Friday, 20 June 2014

مولود بن زادي للتونسية : الأسلوب الشعري الذي تقوده أحلام مستغانمي وراء تأخر الأدب العربي عالمياً

مولود بن زادي للتونسية : الأسلوب الشعري الذي تقوده أحلام مستغانمي وراء تأخر الرواية العربية عالميا بعد ترجمتها







المترجم والكاتب الجزائري المهجري مولود بن زادي من بريطانيا: "الأسلوب الشعري الذي تقوده
أحلام مستغانمي من أسباب فشل الرواية العربية عالميا."


 ماذا عن آخر إنتاجات مولود بن زادي؟
آخر مؤلفاتي "معجم الزّاد للمترادفات والمتجانسات العربية" وهو الأول من نوعه في الجزائر وبلاد المغرب العربي. ولا بأس أن أذكر لقراء التونسية الكرام مزايا هذا المعجم:
إنّه أحدث عمل ينجز إلى حدّ السّاعة في مجال المترادفات والمتجانسات في اللّغة العربيّة.
. يضمّ عشرات الآلاف من المترادفات والمتجانسات فليس من شكّ في أنه أوسع عمل في هذا المجال في اللغة العربية.
. إضافةً إلى الألفاظ المترادفة والمتجانسة، يضمّ هذا المعجم الكثير من التّعابير المتقاربة المعنى مثل: ما له شاةٌ ولا بعيرٌ، ليس له مبرك جمل، ما له ثاغيةٌ ولا راغيةٌ، ما له شاةٌ ولا ناقةٌ، ما له عالٌ ولا مالٌ (أي ليس له شيءٌ)
. يضمّ هذا المعجم أمثلة تساعد على توضيح معاني المترادفات والمتجانسات العربيّة خلافاً للمعاجم العربيّة السّابقة التي ركّزت في غالبيّتها على ذكر هذه الألفاظ دون أمثلة توضّح طرق استعمالها. ومعلوم أنّه لا معنى للكلمة خارج السّياق. والأمثلة الّتي ذكرتها في هذا المعجم مأخوذةٌ من القٌرآن الكريم والحديث النّبويّ الشّريف ومؤلّفات عربيّة قيّمة مثل ديوان الخنساء ومؤلفات ابن الأثير وبديع الزّمان الهمذاني ومصطفى لطفي المنفلوطي وأحمد شوقي...
. يعتمد هذا المعجم على ترتيب أبجديّ متكامل يمكّن الباحث من إيجاد مرادفات كلّ لفظة من الألفاظ المترادفة بكلّ سهولة بطلبها مباشرةً وفق ترتيبها الأبجدي، على عكس المعاجم القديمة الّتي ركّزت على ذكر المترادفات والمتجانسات ضمن أبواب أو مواضيع أو حسب المعنى ممّا يصعّب البحث عنها. 
 -لماذا تعتمدون في كتاباتكم اقتباس روايات واقعية؟
أنا أحب كلّ ما هو واقعي في الحياة. وأنا شغوف بقراءة الرواية الواقعية منذ أن كنت صغيرا. كنت انزع إلى قراءة الروايات الواقعية العالمية وكم أعجبت برواية "الأيام" لعميد الأدب العربي طه حسين وهي رواية واقعية مؤثّرة تقع في ثلاثة أجزاء وتعدّ أول رواية سيرة ذاتية عربية في هذا العصر. نحن نعيش أحداثا واقعية ونشاهد قصصا واقعية تحدث هنا وهناك على مرأى ومسمع منّا يوميا، فلِمَ لا ننقلها إلى الواقع في أعمالنا الروائية حتى يستفيد القارئ من تجاربها ويستمدّ منها عبرة. ما أضيق الوقت في هذا العصر المعروف بعصر السرعة. تصرفني مشاغل الحياة عن الكتابة، فلا يسعني أن أصرف ما تبقّى لي من وقت قليل في كتابة روايات من نوع "بوليوود" لا تمتّ لواقعنا بصلة ولا طائل منها في الحياة والقارئ في غنى عنها، فلو رغب أحدنا في مشاهدة حكايات بوليوود فهي متوفّرة بثمن بخس، بالصورة والصوت، وبجودة عالية من خلال السينما الهندية التي تنتج سنويا ما لا يقل عن 600 من ذلك في عالم الفانتازيا. أنا صارم جدا في اختيار شخوص روايتي. أنا لا أوظّف شخصيات افتراضية هي مجرد صور وهياكل لا روح فيها ولا حياة لها في الواقع، بل شخصيات حقيقية تعيش وتشقى وتتألّم في الدنيا مثل بقية البشر.
فمن خلال ما أبذله من جهد في حقل الأدب الواقعي قد أساهم ولو بقدر بسيط في إعادة بعث هذا الصنف الأدبي الذي لم يعد له أثر في أسواقنا وعلى رفوف مكتباتنا في هذا العصر.  
- لو تحدثنا عن الرواية الجديدة "دموع "
 لقد غيرت عنوانها إلى "رياح القدر" وهي رواية عاطفية مؤثّرة مقتبسة من قصة واقعية عن ولع شاب عربي بفتاة من أصل أوربي تعيش في محيط محافظ في بلاد عربية. تثير الرواية مسائل اجتماعية مثل مكانة المرأة في المجتمع، الصراع الإيديولوجي بين الأجيال، وحتى مسألة العنصرية في مجتمعاتنا العربية لأن بطلة القصة تتعرّض لمعاملات سيّئة في المجتمع العربي المحافظ. كتبت الرواية قبل سنوات وكنت أفكّر في مراجعتها وتنقيحها ثم نشرها، غير أني فجئت بوفاة والدتي رحمها الله فتأثرت بذلك، فصرفت بالي عن تلك الرواية وطفقت أكتب رواية أخرى تخليدا لذكراها، وهي أيضا مقتبسة من قصة واقعية بعنوان "عبراتٌ وعبرٌ"، فتأخّر بذلك نشر هذه الرواية. هذه الرواية تليق لأن تترجم إلى عمل سينمائي درامي ناجح إذا مسك العمل مخرج سينمائي ماهر. 
أغتنم هذه الفرصة لأدعو القراء للاطلاع على هذه الرواية. ستكون بإذن الله متوفّرة بسعر في متناول الجميع وهي رواية واقعية والروايات الواقعية أصبحت نادرة في هذا العصر. فهذه فرصة للاطلاع على شيء مختلف يأتيهم من بلاد المهجر، من الجزر البريطانية. وأعد القراء الكرام أنهم سيستمتعون بقراءتها وسيستفيدون من أسلوبها الذي يجمع بين السالف والمعاصر، ويضمّ مجموعة من الأشعار والخواطر. وحتى الرسائل الغرامية التي تبادلها بطلا الرواية ليست من الخيال، فهي رسائل صادقة واقعية من غير تكلف. وسيستفيد القراء من لغتها المفعمة بالألفاظ والعبارات العربية الأصيلة وكيف لا والكاتب مترجم وهو من ألّف معجم مترادفات ومتجانسات عربية الأول من نوعه في بلاد المغرب العربي.   
-  ما رأيك في كتابات الأديب السوري حنّا مينه؟
حنّا مينه من أبرز كتاب هذا العصر وهو أحد مؤسّسي اتحاد الكتاب العرب سنة 1969 كتب روايات كثيرة ترجم بعضها إلى مسلسلات ناجحة. يعجبني كثيرا أسلوبه السهل، الواضح، المشوّق. لا أكاد أشرع في قراءة روايته حتى تجتاحني رغبة قوية في متابعة القراءة إلى النهاية. هذا الأسلوب شبيه بأسلوب الروايات الغربية التي تتميز بالبساطة والوضوح والتشويق بعيدا عن فخّ اللفّ والدوران ويتجسّد هذا الأسلوب في رواية "نهاية رجل شجاع" وهي من أجمل الكتب التي قرأتها في حياتي". وإنّي أتساءل حقا لِمَاذا لم نعد نكتب بأسلوب سهل وجميل ومشوّق يفهمه الجميع كهذا الأسلوب بدلا من أسلوب معقّد قد لا يفهمه إلاّ المثقفون وقد يضيع في متاهاته القارئ البسيط الذي ليس له حظ كبير من العلوم والثقافة فلا يدرك منه شيئا. 
