربية، بفضل المضاف والمضاف إليه، في غنى عن ذلك. ويرمي هذا الناقد اللّغويين بالفشل فيقول 'إنّهم كتاب فاشلين جماليا' وهو لا يدري أنّه، بذلك التعبير، فاشل لغويا ونحويا، فقواعد اللغة العربية واضحة تقول 'إنّ وأخواتها' ترفع الخبر ولا تنصبه، فيقع في خطأ إلزام الجمع المذكر السالم الياء بدلاً من الواو! فالصواب هو أن يقول: 'إنّهم كتّاب فاشلون جماليا'. وها هو أحد الروائيين يفتتح روايته الجديدة بعبارة "كانت أقوالها في جلسة التحقيق ليست متناقضة" فيجمع فعلين ناقصين متناقضين في تركيب واحد! وها هي أدبية أخرى تكتب "الحصول إلى إجابة هذا السؤال" بدلا من "الحصول على إجابة هذا السؤال"، وتقول" قدرتي لفهم كذا" بدلا من "قدرتي على فهم كذا". وها هي أديبة أخرى تكتب"استحواذه بها" بدلا من"استحواذه عليها" كما جاء في القرآن الكريم:"استحوذ عليهم الشيطان فأنساهم ذكر الله أولئك حزب الشيطان ألا إن حزب الشيطان هم الخاسرون" (المجادلة-19). وها هو روائي آخر يكتب "أعطاني الإحساس أنه فعل كذا" وهو ترجمة ركيكة للعبارة الفرنسية il m'a donné l'impression والعرب قالوا بدلا من ذلك "أشعرني وأوهمني... وغير ذلك من التعابير العربية الفصيحة". و ها هم كتاب كثيرون يملؤون مؤلفاتهم بالحشو ومنه ما يعرف في علم البلاغة بالتطويل كاستعمال مترادفات لها نفس المعنى أو معنى متقارب والاستغناء عن إحداها لا يؤثّر في المعنى مثل البعد والنوى، والحزن والشجن، والحظ والنصيب. وها هم روائيون كثيرون يملؤون أعمالهم الروائية بالحوارات العامية والألفاظ الأعجمية، وحتى بأحرف لاتينية، لا يفهمها إلا القليل في الوطن العربي وهم في غنى عن ذلك، و هل شاهدنا يوما نصوصا روائية غربية فيها كلمات بأحرف عربية؟! ... وهذه أدلة أخرى على ما آل إليه الأدب العربي اليوم في غياب الرقابة اللغوية! يبدو أنه قد غاب عنه وعن نقاد آخرين بأنَّ المنهج الأدبي قد ولد من رحم المنهج اللغوي الذي يعدُّ الركيزة الرئيسة التي استند إليها النقاد العرب في بلورة آرائهم النقدية.وغاب عنهم أنّ جلّ الباحثين الأوائل الذين درسوا الشعر العربي كانوا في واقع الأمر علماء لغة قبل أن يكونوا نقاداً أو أدباء! وحتى النقد المعاصر كان في بداية نشأته في القرن التاسع عشر وفي القرن العشرين يتميز بغلبة الطابع اللغوي عليه. وقد تجلّى ذلك في أعمال ثلاثة من كبار كتاب هذه الحقبة وهم: أحمد فارس الشدياق وإبراهيم اليازجي وحسين المرصفي، فقد عني الشدياق بنقد المعاجم وألّف في ذلك كتابه (الجاسوس على القاموس)، وعني اليازجي بنقد لغة الجرائد وألف في ذلك كتابه (لغة الجرائد) الذي أحصى فيه أخطاء لغوية مختلفة وكشف عن الوجه الصحيح لها. وعني حسين المرصفي في كتابه (الوسيلة الأدبية) بدعوة الأديب للعناية باللغة وقواعدها وضبط مفرداتها. ولستُ أدري لماذا يخلط هؤلاء النقاد المحدثون بين الضبط اللغوي والنقد، والفرق بينهما شاسع بيّن. فالتصحيح يكون عادة قبل نشر الأعمال الأدبية، يقوم به الكاتب نفسه وهو طبعاً الناقد الأول لأعماله وقد يقوم بذلك مصحّح رفقته أو بدلاً منه. أما بعد النشر فكل دراسة لتلك الأعمال تُعدّ نقداً بما في ذلك كشف