وماذا عن الأديب المهجري ميخائيل نعيمة والكاتبة أحلام مستغانمي؟
ميخائيل نعيمة من أدباء المهجر الممتازين، له أسلوب واضح سهل ممتنع وهي ميزة يشترك فيها أدباء المهجر. وميخائيل نعيمة في نظري هو هذا الأديب الحكيم الذي وإن رحل فقد خلّف لنا أدبا مفعما بالحكم والعبر. أعجبتني كثيراً مقارنته البشر بالطيور وهو يتحدّث عن عدم القناعة لدى البشر عندما قال: "ما أجمل الغراب يتكلم لغة الغراب ولا يحسد العندليب على صوته، وما أجمل العندليب يتكلم لغة العندليب ولا يحسد الغراب على قوّته، الغراب والعندليب ولدا في الطبيعة وهي تحبّهما بالسواء، ليس الأمر كذلك بين الناس! فكم من غراب بشريّ يشقى نه ليس له صوت العندليب، وكم من عندليب بشريّ يتعس نه ليس له قوّة الغراب." يعجبني أسلوبه الواضح، فعندما تشرع في قراءة كتاب "ابن آدم" تفهم القصة منذ البداية وتشدّك إليها فتشعر برغبة في معرفة ما يلي.
للأسف لا أشعر بذلك وأنا أقرأ روايات مواطنتي أحلام مستغانمي مع كامل احترامي لها. ثمة فلسفة ولفّ ودوران وبطء شديد يقلل من رغبتي في مواصلة القراءة.  وحتى مسلسل "ذاكرة الجسد" وجده المشاهد بطيئا مملا وصرف باله عنه وانصرف لمتابعة برامج أخرى أثناء عرضه في شهر رمضان بناء على ما ذكرته صحف.  لابد أن تعتمد الرواية على وضوح المعنى والتشويق بعيدا عن شوائب المتاهات التي لا خلاص منها والألغاز التي لا حلّ لها، ولنقتدي في ذلك بنموذج الرواية الغربية التي نراها واضحة مشوّقة.
أعيب على أحلام مستغانمي:
. الإسراف في اللف والدوران وبطء سير أحداث رواياتها، فقد نقرأ عشرات الصفحات من الرواية ولا زلنا ندور في نفس الحلقة ولم نتبين بعد معالمها واتجاهها ونحن فئة مثقفة فما بالك بمن كان حظه من الثقافة يسيرا.
. الإكثار من الحوارات العامية المعقّدة التي لا يفهمها إلا أهلها في روايات موجّهة إلى قراء في كامل الوطن العربي.
. استعمال كلمات أجنبية بأحرف لاتينية قد لا يفهمها قراؤها في الوطن العربي وهي في غنى عن ذلك. والكثير من المواطنين العرب لا يحسنون إلا اللغة العربية وهذه حقيقة. وهل شاهدت رواية أوربية كُتِبت فيها كلمات عربية بأحرف عربية؟!
. الوقوع في أخطاء لغوية لا تليق بكتابة في مقامها وهي أخطاء قد يتأثر بها النشء وتتوارثها الأجيال عنها وهي قدوة القراء ومثالهم الأسمى، كأن تكتب "استحوذ به" والصواب هو "استحوذ عليه" كما جاء في ذكر الله الحكيم "استحوذ عليهم الشّيطان فأنساهم ذكر اللّه"، أو أن تكتب "يرغب بها" وهو تركيب لا أساس له في اللغة العربية وخارج السياق، وقد ذكرتُ كل ذلك بتفصيل في مقالة سابقة.
وبما أنك تسألني عن ميخائيل نعيمة وأحلام مستغانمي معا، فمن باب المقارنة فقط، إذا تأملت رواية "الأسود يليق بك" وجدتها ممتلئة بالحوارات العامية اختارت فيها أحلام لهجة عاصمية واحدة من جملة لهجات كثيرة منتشرة عندنا وأضافت إليها مفردات أجنبية بأحرف لاتينية مع أنها تعيش في بلاد عربية. وعلى العكس من ذلك تماما، اختار ميخائيل نعيمة كتابة الحوارات في كتاب "يا ابن آدم" بلغة عربية فصيحة نظيفة ثرية بالألفاظ والتعابير العربية الجميلة ولم يشوّه النصّ العربي بمفردات أجنبية بأحرف لاتينية مع أنه كان يحيا في بلاد غربية بعيدا عن المشرق العربي الذي تحيا في كنفه أحلام مستغانمي وهو ما لا أفهمه! فقد انعكست المعادلة فصار من يعيش في البلاد الغربية يقدّس لغته العربية ومن يعيش في قلب البلاد العربية يتمرّد عليها!
بصفتك مترجم، لماذا لم ترق الروايات العربية إلى مستوى العالمية ولماذا لا تلقى الروايات العربية رواجا أو نجاحا عندما تترجم إلى اللغات الأجنبية رغم ما تحققه من نجاح في الداخل؟
بعض الروايات العربية يحقق نجاحا ورواجا في بلداننا العربية مستفيدا من عوامل مثل الضجة الإعلامية وشهرة الكاتب وقلة المنافسة في محيط معروف بعزوفه عن القراءة. ورواج الرواية ليس مقياسا صادقا لجودتها لا سيما في غياب المنافسة.
نرى الكتاب يتهافتون على الأسلوب الشعري الذي تقوده أحلام مستغانمي، ونرى النقاد يصفقون له ولا يرون غيره.
مع كامل احترامي لهؤلاء، أعتقد أن هذا الأسلوب وراء فشل الرواية العربية عالميا. لقد صارت الرواية العربية تعتني بالشكل أكثر من اللازم ونراها تستغرق في اللف والدوران دون طائل على حساب المضمون. فحينما تترجم إلى اللغات الأجنبية ويزول عنها ذلك الشكل والماكياج، تظهر على حقيقتها هشّة هزيلة من غير روح أو حياة. لقد نجحت روايات عالمية من قبل بعد ترجمتها مثل "البؤساء" لفيكتور هيجو" لأن لها مضمون ومغزى...  فلا بد أن نراجع الرواية العربية ونعيد صياغتها لتنافس الروايات العالمية. صحيح أنّ الرواية العربية تستطيع أن تخترق الحدود العربية وتجتاح البلاد العربية من المغرب إلى الخليج معتمدة على سلاح الضجّة الإعلامية لكنها لن تسلك طريقها أبدا إلى العالمية أو تحلق في سماء البلاد الغربية بأسلوب شعري هشّ ومن غير مضمون أو معالم واضحة.   
-بصفتك كاتب عربي ما رأيك كمتابع فيما تشهده الدول العربية أو ما يسمى ببلدان الربيع العربي؟
كلمة "الربيع" تثير في مخيلتي صورا جميلة: بساتين منتعشة، تنتشر في ربوعها أزهار عاطرة، وترفرف في أجوائها عصافير مارحة مغرّدة. لا أشاهد مثل هذه الصور في الدول العربية التي طالها تيار ما بات يعرف باسم "الربيع العربي".
في اعتقادي الشخصي، باستثناء دولتكم تونس التي سلمت من رياح الفوضى بفضل اعتمادكم على مبادئ الحكمة والروية والديبلوماسية وتقديم مصلحة المجتمع على الأغراض الشخصية والتضحية، فإن البلدان الأخرى التي شهدت "الربيع العربي" تخيّم عليها حاليا أجواء خريف كئيب، تتلاعب بها زوابع الفوضى والاضطراب والسير نحو المجهول وخير مثال على ذلك ليبيا التي لم تعرف الاستقرار حتى الآن.  