الأخطاء النحوية والشوائب اللغوية وما أكثرها في مؤلفات هذا العصر. وإني أوضح لهؤلاء أنه يحق للناقد أن ينقد أي عمل من الأعمال المنشورة من روايات وأشعار ومعاجم ومقالات صحفية، ويحق له نقد كلّ ما أعدّ في النقد من دراسات ومقالات، ولا عيب في ذلك على الإطلاق. لقد تراجع النقد اللغوي ليفسح المجال للنقد الأدبي الذي وإن تناول الفكرة والأسلوب معا إلا أنه أهمل اللغة وشوائب اللغة، ومعلوم أن من شروط الكتابة إتقان اللغة، فاستهان الأدباء بأحكامها وعاثوا فيها فسادا في زمننا هذا أكثر من أي وقت مضى. وإنّي، لكثرة الأخطاء وفداحتها وما تحمله من أخطار على اللغة والنشء والأجيال المقبلة، أدعو اليوم إلى إعادة بعث النقد اللغوي كمنهج نقدي مستقل أو مكمّل للنقد الأدبي، لإنقاذ أعمالنا الأدبية وحماية لغتنا العربية." مولود بن زادي - كاتب مقيم في بريطانيا خالص الشكر والتقدير لصحيفة القدس العربي والقائمين عليها.
الأخطاء اللغوية في الأعمال الأدبية، مولود بن زادي يدعو إلى إعادة بعث النقد اللغوي لتطهير الأعمال الأدبية وحماية اللغة العربية Mon article dans le quotidien londonien AL-QUDS مقالتي في يومية "القدس العربي" الصادرة في لندن. (كان بلا شك اول كاتب يختص في كتابة النقد اللغوي في هذا القرن وبقدر كبير امتد ليشمل أعمال كبار الأدباء من أمثال نجيب محفوظ وطه حسين وأحلام مستغانمي، بل وامتد لأول مرة ليتناول أعمالا نقدية لنقاد من أمثال سعاد العنزي ليس من عادة النقاد تناولها... وها هو اليوم ولأول مرة - من خلال هذه المقالة - يدعو رجال الأدب والنقد والفكر إلى إحياء النقد اللغوي واستخدامه كمنهج في النقد... فالنقد اللغوي كان موجودا وهو الأول والأصل، وقد حان الوقت لعودته الآن لأن سيل الأخطاء في الأعمال الأدبية قد بلغ الزبى! الاقتراح هذا يُعرَض اليوم على هذا الجيل وإن لم يتجاوب معه بقي الاقتراح قائما معروضا أمام الأجيال القادمة بحول الله.) المقالة\ الأعمال الأدبية والأخطاء اللغوية: آن الأوان لعودة النقد اللغوي لحماية اللغة العربية "نشرت آنفا عدّة مقالات نقدية لغوية تناولت أعمالا روائية رائدة كشفتُ فيها جملة من الأخطاء اللغوية والنحوية والصرفية وشوائب أخرى وقع فيها الواقعون من كبار الأدباء ، وكشفتُ عن الوجه الصحيح لها. وإنّي مؤهّل لذلك لأنّي في حقل الترجمة واللغة وصاحب معجم الزاد للمترادفات والمتجانسات العربية وهو الأول من نوعه في الجزائر وبلاد المغرب العربي. وما نقدتُ هذه الأعمال حطّاً من قيمتها، ولا إساءةً إلى أصحابها، وإنما لننتبه جميعاً لأخطائها، ونسعى معا لتصحيحها، ونحرص على عدم الوقوع في مثلها، وحتى لا يتعلّمها أطفالنا منّا، وتتوارثها الأجيال من بعدنا. وما لبث أن انهال عليّ الأدباء والنقاد لوماً وذمّاً. قال قائل منهم إنّ ما أكتبه لا يخضع لمناهج النقد المعروفة، وقال آخر هذا شيء من الضبط اللّغوي لا صلة له بالنقد. والغريب في الأمر أنّ بعضهم هاجمني وانتقد منهجي في مقالات تعجّ بالأخطاء اللغوية والنحوية والصرفية والإملائية التي إن ارتكب مثلها تلامذة الصف الابتدائي يوم الامتحان سقطوا، وأذكر هنا على سبيل المثال تهجّم أحد النقاد على النقد اللغوي في مقال بعنوان "الأخطاء النحوية والإبداع"، إذ ذكر فيه عبارة: 'عشرات من الأخطاء'، وذلك خطأ والصواب أن يقول 'عشرات الأخطاء'، فهذا التعبير بلا ريب شاهد على عدم إتقانه أحكام اللسان العربي الذي يكتب به نقده، وإساءته استعمال المضاف والمضاف إليه، بل ويدلّ ذلك بلا شك على أنّه في الواقع يفكر بلغة أجنبية ثم يترجم أفكاره إلى العربية، وهذا خطأ فظيع، فاللّغة الفرنسية على سبيل المثال تحتاج في مثل هذا السياق إلى حرف الجر (de) (من) فنقول: Des dizaines de fautes والعربية، بفضل المضاف والمضاف إليه، في غنى عن ذلك. ويرمي هذا الناقد اللّغويين بالفشل فيقول 'إنّهم كتاب فاشلين جماليا' وهو لا يدري أنّه، بذلك التعبير، فاشل لغويا ونحويا، فقواعد اللغة العربية واضحة تقول 'إنّ وأخواتها' ترفع الخبر ولا تنصبه، فيقع في خطأ إلزام الجمع المذكر السالم الياء بدلاً من الواو! فالصواب هو أن يقول: 'إنّهم كتّاب فاشلون جماليا'. وها هو أحد الروائيين يفتتح روايته الجديدة بعبارة "كانت أقوالها في جلسة التحقيق ليست متناقضة" فيجمع فعلين ناقصين متناقضين في تركيب واحد! وها هي أدبية أخرى تكتب "الحصول إلى إجابة هذا السؤال" بدلا من "الحصول على إجابة هذا السؤال"، وتقول" قدرتي لفهم كذا" بدلا من "قدرتي على فهم كذا". وها هي أديبة أخرى تكتب"استحواذه بها" بدلا من"استحواذه عليها" كما جاء في القرآن الكريم:"استحوذ عليهم الشيطان فأنساهم ذكر الله أولئك حزب الشيطان ألا إن حزب الشيطان هم الخاسرون" (المجادلة-19). وها هو روائي آخر يكتب "أعطاني الإحساس أنه فعل كذا" وهو ترجمة ركيكة للعبارة الفرنسية il m'a donné l'impression والعرب قالوا بدلا من ذلك "أشعرني وأوهمني... وغير ذلك من التعابير العربية الفصيحة". و ها هم كتاب كثيرون يملؤون مؤلفاتهم بالحشو ومنه ما يعرف في علم البلاغة بالتطويل كاستعمال مترادفات لها نفس المعنى أو معنى متقارب والاستغناء عن إحداها لا يؤثّر في المعنى مثل البعد والنوى، والحزن والشجن، والحظ والنصيب. وها هم روائيون كثيرون يملؤون أعمالهم الروائية بالحوارات العامية والألفاظ الأعجمية، وحتى بأحرف لاتينية، لا يفهمها إلا القليل في الوطن العربي وهم في غنى عن ذلك، و هل شاهدنا يوما نصوصا روائية غربية فيها كلمات بأحرف عربية؟! ... وهذه أدلة أخرى على ما آل إليه الأدب العربي اليوم في غياب الرقابة اللغوية! يبدو أنه قد غاب عنه وعن نقاد آخرين بأنَّ المنهج الأدبي قد ولد من رحم المنهج اللغوي الذي يعدُّ الركيزة الرئيسة التي استند إليها النقاد العرب في بلورة آرائهم النقدية.وغاب عنهم أنّ جلّ الباحثين الأوائل الذين درسوا الشعر العربي كانوا في واقع الأمر علماء لغة قبل أن يكونوا نقاداً أو أدباء! وحتى النقد المعاصر كان في بداية نشأته في القرن التاسع عشر وفي القرن العشرين يتميز بغلبة الطابع اللغوي عليه. وقد تجلّى ذلك في أعمال ثلاثة من كبار كتاب هذه الحقبة وهم: أحمد فارس الشدياق وإبراهيم اليازجي وحسين المرصفي، فقد عني الشدياق بنقد المعاجم وألّف في ذلك كتابه (الجاسوس على القاموس)، وعني اليازجي بنقد