ماذا أضاف هذا المشهد السياسي الجديد إلى الساحة الأدبية العربية حسب رأيك؟
ما نراه هو تهافت بعض الكتاب على الكتابة عن الربيع العربي واستغلال هذا الموضوع الساخن ترويجا لأعمالهم وجذبا للقراء في زمن يتصف بالرداءة الأدبية ونقص المنافسة وعزوف المواطن العربي عن القراءة، فالمواطن العربي لا يقرأ في المعدل إلا صفحات معدودة من كتاب واحد في السنة بينما يقرأ المواطن البريطاني نحو 50 كتابا في السنة حسب إحصائيات عالمية. وإن عزف العربي عن قراءة الكتب فهو، كما نرى، لا ينفك يقرأ الجرائد ويهتم بالقضايا السياسية. فهذه المؤلفات قد تروقه وتجذبه حتى وإن كانت بلا معنى.   
-  تنوعت الإصدارات والأسماء في تونس بعد الثورة فما رأيك في عنوان أحد المخطوطات التي ستعرف النور قريبا حول الثورات العربية؟
أتطلع إلى قراءة أعمال أدبية تونسية والتواصل مع أدباء تونس الحبيبة والتعاون معهم في حقل الأدب بما يخدم أدبنا العربي وأوطاننا الحبيبة.  
كلمة أخيرة لقراء " التونسية "
أشكر جزيل الشكر الكاتب التونسي القدير مالك بن عربية والصحفي المحترم محمود بن منصور وصحيفتكم الغراء التي أتاحت لي فرصة هذا الحوار وفرصة الوصول إلى القراء الكرام في البلد الشقيق تونس.
تونس بلد عظيم. عظيم بتاريخه وحضارته، عظيم بثقافته وتراثه، عظيم بأبنائه الأبرار ورجاله الأبطال.  لقد زرت هذا البلد الجميل عدة مرات ولي أحلى الذكريات من تونس العاصمة الجميلة وصفاقس العريقة وشواطئ سوسة الساحرة. ولبلدكم تاريخ مشترك طويل مع بلدي الجزائر، امتزجت في بعض مراحله دماء أبناء الشعبين الشقيقين في نضالهما من أجل فك أغلال الاستعمار وكسب الحرية والكرامة. عاشت تونس وعاشت الجزائر في وئام وحرية واستقرار وعزّة وكرامة وازدهار.  