لغة الجرائد وألف في ذلك كتابه (لغة الجرائد) الذي أحصى فيه أخطاء لغوية مختلفة وكشف عن الوجه الصحيح لها. وعني حسين المرصفي في كتابه (الوسيلة الأدبية) بدعوة الأديب للعناية باللغة وقواعدها وضبط مفرداتها. ولستُ أدري لماذا يخلط هؤلاء النقاد المحدثون بين الضبط اللغوي والنقد، والفرق بينهما شاسع بيّن. فالتصحيح يكون عادة قبل نشر الأعمال الأدبية، يقوم به الكاتب نفسه وهو طبعاً الناقد الأول لأعماله وقد يقوم بذلك مصحّح رفقته أو بدلاً منه. أما بعد النشر فكل دراسة لتلك الأعمال تُعدّ نقداً بما في ذلك كشف الأخطاء النحوية والشوائب اللغوية وما أكثرها في مؤلفات هذا العصر. وإني أوضح لهؤلاء أنه يحق للناقد أن ينقد أي عمل من الأعمال المنشورة من روايات وأشعار ومعاجم ومقالات صحفية، ويحق له نقد كلّ ما أعدّ في النقد من دراسات ومقالات، ولا عيب في ذلك على الإطلاق. لقد تراجع النقد اللغوي ليفسح المجال للنقد الأدبي الذي وإن تناول الفكرة والأسلوب معا إلا أنه أهمل اللغة وشوائب اللغة، ومعلوم أن من شروط الكتابة إتقان اللغة، فاستهان الأدباء بأحكامها وعاثوا فيها فسادا في زمننا هذا أكثر من أي وقت مضى. وإنّي، لكثرة الأخطاء وفداحتها وما تحمله من أخطار على اللغة والنشء والأجيال المقبلة، أدعو اليوم إلى إعادة بعث النقد اللغوي كمنهج نقدي مستقل أو مكمّل للنقد الأدبي، لإنقاذ أعمالنا الأدبية وحماية لغتنا العربية." مولود بن زادي - كاتب مقيم في بريطانيا رابط المقالة: http://www.alquds.co.uk/?p=348111
Mon article dans le quotidien londonien AL-QUDS
مقالتي في يومية "القدس العربي" الصادرة في لندن.
(كان بلا شك اول كاتب يختص في كتابة النقد اللغوي في هذا القرن وبقدر كبير امتد ليشمل أعمال كبار الأدباء من أمثال نجيب محفوظ وطه حسين وأحلام مستغانمي، بل وامتد لأول مرة ليتناول أعمالا نقدية لنقاد من أمثال سعاد العنزي ليس من عادة النقاد تناولها...
وها هو اليوم ولأول مرة - من خلال هذه المقالة - يدعو رجال الأدب والنقد والفكر إلى إحياء النقد اللغوي واستخدامه كمنهج في النقد... فالنقد اللغوي كان موجودا وهو الأول والأصل، وقد حان الوقت لعودته الآن لأن سيل الأخطاء في الأعمال الأدبية قد بلغ الزبى!
الاقتراح هذا يُعرَض اليوم على هذا الجيل وإن لم يتجاوب معه بقي الاقتراح قائما معروضا أمام الأجيال القادمة بحول الله.)
المقالة\
الأعمال الأدبية والأخطاء اللغوية:
آن الأوان لعودة النقد اللغوي
لحماية اللغة العربية
"نشرت آنفا عدّة مقالات نقدية لغوية تناولت أعمالا روائية رائدة كشفتُ فيها جملة من الأخطاء اللغوية والنحوية والصرفية وشوائب أخرى وقع فيها الواقعون من كبار الأدباء ، وكشفتُ عن الوجه الصحيح لها. وإنّي مؤهّل لذلك لأنّي في حقل الترجمة واللغة وصاحب معجم الزاد للمترادفات والمتجانسات العربية وهو الأول من نوعه في الجزائر وبلاد المغرب العربي. وما نقدتُ هذه الأعمال حطّاً من قيمتها، ولا إساءةً إلى أصحابها، وإنما لننتبه جميعاً لأخطائها، ونسعى معا لتصحيحها، ونحرص على عدم الوقوع في مثلها، وحتى لا يتعلّمها أطفالنا منّا، وتتوارثها الأجيال من بعدنا.