 https://www.facebook.com/MouloudBenzadi?ref=hl                                                      

Mouloud Benzadi مولود بن زادي





المترجم والكاتب الجزائري المهجري مولود بن زادي من بريطانيا: "الأسلوب الشعري الذي تقوده
أحلام مستغانمي من أسباب فشل الرواية العربية عالميا."


 ماذا عن آخر إنتاجات مولود بن زادي؟
آخر مؤلفاتي "معجم الزّاد للمترادفات والمتجانسات العربية" وهو الأول من نوعه في الجزائر وبلاد المغرب العربي. ولا بأس أن أذكر لقراء التونسية الكرام مزايا هذا المعجم:
إنّه أحدث عمل ينجز إلى حدّ السّاعة في مجال المترادفات والمتجانسات في اللّغة العربيّة.
. يضمّ عشرات الآلاف من المترادفات والمتجانسات فليس من شكّ في أنه أوسع عمل في هذا المجال في اللغة العربية.
. إضافةً إلى الألفاظ المترادفة والمتجانسة، يضمّ هذا المعجم الكثير من التّعابير المتقاربة المعنى مثل: ما له شاةٌ ولا بعيرٌ، ليس له مبرك جمل، ما له ثاغيةٌ ولا راغيةٌ، ما له شاةٌ ولا ناقةٌ، ما له عالٌ ولا مالٌ (أي ليس له شيءٌ)
. يضمّ هذا المعجم أمثلة تساعد على توضيح معاني المترادفات والمتجانسات العربيّة خلافاً للمعاجم العربيّة السّابقة التي ركّزت في غالبيّتها على ذكر هذه الألفاظ دون أمثلة توضّح طرق استعمالها. ومعلوم أنّه لا معنى للكلمة خارج السّياق. والأمثلة الّتي ذكرتها في هذا المعجم مأخوذةٌ من القٌرآن الكريم والحديث النّبويّ الشّريف ومؤلّفات عربيّة قيّمة مثل ديوان الخنساء ومؤلفات ابن الأثير وبديع الزّمان الهمذاني ومصطفى لطفي المنفلوطي وأحمد شوقي...
. يعتمد هذا المعجم على ترتيب أبجديّ متكامل يمكّن الباحث من إيجاد مرادفات كلّ لفظة من الألفاظ المترادفة بكلّ سهولة بطلبها مباشرةً وفق ترتيبها الأبجدي، على عكس المعاجم القديمة الّتي ركّزت على ذكر المترادفات والمتجانسات ضمن أبواب أو مواضيع أو حسب المعنى ممّا يصعّب البحث عنها. 
 -لماذا تعتمدون في كتاباتكم اقتباس روايات واقعية؟
أنا أحب كلّ ما هو واقعي في الحياة. وأنا شغوف بقراءة الرواية الواقعية منذ أن كنت صغيرا. كنت انزع إلى قراءة الروايات الواقعية العالمية وكم أعجبت برواية "الأيام" لعميد الأدب العربي طه حسين وهي رواية واقعية مؤثّرة تقع في ثلاثة أجزاء وتعدّ أول رواية سيرة ذاتية عربية في هذا العصر. نحن نعيش أحداثا واقعية ونشاهد قصصا واقعية تحدث هنا وهناك على مرأى ومسمع منّا يوميا، فلِمَ لا ننقلها إلى الواقع في أعمالنا الروائية حتى يستفيد القارئ من تجاربها ويستمدّ منها عبرة. ما أضيق الوقت في هذا العصر المعروف بعصر السرعة. تصرفني مشاغل الحياة عن الكتابة، فلا يسعني أن أصرف ما تبقّى لي من وقت قليل في كتابة روايات من نوع "بوليوود" لا تمتّ لواقعنا بصلة ولا طائل منها في الحياة والقارئ في غنى عنها، فلو رغب أحدنا في مشاهدة حكايات بوليوود فهي متوفّرة بثمن بخس، بالصورة والصوت، وبجودة عالية من خلال السينما الهندية التي تنتج سنويا ما لا يقل عن 600 من ذلك في عالم الفانتازيا. أنا صارم جدا في اختيار شخوص روايتي. أنا لا أوظّف شخصيات افتراضية هي مجرد صور وهياكل لا روح فيها ولا حياة لها في الواقع، بل شخصيات حقيقية تعيش وتشقى وتتألّم في الدنيا مثل بقية البشر.
فمن خلال ما أبذله من جهد في حقل الأدب الواقعي قد أساهم ولو بقدر بسيط في إعادة بعث هذا الصنف الأدبي الذي لم يعد له أثر في أسواقنا وعلى رفوف مكتباتنا في هذا العصر.  
- لو تحدثنا عن الرواية الجديدة "دموع "
 لقد غيرت عنوانها إلى "رياح القدر" وهي رواية عاطفية مؤثّرة مقتبسة من قصة واقعية عن ولع شاب عربي بفتاة من أصل أوربي تعيش في محيط محافظ في بلاد عربية. تثير الرواية مسائل اجتماعية مثل مكانة المرأة في المجتمع، الصراع الإيديولوجي بين الأجيال، وحتى مسألة العنصرية في مجتمعاتنا العربية لأن بطلة القصة تتعرّض لمعاملات سيّئة في المجتمع العربي المحافظ. كتبت الرواية قبل سنوات وكنت أفكّر في مراجعتها وتنقيحها ثم نشرها، غير أني فجئت بوفاة والدتي رحمها الله فتأثرت بذلك، فصرفت بالي عن تلك الرواية وطفقت أكتب رواية أخرى تخليدا لذكراها، وهي أيضا مقتبسة من قصة واقعية بعنوان "عبراتٌ وعبرٌ"، فتأخّر بذلك نشر هذه الرواية. هذه الرواية تليق لأن تترجم إلى عمل سينمائي درامي ناجح إذا مسك العمل مخرج سينمائي ماهر. 
أغتنم هذه الفرصة لأدعو القراء للاطلاع على هذه الرواية. ستكون بإذن الله متوفّرة بسعر في متناول الجميع وهي رواية واقعية والروايات الواقعية أصبحت نادرة في هذا العصر. فهذه فرصة للاطلاع على شيء مختلف يأتيهم من بلاد المهجر، من الجزر البريطانية. وأعد القراء الكرام أنهم سيستمتعون بقراءتها وسيستفيدون من أسلوبها الذي يجمع بين السالف والمعاصر، ويضمّ مجموعة من الأشعار والخواطر. وحتى الرسائل الغرامية التي تبادلها بطلا الرواية ليست من الخيال، فهي رسائل صادقة واقعية من غير تكلف. وسيستفيد القراء من لغتها المفعمة بالألفاظ والعبارات العربية الأصيلة وكيف لا والكاتب مترجم وهو من ألّف معجم مترادفات ومتجانسات عربية الأول من نوعه في بلاد المغرب العربي.   
-  ما رأيك في كتابات الأديب السوري حنّا مينه؟
حنّا مينه من أبرز كتاب هذا العصر وهو أحد مؤسّسي اتحاد الكتاب العرب سنة 1969 كتب روايات كثيرة ترجم بعضها إلى مسلسلات ناجحة. يعجبني كثيرا أسلوبه السهل، الواضح، المشوّق. لا أكاد أشرع في قراءة روايته حتى تجتاحني رغبة قوية في متابعة القراءة إلى النهاية. هذا الأسلوب شبيه بأسلوب الروايات الغربية التي تتميز بالبساطة والوضوح والتشويق بعيدا عن فخّ اللفّ والدوران ويتجسّد هذا الأسلوب في رواية "نهاية رجل شجاع" وهي من أجمل الكتب التي قرأتها في حياتي". وإنّي أتساءل حقا لِمَاذا لم نعد نكتب بأسلوب سهل وجميل ومشوّق يفهمه الجميع كهذا الأسلوب بدلا من أسلوب معقّد قد لا يفهمه إلاّ المثقفون وقد يضيع في متاهاته القارئ البسيط الذي ليس له حظ كبير من العلوم والثقافة فلا يدرك منه شيئا. 
وماذا عن الأديب المهجري ميخائيل نعيمة والكاتبة أحلام مستغانمي؟
ميخائيل نعيمة من أدباء المهجر الممتازين، له أسلوب واضح سهل ممتنع وهي ميزة يشترك فيها أدباء المهجر. وميخائيل نعيمة في نظري هو هذا الأديب الحكيم الذي وإن رحل فقد خلّف لنا أدبا مفعما بالحكم والعبر. أعجبتني كثيراً مقارنته البشر بالطيور وهو يتحدّث عن عدم القناعة لدى البشر عندما قال: "ما أجمل الغراب يتكلم لغة الغراب ولا يحسد العندليب على صوته، وما أجمل العندليب يتكلم لغة العندليب ولا يحسد الغراب على قوّته، الغراب والعندليب ولدا في الطبيعة وهي تحبّهما بالسواء، ليس الأمر كذلك بين الناس! فكم من غراب بشريّ يشقى نه ليس له صوت العندليب، وكم من عندليب بشريّ يتعس نه ليس له قوّة الغراب." يعجبني أسلوبه الواضح، فعندما تشرع في قراءة كتاب "ابن آدم" تفهم القصة منذ البداية وتشدّك إليها فتشعر برغبة في معرفة ما يلي.
للأسف لا أشعر بذلك وأنا أقرأ روايات مواطنتي أحلام مستغانمي مع كامل احترامي لها. ثمة فلسفة ولفّ ودوران وبطء شديد يقلل من رغبتي في مواصلة القراءة.  وحتى مسلسل "ذاكرة الجسد" وجده المشاهد بطيئا مملا وصرف باله عنه وانصرف لمتابعة برامج أخرى أثناء عرضه في شهر رمضان بناء على ما ذكرته صحف.  لابد أن تعتمد الرواية على وضوح المعنى والتشويق بعيدا عن شوائب المتاهات التي لا خلاص منها والألغاز التي لا حلّ لها، ولنقتدي في ذلك بنموذج الرواية الغربية التي نراها واضحة مشوّقة.
أعيب على أحلام مستغانمي:
. الإسراف في اللف والدوران وبطء سير أحداث رواياتها، فقد نقرأ عشرات الصفحات من الرواية ولا زلنا ندور في نفس الحلقة ولم نتبين بعد معالمها واتجاهها ونحن فئة مثقفة فما بالك بمن كان حظه من الثقافة يسيرا.
. الإكثار من الحوارات العامية المعقّدة التي لا يفهمها إلا أهلها في روايات موجّهة إلى قراء في كامل الوطن العربي.
. استعمال كلمات أجنبية بأحرف لاتينية قد لا يفهمها قراؤها في الوطن العربي وهي في غنى عن ذلك. والكثير من المواطنين العرب لا يحسنون إلا اللغة العربية وهذه حقيقة. وهل شاهدت رواية أوربية كُتِبت فيها كلمات عربية بأحرف عربية؟!
. الوقوع في أخطاء لغوية لا تليق بكتابة في مقامها وهي أخطاء قد يتأثر بها النشء وتتوارثها الأجيال عنها وهي قدوة القراء ومثالهم الأسمى، كأن تكتب "استحوذ به" والصواب هو "استحوذ عليه" كما جاء في ذكر الله الحكيم "استحوذ عليهم الشّيطان فأنساهم ذكر اللّه"، أو أن تكتب "يرغب بها" وهو تركيب لا أساس له في اللغة العربية وخارج السياق، وقد ذكرتُ كل ذلك بتفصيل في مقالة سابقة.
وبما أنك تسألني عن ميخائيل نعيمة وأحلام مستغانمي معا، فمن باب المقارنة فقط، إذا تأملت رواية "الأسود يليق بك" وجدتها ممتلئة بالحوارات العامية اختارت فيها أحلام لهجة عاصمية واحدة من جملة لهجات كثيرة منتشرة عندنا وأضافت إليها مفردات أجنبية بأحرف لاتينية مع أنها تعيش في بلاد عربية. وعلى العكس من ذلك تماما، اختار ميخائيل نعيمة كتابة الحوارات في كتاب "يا ابن آدم" بلغة عربية فصيحة نظيفة ثرية بالألفاظ والتعابير العربية الجميلة ولم يشوّه النصّ العربي بمفردات أجنبية بأحرف لاتينية مع أنه كان يحيا في بلاد غربية بعيدا عن المشرق العربي الذي تحيا في كنفه أحلام مستغانمي وهو ما لا أفهمه! فقد انعكست المعادلة فصار من يعيش في البلاد الغربية يقدّس لغته العربية ومن يعيش في قلب البلاد العربية يتمرّد عليها!
بصفتك مترجم، لماذا لم ترق الروايات العربية إلى مستوى العالمية ولماذا لا تلقى الروايات العربية رواجا أو نجاحا عندما تترجم إلى اللغات الأجنبية رغم ما تحققه من نجاح في الداخل؟
بعض الروايات العربية يحقق نجاحا ورواجا في بلداننا العربية مستفيدا من عوامل مثل الضجة الإعلامية وشهرة الكاتب وقلة المنافسة في محيط معروف بعزوفه عن القراءة. ورواج الرواية ليس مقياسا صادقا لجودتها لا سيما في غياب المنافسة.
نرى الكتاب يتهافتون على الأسلوب الشعري الذي تقوده أحلام مستغانمي، ونرى النقاد يصفقون له ولا يرون غيره.
مع كامل احترامي لهؤلاء، أعتقد أن هذا الأسلوب وراء فشل الرواية العربية عالميا. لقد صارت الرواية العربية تعتني بالشكل أكثر من اللازم ونراها تستغرق في اللف والدوران دون طائل على حساب المضمون. فحينما تترجم إلى اللغات الأجنبية ويزول عنها ذلك الشكل والماكياج، تظهر على حقيقتها هشّة هزيلة من غير روح أو حياة. لقد نجحت روايات عالمية من قبل بعد ترجمتها مثل "البؤساء" لفيكتور هيجو" لأن لها مضمون ومغزى...  فلا بد أن نراجع الرواية العربية ونعيد صياغتها لتنافس الروايات العالمية. صحيح أنّ الرواية العربية تستطيع أن تخترق الحدود العربية وتجتاح البلاد العربية من المغرب إلى الخليج معتمدة على سلاح الضجّة الإعلامية لكنها لن تسلك طريقها أبدا إلى العالمية أو تحلق في سماء البلاد الغربية بأسلوب شعري هشّ ومن غير مضمون أو معالم واضحة.   
-بصفتك كاتب عربي ما رأيك كمتابع فيما تشهده الدول العربية أو ما يسمى ببلدان الربيع العربي؟
كلمة "الربيع" تثير في مخيلتي صورا جميلة: بساتين منتعشة، تنتشر في ربوعها أزهار عاطرة، وترفرف في أجوائها عصافير مارحة مغرّدة. لا أشاهد مثل هذه الصور في الدول العربية التي طالها تيار ما بات يعرف باسم "الربيع العربي".
في اعتقادي الشخصي، باستثناء دولتكم تونس التي سلمت من رياح الفوضى بفضل اعتمادكم على مبادئ الحكمة والروية والديبلوماسية وتقديم مصلحة المجتمع على الأغراض الشخصية والتضحية، فإن البلدان الأخرى التي شهدت "الربيع العربي" تخيّم عليها حاليا أجواء خريف كئيب، تتلاعب بها زوابع الفوضى والاضطراب والسير نحو المجهول وخير مثال على ذلك ليبيا التي لم تعرف الاستقرار حتى الآن.  

ماذا أضاف هذا المشهد السياسي الجديد إلى الساحة الأدبية العربية حسب رأيك؟
ما نراه هو تهافت بعض الكتاب على الكتابة عن الربيع العربي واستغلال هذا الموضوع الساخن ترويجا لأعمالهم وجذبا للقراء في زمن يتصف بالرداءة الأدبية ونقص المنافسة وعزوف المواطن العربي عن القراءة، فالمواطن العربي لا يقرأ في المعدل إلا صفحات معدودة من كتاب واحد في السنة بينما يقرأ المواطن البريطاني نحو 50 كتابا في السنة حسب إحصائيات عالمية. وإن عزف العربي عن قراءة الكتب فهو، كما نرى، لا ينفك يقرأ الجرائد ويهتم بالقضايا السياسية. فهذه المؤلفات قد تروقه وتجذبه حتى وإن كانت بلا معنى.   
-  تنوعت الإصدارات والأسماء في تونس بعد الثورة فما رأيك في عنوان أحد المخطوطات التي ستعرف النور قريبا حول الثورات العربية؟
أتطلع إلى قراءة أعمال أدبية تونسية والتواصل مع أدباء تونس الحبيبة والتعاون معهم في حقل الأدب بما يخدم أدبنا العربي وأوطاننا الحبيبة.  
كلمة أخيرة لقراء " التونسية "
أشكر جزيل الشكر الكاتب التونسي القدير مالك بن عربية والصحفي المحترم محمود بن منصور وصحيفتكم الغراء التي أتاحت لي فرصة هذا الحوار وفرصة الوصول إلى القراء الكرام في البلد الشقيق تونس.
تونس بلد عظيم. عظيم بتاريخه وحضارته، عظيم بثقافته وتراثه، عظيم بأبنائه الأبرار ورجاله الأبطال.  لقد زرت هذا البلد الجميل عدة مرات ولي أحلى الذكريات من تونس العاصمة الجميلة وصفاقس العريقة وشواطئ سوسة الساحرة. ولبلدكم تاريخ مشترك طويل مع بلدي الجزائر، امتزجت في بعض مراحله دماء أبناء الشعبين الشقيقين في نضالهما من أجل فك أغلال الاستعمار وكسب الحرية والكرامة. عاشت تونس وعاشت الجزائر في وئام وحرية واستقرار وعزّة وكرامة وازدهار.  


 https://www.facebook.com/MouloudBenzadi?ref=hl                                                      

Mouloud Benzadi مولود بن زادي





المترجم والكاتب الجزائري المهجري مولود بن زادي من بريطانيا: "الأسلوب الشعري الذي تقوده
أحلام مستغانمي من أسباب فشل الرواية العربية عالميا."