وما لبث أن انهال عليّ الأدباء والنقاد لوماً وذمّاً. قال قائل منهم إنّ ما أكتبه لا يخضع لمناهج النقد المعروفة، وقال آخر هذا شيء من الضبط اللّغوي لا صلة له بالنقد. والغريب في الأمر أنّ بعضهم هاجمني وانتقد منهجي في مقالات تعجّ بالأخطاء اللغوية والنحوية والصرفية والإملائية التي إن ارتكب مثلها تلامذة الصف الابتدائي يوم الامتحان سقطوا، وأذكر هنا على سبيل المثال تهجّم أحد النقاد على النقد اللغوي في مقال بعنوان "الأخطاء النحوية والإبداع"، إذ ذكر فيه عبارة: 'عشرات من الأخطاء'، وذلك خطأ والصواب أن يقول 'عشرات الأخطاء'، فهذا التعبير بلا ريب شاهد على عدم إتقانه أحكام اللسان العربي الذي يكتب به نقده، وإساءته استعمال المضاف والمضاف إليه، بل ويدلّ ذلك بلا شك على أنّه في الواقع يفكر بلغة أجنبية ثم يترجم أفكاره إلى العربية، وهذا خطأ فظيع، فاللّغة الفرنسية على سبيل المثال تحتاج في مثل هذا السياق إلى حرف الجر (de) (من) فنقول: Des dizaines de fautes والعربية، بفضل المضاف والمضاف إليه، في غنى عن ذلك.
ويرمي هذا الناقد اللّغويين بالفشل فيقول 'إنّهم كتاب فاشلين جماليا' وهو لا يدري أنّه، بذلك التعبير، فاشل لغويا ونحويا، فقواعد اللغة العربية واضحة تقول 'إنّ وأخواتها' ترفع الخبر ولا تنصبه، فيقع في خطأ إلزام الجمع المذكر السالم الياء بدلاً من الواو! فالصواب هو أن يقول: 'إنّهم كتّاب فاشلون جماليا'.
وها هو أحد الروائيين يفتتح روايته الجديدة بعبارة "كانت أقوالها في جلسة التحقيق ليست متناقضة" فيجمع فعلين ناقصين متناقضين في تركيب واحد!
وها هي أدبية أخرى تكتب "الحصول إلى إجابة هذا السؤال" بدلا من "الحصول على إجابة هذا السؤال"، وتقول" قدرتي لفهم كذا" بدلا من "قدرتي على فهم كذا". وها هي أديبة أخرى تكتب"استحواذه بها" بدلا من"استحواذه عليها" كما جاء في القرآن الكريم:"استحوذ عليهم الشيطان فأنساهم ذكر الله أولئك حزب الشيطان ألا إن حزب الشيطان هم الخاسرون" (المجادلة-19). وها هو روائي آخر يكتب "أعطاني الإحساس أنه فعل كذا" وهو ترجمة ركيكة للعبارة الفرنسية il m'a donné l'impression
والعرب قالوا بدلا من ذلك "أشعرني وأوهمني... وغير ذلك من التعابير العربية الفصيحة". و ها هم كتاب كثيرون يملؤون مؤلفاتهم بالحشو ومنه ما يعرف في علم البلاغة بالتطويل كاستعمال مترادفات لها نفس المعنى أو معنى متقارب والاستغناء عن إحداها لا يؤثّر في المعنى مثل البعد والنوى، والحزن والشجن، والحظ والنصيب. وها هم روائيون كثيرون يملؤون أعمالهم الروائية بالحوارات العامية والألفاظ الأعجمية، وحتى بأحرف لاتينية، لا يفهمها إلا القليل في الوطن العربي وهم في غنى عن ذلك، و هل شاهدنا يوما نصوصا روائية غربية فيها كلمات بأحرف عربية؟! ...
وهذه أدلة أخرى على ما آل إليه الأدب العربي اليوم في غياب الرقابة اللغوية!
يبدو أنه قد غاب عنه وعن نقاد آخرين بأنَّ المنهج الأدبي قد ولد من رحم المنهج اللغوي الذي يعدُّ الركيزة الرئيسة التي استند إليها النقاد العرب في بلورة آرائهم النقدية.وغاب عنهم أنّ جلّ الباحثين الأوائل الذين درسوا الشعر العربي كانوا في واقع الأمر علماء لغة قبل أن يكونوا نقاداً أو أدباء!