 ماذا عن آخر إنتاجات مولود بن زادي؟
آخر مؤلفاتي "معجم الزّاد للمترادفات والمتجانسات العربية" وهو الأول من نوعه في الجزائر وبلاد المغرب العربي. ولا بأس أن أذكر لقراء التونسية الكرام مزايا هذا المعجم:
إنّه أحدث عمل ينجز إلى حدّ السّاعة في مجال المترادفات والمتجانسات في اللّغة العربيّة.
. يضمّ عشرات الآلاف من المترادفات والمتجانسات فليس من شكّ في أنه أوسع عمل في هذا المجال في اللغة العربية.
. إضافةً إلى الألفاظ المترادفة والمتجانسة، يضمّ هذا المعجم الكثير من التّعابير المتقاربة المعنى مثل: ما له شاةٌ ولا بعيرٌ، ليس له مبرك جمل، ما له ثاغيةٌ ولا راغيةٌ، ما له شاةٌ ولا ناقةٌ، ما له عالٌ ولا مالٌ (أي ليس له شيءٌ)
. يضمّ هذا المعجم أمثلة تساعد على توضيح معاني المترادفات والمتجانسات العربيّة خلافاً للمعاجم العربيّة السّابقة التي ركّزت في غالبيّتها على ذكر هذه الألفاظ دون أمثلة توضّح طرق استعمالها. ومعلوم أنّه لا معنى للكلمة خارج السّياق. والأمثلة الّتي ذكرتها في هذا المعجم مأخوذةٌ من القٌرآن الكريم والحديث النّبويّ الشّريف ومؤلّفات عربيّة قيّمة مثل ديوان الخنساء ومؤلفات ابن الأثير وبديع الزّمان الهمذاني ومصطفى لطفي المنفلوطي وأحمد شوقي...
. يعتمد هذا المعجم على ترتيب أبجديّ متكامل يمكّن الباحث من إيجاد مرادفات كلّ لفظة من الألفاظ المترادفة بكلّ سهولة بطلبها مباشرةً وفق ترتيبها الأبجدي، على عكس المعاجم القديمة الّتي ركّزت على ذكر المترادفات والمتجانسات ضمن أبواب أو مواضيع أو حسب المعنى ممّا يصعّب البحث عنها. 
 -لماذا تعتمدون في كتاباتكم اقتباس روايات واقعية؟
أنا أحب كلّ ما هو واقعي في الحياة. وأنا شغوف بقراءة الرواية الواقعية منذ أن كنت صغيرا. كنت انزع إلى قراءة الروايات الواقعية العالمية وكم أعجبت برواية "الأيام" لعميد الأدب العربي طه حسين وهي رواية واقعية مؤثّرة تقع في ثلاثة أجزاء وتعدّ أول رواية سيرة ذاتية عربية في هذا العصر. نحن نعيش أحداثا واقعية ونشاهد قصصا واقعية تحدث هنا وهناك على مرأى ومسمع منّا يوميا، فلِمَ لا ننقلها إلى الواقع في أعمالنا الروائية حتى يستفيد القارئ من تجاربها ويستمدّ منها عبرة. ما أضيق الوقت في هذا العصر المعروف بعصر السرعة. تصرفني مشاغل الحياة عن الكتابة، فلا يسعني أن أصرف ما تبقّى لي من وقت قليل في كتابة روايات من نوع "بوليوود" لا تمتّ لواقعنا بصلة ولا طائل منها في الحياة والقارئ في غنى عنها، فلو رغب أحدنا في مشاهدة حكايات بوليوود فهي متوفّرة بثمن بخس، بالصورة والصوت، وبجودة عالية من خلال السينما الهندية التي تنتج سنويا ما لا يقل عن 600 من ذلك في عالم الفانتازيا. أنا صارم جدا في اختيار شخوص روايتي. أنا لا أوظّف شخصيات افتراضية هي مجرد صور وهياكل لا روح فيها ولا حياة لها في الواقع، بل شخصيات حقيقية تعيش وتشقى وتتألّم في الدنيا مثل بقية البشر.
فمن خلال ما أبذله من جهد في حقل الأدب الواقعي قد أساهم ولو بقدر بسيط في إعادة بعث هذا الصنف الأدبي الذي لم يعد له أثر في أسواقنا وعلى رفوف مكتباتنا في هذا العصر.  
- لو تحدثنا عن الرواية الجديدة "دموع "
 لقد غيرت عنوانها إلى "رياح القدر" وهي رواية عاطفية مؤثّرة مقتبسة من قصة واقعية عن ولع شاب عربي بفتاة من أصل أوربي تعيش في محيط محافظ في بلاد عربية. تثير الرواية مسائل اجتماعية مثل مكانة المرأة في المجتمع، الصراع الإيديولوجي بين الأجيال، وحتى مسألة العنصرية في مجتمعاتنا العربية لأن بطلة القصة تتعرّض لمعاملات سيّئة في المجتمع العربي المحافظ. كتبت الرواية قبل سنوات وكنت أفكّر في مراجعتها وتنقيحها ثم نشرها، غير أني فجئت بوفاة والدتي رحمها الله فتأثرت بذلك، فصرفت بالي عن تلك الرواية وطفقت أكتب رواية أخرى تخليدا لذكراها، وهي أيضا مقتبسة من قصة واقعية بعنوان "عبراتٌ وعبرٌ"، فتأخّر بذلك نشر هذه الرواية. هذه الرواية تليق لأن تترجم إلى عمل سينمائي درامي ناجح إذا مسك العمل مخرج سينمائي ماهر. 
أغتنم هذه الفرصة لأدعو القراء للاطلاع على هذه الرواية. ستكون بإذن الله متوفّرة بسعر في متناول الجميع وهي رواية واقعية والروايات الواقعية أصبحت نادرة في هذا العصر. فهذه فرصة للاطلاع على شيء مختلف يأتيهم من بلاد المهجر، من الجزر البريطانية. وأعد القراء الكرام أنهم سيستمتعون بقراءتها وسيستفيدون من أسلوبها الذي يجمع بين السالف والمعاصر، ويضمّ مجموعة من الأشعار والخواطر. وحتى الرسائل الغرامية التي تبادلها بطلا الرواية ليست من الخيال، فهي رسائل صادقة واقعية من غير تكلف. وسيستفيد القراء من لغتها المفعمة بالألفاظ والعبارات العربية الأصيلة وكيف لا والكاتب مترجم وهو من ألّف معجم مترادفات ومتجانسات عربية الأول من نوعه في بلاد المغرب العربي.   
-  ما رأيك في كتابات الأديب السوري حنّا مينه؟
حنّا مينه من أبرز كتاب هذا العصر وهو أحد مؤسّسي اتحاد الكتاب العرب سنة 1969 كتب روايات كثيرة ترجم بعضها إلى مسلسلات ناجحة. يعجبني كثيرا أسلوبه السهل، الواضح، المشوّق. لا أكاد أشرع في قراءة روايته حتى تجتاحني رغبة قوية في متابعة القراءة إلى النهاية. هذا الأسلوب شبيه بأسلوب الروايات الغربية التي تتميز بالبساطة والوضوح والتشويق بعيدا عن فخّ اللفّ والدوران ويتجسّد هذا الأسلوب في رواية "نهاية رجل شجاع" وهي من أجمل الكتب التي قرأتها في حياتي". وإنّي أتساءل حقا لِمَاذا لم نعد نكتب بأسلوب سهل وجميل ومشوّق يفهمه الجميع كهذا الأسلوب بدلا من أسلوب معقّد قد لا يفهمه إلاّ المثقفون وقد يضيع في متاهاته القارئ البسيط الذي ليس له حظ كبير من العلوم والثقافة فلا يدرك منه شيئا. 
وماذا عن الأديب المهجري ميخائيل نعيمة والكاتبة أحلام مستغانمي؟
ميخائيل نعيمة من أدباء المهجر الممتازين، له أسلوب واضح سهل ممتنع وهي ميزة يشترك فيها أدباء المهجر. وميخائيل نعيمة في نظري هو هذا الأديب الحكيم الذي وإن رحل فقد خلّف لنا أدبا مفعما بالحكم والعبر. أعجبتني كثيراً مقارنته البشر بالطيور وهو يتحدّث عن عدم القناعة لدى البشر عندما قال: "ما أجمل الغراب يتكلم لغة الغراب ولا يحسد العندليب على صوته، وما أجمل العندليب يتكلم لغة العندليب ولا يحسد الغراب على قوّته، الغراب والعندليب ولدا في الطبيعة وهي تحبّهما بالسواء، ليس الأمر كذلك بين الناس! فكم من غراب بشريّ يشقى نه ليس له صوت العندليب، وكم من عندليب بشريّ يتعس نه ليس له قوّة الغراب." يعجبني أسلوبه الواضح، فعندما تشرع في قراءة كتاب "ابن آدم" تفهم القصة منذ البداية وتشدّك إليها فتشعر برغبة في معرفة ما يلي.
للأسف لا أشعر بذلك وأنا أقرأ روايات مواطنتي أحلام مستغانمي مع كامل احترامي لها. ثمة فلسفة ولفّ ودوران وبطء شديد يقلل من رغبتي في مواصلة القراءة.  وحتى مسلسل "ذاكرة الجسد" وجده المشاهد بطيئا مملا وصرف باله عنه وانصرف لمتابعة برامج أخرى أثناء عرضه في شهر رمضان بناء على ما ذكرته صحف.  لابد أن تعتمد الرواية على وضوح المعنى والتشويق بعيدا عن شوائب المتاهات التي لا خلاص منها والألغاز التي لا حلّ لها، ولنقتدي في ذلك بنموذج الرواية الغربية التي نراها واضحة مشوّقة.
أعيب على أحلام مستغانمي:
. الإسراف في اللف والدوران وبطء سير أحداث رواياتها، فقد نقرأ عشرات الصفحات من الرواية ولا زلنا ندور في نفس الحلقة ولم نتبين بعد معالمها واتجاهها ونحن فئة مثقفة فما بالك بمن كان حظه من الثقافة يسيرا.
. الإكثار من الحوارات العامية المعقّدة التي لا يفهمها إلا أهلها في روايات موجّهة إلى قراء في كامل الوطن العربي.
. استعمال كلمات أجنبية بأحرف لاتينية قد لا يفهمها قراؤها في الوطن العربي وهي في غنى عن ذلك. والكثير من المواطنين العرب لا يحسنون إلا اللغة العربية وهذه حقيقة. وهل شاهدت رواية أوربية كُتِبت فيها كلمات عربية بأحرف عربية؟!
. الوقوع في أخطاء لغوية لا تليق بكتابة في مقامها وهي أخطاء قد يتأثر بها النشء وتتوارثها الأجيال عنها وهي قدوة القراء ومثالهم الأسمى، كأن تكتب "استحوذ به" والصواب هو "استحوذ عليه" كما جاء في ذكر الله الحكيم "استحوذ عليهم الشّيطان فأنساهم ذكر اللّه"، أو أن تكتب "يرغب بها" وهو تركيب لا أساس له في اللغة العربية وخارج السياق، وقد ذكرتُ كل ذلك بتفصيل في مقالة سابقة.
وبما أنك تسألني عن ميخائيل نعيمة وأحلام مستغانمي معا، فمن باب المقارنة فقط، إذا تأملت رواية "الأسود يليق بك" وجدتها ممتلئة بالحوارات العامية اختارت فيها أحلام لهجة عاصمية واحدة من جملة لهجات كثيرة منتشرة عندنا وأضافت إليها مفردات أجنبية بأحرف لاتينية مع أنها تعيش في بلاد عربية. وعلى العكس من ذلك تماما، اختار ميخائيل نعيمة كتابة الحوارات في كتاب "يا ابن آدم" بلغة عربية فصيحة نظيفة ثرية بالألفاظ والتعابير العربية الجميلة ولم يشوّه النصّ العربي بمفردات أجنبية بأحرف لاتينية مع أنه كان يحيا في بلاد غربية بعيدا عن المشرق العربي الذي تحيا في كنفه أحلام مستغانمي وهو ما لا أفهمه! فقد انعكست المعادلة فصار من يعيش في البلاد الغربية يقدّس لغته العربية ومن يعيش في قلب البلاد العربية يتمرّد عليها!
بصفتك مترجم، لماذا لم ترق الروايات العربية إلى مستوى العالمية ولماذا لا تلقى الروايات العربية رواجا أو نجاحا عندما تترجم إلى اللغات الأجنبية رغم ما تحققه من نجاح في الداخل؟
بعض الروايات العربية يحقق نجاحا ورواجا في بلداننا العربية مستفيدا من عوامل مثل الضجة الإعلامية وشهرة الكاتب وقلة المنافسة في محيط معروف بعزوفه عن القراءة. ورواج الرواية ليس مقياسا صادقا لجودتها لا سيما في غياب المنافسة.
نرى الكتاب يتهافتون على الأسلوب الشعري الذي تقوده أحلام مستغانمي، ونرى النقاد يصفقون له ولا يرون غيره.
مع كامل احترامي لهؤلاء، أعتقد أن هذا الأسلوب وراء فشل الرواية العربية عالميا. لقد صارت الرواية العربية تعتني بالشكل أكثر من اللازم ونراها تستغرق في اللف والدوران دون طائل على حساب المضمون. فحينما تترجم إلى اللغات الأجنبية ويزول عنها ذلك الشكل والماكياج، تظهر على حقيقتها هشّة هزيلة من غير روح أو حياة. لقد نجحت روايات عالمية من قبل بعد ترجمتها مثل "البؤساء" لفيكتور هيجو" لأن لها مضمون ومغزى...  فلا بد أن نراجع الرواية العربية ونعيد صياغتها لتنافس الروايات العالمية. صحيح أنّ الرواية العربية تستطيع أن تخترق الحدود العربية وتجتاح البلاد العربية من المغرب إلى الخليج معتمدة على سلاح الضجّة الإعلامية لكنها لن تسلك طريقها أبدا إلى العالمية أو تحلق في سماء البلاد الغربية بأسلوب شعري هشّ ومن غير مضمون أو معالم واضحة.   
-بصفتك كاتب عربي ما رأيك كمتابع فيما تشهده الدول العربية أو ما يسمى ببلدان الربيع العربي؟
كلمة "الربيع" تثير في مخيلتي صورا جميلة: بساتين منتعشة، تنتشر في ربوعها أزهار عاطرة، وترفرف في أجوائها عصافير مارحة مغرّدة. لا أشاهد مثل هذه الصور في الدول العربية التي طالها تيار ما بات يعرف باسم "الربيع العربي".
في اعتقادي الشخصي، باستثناء دولتكم تونس التي سلمت من رياح الفوضى بفضل اعتمادكم على مبادئ الحكمة والروية والديبلوماسية وتقديم مصلحة المجتمع على الأغراض الشخصية والتضحية، فإن البلدان الأخرى التي شهدت "الربيع العربي" تخيّم عليها حاليا أجواء خريف كئيب، تتلاعب بها زوابع الفوضى والاضطراب والسير نحو المجهول وخير مثال على ذلك ليبيا التي لم تعرف الاستقرار حتى الآن.  