وحتى النقد المعاصر كان في بداية نشأته في القرن التاسع عشر وفي القرن العشرين يتميز بغلبة الطابع اللغوي عليه. وقد تجلّى ذلك في أعمال ثلاثة من كبار كتاب هذه الحقبة وهم: أحمد فارس الشدياق وإبراهيم اليازجي وحسين المرصفي، فقد عني الشدياق بنقد المعاجم وألّف في ذلك كتابه (الجاسوس على القاموس)، وعني اليازجي بنقد لغة الجرائد وألف في ذلك كتابه (لغة الجرائد) الذي أحصى فيه أخطاء لغوية مختلفة وكشف عن الوجه الصحيح لها. وعني حسين المرصفي في كتابه (الوسيلة الأدبية) بدعوة الأديب للعناية باللغة وقواعدها وضبط مفرداتها.
ولستُ أدري لماذا يخلط هؤلاء النقاد المحدثون بين الضبط اللغوي والنقد، والفرق بينهما شاسع بيّن. فالتصحيح يكون عادة قبل نشر الأعمال الأدبية، يقوم به الكاتب نفسه وهو طبعاً الناقد الأول لأعماله وقد يقوم بذلك مصحّح رفقته أو بدلاً منه. أما بعد النشر فكل دراسة لتلك الأعمال تُعدّ نقداً بما في ذلك كشف الأخطاء النحوية والشوائب اللغوية وما أكثرها في مؤلفات هذا العصر.
وإني أوضح لهؤلاء أنه يحق للناقد أن ينقد أي عمل من الأعمال المنشورة من روايات وأشعار ومعاجم ومقالات صحفية، ويحق له نقد كلّ ما أعدّ في النقد من دراسات ومقالات، ولا عيب في ذلك على الإطلاق.
لقد تراجع النقد اللغوي ليفسح المجال للنقد الأدبي الذي وإن تناول الفكرة والأسلوب معا إلا أنه أهمل اللغة وشوائب اللغة، ومعلوم أن من شروط الكتابة إتقان اللغة، فاستهان الأدباء بأحكامها وعاثوا فيها فسادا في زمننا هذا أكثر من أي وقت مضى.
وإنّي، لكثرة الأخطاء وفداحتها وما تحمله من أخطار على اللغة والنشء والأجيال المقبلة، أدعو اليوم إلى إعادة بعث النقد اللغوي كمنهج نقدي مستقل أو مكمّل للنقد الأدبي، لإنقاذ أعمالنا الأدبية وحماية لغتنا العربية."
مولود بن زادي - كاتب مقيم في بريطانيا
رابط المقالة:
http://www.alquds.co.uk/?p=348111
Thursday, 14 May 2015
Quotes by Mouloud Benzadi about satisfaction, power, conquer and peace of mind
You may be able to conquer the whole world and gain everything in action,
But you'll live in torment if you can't find peace of mind and satisfaction."
New quote about power, peace of mind and satisfaction by M. Benzadi
United Kingdom
May 14th 2015
مقولة جديدة في موضوع القوة والرضا وراحة البال باللغة الإنجليزية بقلم الكاتب مولود بن زادي، ومعناها بالتقريب كما يلي: "قد تتمكن من إخضاع العالم برمته، والفوز بكل ما فيه، بالقوة.. لكنك ستحيا في عذاب إن لم تعثر على راحة البال والرضا"
مولود بن زادي
المملكة المتحدة
14 مايو 2015
But you'll live in torment if you can't find peace of mind and satisfaction."
New quote about power, peace of mind and satisfaction by M. Benzadi
United Kingdom
May 14th 2015
مقولة جديدة في موضوع القوة والرضا وراحة البال باللغة الإنجليزية بقلم الكاتب مولود بن زادي، ومعناها بالتقريب كما يلي: "قد تتمكن من إخضاع العالم برمته، والفوز بكل ما فيه، بالقوة.. لكنك ستحيا في عذاب إن لم تعثر على راحة البال والرضا"
مولود بن زادي
المملكة المتحدة
14 مايو 2015
Subscribe to:
Posts (Atom)