ماذا أضاف هذا المشهد السياسي الجديد إلى الساحة الأدبية العربية حسب رأيك؟
ما نراه هو تهافت بعض الكتاب على الكتابة عن الربيع العربي واستغلال هذا الموضوع الساخن ترويجا لأعمالهم وجذبا للقراء في زمن يتصف بالرداءة الأدبية ونقص المنافسة وعزوف المواطن العربي عن القراءة، فالمواطن العربي لا يقرأ في المعدل إلا صفحات معدودة من كتاب واحد في السنة بينما يقرأ المواطن البريطاني نحو 50 كتابا في السنة حسب إحصائيات عالمية. وإن عزف العربي عن قراءة الكتب فهو، كما نرى، لا ينفك يقرأ الجرائد ويهتم بالقضايا السياسية. فهذه المؤلفات قد تروقه وتجذبه حتى وإن كانت بلا معنى.   
-  تنوعت الإصدارات والأسماء في تونس بعد الثورة فما رأيك في عنوان أحد المخطوطات التي ستعرف النور قريبا حول الثورات العربية؟
أتطلع إلى قراءة أعمال أدبية تونسية والتواصل مع أدباء تونس الحبيبة والتعاون معهم في حقل الأدب بما يخدم أدبنا العربي وأوطاننا الحبيبة.  
كلمة أخيرة لقراء " التونسية "
أشكر جزيل الشكر الكاتب التونسي القدير مالك بن عربية والصحفي المحترم محمود بن منصور وصحيفتكم الغراء التي أتاحت لي فرصة هذا الحوار وفرصة الوصول إلى القراء الكرام في البلد الشقيق تونس.
تونس بلد عظيم. عظيم بتاريخه وحضارته، عظيم بثقافته وتراثه، عظيم بأبنائه الأبرار ورجاله الأبطال.  لقد زرت هذا البلد الجميل عدة مرات ولي أحلى الذكريات من تونس العاصمة الجميلة وصفاقس العريقة وشواطئ سوسة الساحرة. ولبلدكم تاريخ مشترك طويل مع بلدي الجزائر، امتزجت في بعض مراحله دماء أبناء الشعبين الشقيقين في نضالهما من أجل فك أغلال الاستعمار وكسب الحرية والكرامة. عاشت تونس وعاشت الجزائر في وئام وحرية واستقرار وعزّة وكرامة وازدهار.  


 https://www.facebook.com/MouloudBenzadi?ref=hl                                                      

مولود بن زادي ل التونسية: "الأسلوب الشعري الذي تقوده أحلام مستغانمي من أسباب فشل الرواية العربية عالميا."


المترجم والكاتب الجزائري المهجري مولود بن زادي من بريطانيا: "الأسلوب الشعري الذي تقوده أحلام مستغانمي من أسباب فشل الرواية العربية عالميا."

 ماذا عن آخر إنتاجات مولود بن زادي؟
آخر مؤلفاتي "معجم الزّاد للمترادفات والمتجانسات العربية" وهو الأول من نوعه في الجزائر وبلاد المغرب العربي. ولا بأس أن أذكر لقراء التونسية الكرام مزايا هذا المعجم:
. إنّه أحدث عمل ينجز إلى حدّ السّاعة في مجال المترادفات والمتجانسات في اللّغة العربيّة.
. يضمّ عشرات الآلاف من المترادفات والمتجانسات فليس من شكّ في أنه أوسع عمل في هذا المجال في اللغة العربية.
. إضافةً إلى الألفاظ المترادفة والمتجانسة، يضمّ هذا المعجم الكثير من التّعابير المتقاربة المعنى مثل: ما له شاةٌ ولا بعيرٌ، ليس له مبرك جمل، ما له ثاغيةٌ ولا راغيةٌ، ما له شاةٌ ولا ناقةٌ، ما له عالٌ ولا مالٌ (أي ليس له شيءٌ)
. يضمّ هذا المعجم أمثلة تساعد على توضيح معاني المترادفات والمتجانسات العربيّة خلافاً للمعاجم العربيّة السّابقة التي ركّزت في غالبيّتها على ذكر هذه الألفاظ دون أمثلة توضّح طرق استعمالها. ومعلوم أنّه لا معنى للكلمة خارج السّياق. والأمثلة الّتي ذكرتها في هذا المعجم مأخوذةٌ من القٌرآن الكريم والحديث النّبويّ الشّريف ومؤلّفات عربيّة قيّمة مثل ديوان الخنساء ومؤلفات ابن الأثير وبديع الزّمان الهمذاني ومصطفى لطفي المنفلوطي وأحمد شوقي...
. يعتمد هذا المعجم على ترتيب أبجديّ متكامل يمكّن الباحث من إيجاد مرادفات كلّ لفظة من الألفاظ المترادفة بكلّ سهولة بطلبها مباشرةً وفق ترتيبها الأبجدي، على عكس المعاجم القديمة الّتي ركّزت على ذكر المترادفات والمتجانسات ضمن أبواب أو مواضيع أو حسب المعنى ممّا يصعّب البحث عنها.
 -لماذا تعتمدون في كتاباتكم اقتباس روايات واقعية؟
أنا أحب كلّ ما هو واقعي في الحياة. وأنا شغوف بقراءة الرواية الواقعية منذ أن كنت صغيرا. كنت انزع إلى قراءة الروايات الواقعية العالمية وكم أعجبت برواية "الأيام" لعميد الأدب العربي طه حسين وهي رواية واقعية مؤثّرة تقع في ثلاثة أجزاء وتعدّ أول رواية سيرة ذاتية عربية في هذا العصر. نحن نعيش أحداثا واقعية ونشاهد قصصا واقعية تحدث هنا وهناك على مرأى ومسمع منّا يوميا، فلِمَ لا ننقلها إلى الواقع في أعمالنا الروائية حتى يستفيد القارئ من تجاربها ويستمدّ منها عبرة. ما أضيق الوقت في هذا العصر المعروف بعصر السرعة. تصرفني مشاغل الحياة عن الكتابة، فلا يسعني أن أصرف ما تبقّى لي من وقت قليل في كتابة روايات من نوع "بوليوود" لا تمتّ لواقعنا بصلة ولا طائل منها في الحياة والقارئ في غنى عنها، فلو رغب أحدنا في مشاهدة حكايات بوليوود فهي متوفّرة بثمن بخس، بالصورة والصوت، وبجودة عالية من خلال السينما الهندية التي تنتج سنويا ما لا يقل عن 600 من ذلك في عالم الفانتازيا. أنا صارم جدا في اختيار شخوص روايتي. أنا لا أوظّف شخصيات افتراضية هي مجرد صور وهياكل لا روح فيها ولا حياة لها في الواقع، بل شخصيات حقيقية تعيش وتشقى وتتألّم في الدنيا مثل بقية البشر.
فمن خلال ما أبذله من جهد في حقل الأدب الواقعي قد أساهم ولو بقدر بسيط في إعادة بعث هذا الصنف الأدبي الذي لم يعد له أثر في أسواقنا وعلى رفوف مكتباتنا في هذا العصر.  
- لو تحدثنا عن الرواية الجديدة "دموع "
 لقد غيرت عنوانها إلى "رياح القدر" وهي رواية عاطفية مؤثّرة مقتبسة من قصة واقعية عن ولع شاب عربي بفتاة من أصل أوربي تعيش في محيط محافظ في بلاد عربية. تثير الرواية مسائل اجتماعية مثل مكانة المرأة في المجتمع، الصراع الإيديولوجي بين الأجيال، وحتى مسألة العنصرية في مجتمعاتنا العربية لأن بطلة القصة تتعرّض لمعاملات سيّئة في المجتمع العربي المحافظ. كتبت الرواية قبل سنوات وكنت أفكّر في مراجعتها وتنقيحها ثم نشرها، غير أني فجئت بوفاة والدتي رحمها الله فتأثرت بذلك، فصرفت بالي عن تلك الرواية وطفقت أكتب رواية أخرى تخليدا لذكراها، وهي أيضا مقتبسة من قصة واقعية بعنوان "عبراتٌ وعبرٌ"، فتأخّر بذلك نشر هذه الرواية. هذه الرواية تليق لأن تترجم إلى عمل سينمائي درامي ناجح إذا مسك العمل مخرج سينمائي ماهر. 
أغتنم هذه الفرصة لأدعو القراء للاطلاع على هذه الرواية. ستكون بإذن الله متوفّرة بسعر في متناول الجميع وهي رواية واقعية والروايات الواقعية أصبحت نادرة في هذا العصر. فهذه فرصة للاطلاع على شيء مختلف يأتيهم من بلاد المهجر، من الجزر البريطانية. وأعد القراء الكرام أنهم سيستمتعون بقراءتها وسيستفيدون من أسلوبها الذي يجمع بين السالف والمعاصر، ويضمّ مجموعة من الأشعار والخواطر. وحتى الرسائل الغرامية التي تبادلها بطلا الرواية ليست من الخيال، فهي رسائل صادقة واقعية من غير تكلف. وسيستفيد القراء من لغتها المفعمة بالألفاظ والعبارات العربية الأصيلة وكيف لا والكاتب مترجم وهو من ألّف معجم مترادفات ومتجانسات عربية الأول من نوعه في بلاد المغرب العربي.   
ما رأيك في كتابات الأديب السوري حنّا مينه؟
حنّا مينه من أبرز كتاب هذا العصر وهو أحد مؤسّسي اتحاد الكتاب العرب سنة 1969 كتب روايات كثيرة ترجم بعضها إلى مسلسلات ناجحة. يعجبني كثيرا أسلوبه السهل، الواضح، المشوّق. لا أكاد أشرع في قراءة روايته حتى تجتاحني رغبة قوية في متابعة القراءة إلى النهاية. هذا الأسلوب شبيه بأسلوب الروايات الغربية التي تتميز بالبساطة والوضوح والتشويق بعيدا عن فخّ اللفّ والدوران ويتجسّد هذا الأسلوب في رواية "نهاية رجل شجاع" وهي من أجمل الكتب التي قرأتها في حياتي". وإنّي أتساءل حقا لِمَاذا لم نعد نكتب بأسلوب سهل وجميل ومشوّق يفهمه الجميع كهذا الأسلوب بدلا من أسلوب معقّد قد لا يفهمه إلاّ المثقفون وقد يضيع في متاهاته القارئ البسيط الذي ليس له حظ كبير من العلوم والثقافة فلا يدرك منه شيئا. 
وماذا عن الأديب المهجري ميخائيل نعيمة والكاتبة أحلام مستغانمي؟
ميخائيل نعيمة من أدباء المهجر الممتازين، له أسلوب واضح سهل ممتنع وهي ميزة يشترك فيها أدباء المهجر. وميخائيل نعيمة في نظري هو هذا الأديب الحكيم الذي وإن رحل فقد خلّف لنا أدبا مفعما بالحكم والعبر. أعجبتني كثيراً مقارنته البشر بالطيور وهو يتحدّث عن عدم القناعة لدى البشر عندما قال: "ما أجمل الغراب يتكلم لغة الغراب ولا يحسد العندليب على صوته، وما أجمل العندليب يتكلم لغة العندليب ولا يحسد الغراب على قوّته، الغراب والعندليب ولدا في الطبيعة وهي تحبّهما بالسواء، ليس الأمر كذلك بين الناس! فكم من غراب بشريّ يشقى نه ليس له صوت العندليب، وكم من عندليب بشريّ يتعس نه ليس له قوّة الغراب." يعجبني أسلوبه الواضح، فعندما تشرع في قراءة كتاب "ابن آدم" تفهم القصة منذ البداية وتشدّك إليها فتشعر برغبة في معرفة ما يلي.
للأسف لا أشعر بذلك وأنا أقرأ روايات مواطنتي أحلام مستغانمي مع كامل احترامي لها. ثمة فلسفة ولفّ ودوران وبطء شديد يقلل من رغبتي في مواصلة القراءة.  وحتى مسلسل "ذاكرة الجسد" وجده المشاهد بطيئا مملا وصرف باله عنه وانصرف لمتابعة برامج أخرى أثناء عرضه في شهر رمضان بناء على ما ذكرته صحف.  لابد أن تعتمد الرواية على وضوح المعنى والتشويق بعيدا عن شوائب المتاهات التي لا خلاص منها والألغاز التي لا حلّ لها، ولنقتدي في ذلك بنموذج الرواية الغربية التي نراها واضحة مشوّقة.
أعيب على أحلام مستغانمي:
. الإسراف في اللف والدوران وبطء سير أحداث رواياتها، فقد نقرأ عشرات الصفحات من الرواية ولا زلنا ندور في نفس الحلقة ولم نتبين بعد معالمها واتجاهها ونحن فئة مثقفة فما بالك بمن كان حظه من الثقافة يسيرا.
. الإكثار من الحوارات العامية المعقّدة التي لا يفهمها إلا أهلها في روايات موجّهة إلى قراء في كامل الوطن العربي.
. استعمال كلمات أجنبية بأحرف لاتينية قد لا يفهمها قراؤها في الوطن العربي وهي في غنى عن ذلك. والكثير من المواطنين العرب لا يحسنون إلا اللغة العربية وهذه حقيقة. وهل شاهدت رواية أوربية كُتِبت فيها كلمات عربية بأحرف عربية؟!
. الوقوع في أخطاء لغوية لا تليق بكتابة في مقامها وهي أخطاء قد يتأثر بها النشء وتتوارثها الأجيال عنها وهي قدوة القراء ومثالهم الأسمى، كأن تكتب "استحوذ به" والصواب هو "استحوذ عليه" كما جاء في ذكر الله الحكيم "استحوذ عليهم الشّيطان فأنساهم ذكر اللّه"، أو أن تكتب "يرغب بها" وهو تركيب لا أساس له في اللغة العربية وخارج السياق، وقد ذكرتُ كل ذلك بتفصيل في مقالة سابقة.
وبما أنك تسألني عن ميخائيل نعيمة وأحلام مستغانمي معا، فمن باب المقارنة فقط، إذا تأملت رواية "الأسود يليق بك" وجدتها ممتلئة بالحوارات العامية اختارت فيها أحلام لهجة عاصمية واحدة من جملة لهجات كثيرة منتشرة عندنا وأضافت إليها مفردات أجنبية بأحرف لاتينية مع أنها تعيش في بلاد عربية. وعلى العكس من ذلك تماما، اختار ميخائيل نعيمة كتابة الحوارات في كتاب "يا ابن آدم" بلغة عربية فصيحة نظيفة ثرية بالألفاظ والتعابير العربية الجميلة ولم يشوّه النصّ العربي بمفردات أجنبية بأحرف لاتينية مع أنه كان يحيا في بلاد غربية بعيدا عن المشرق العربي الذي تحيا في كنفه أحلام مستغانمي وهو ما لا أفهمه! فقد انعكست المعادلة فصار من يعيش في البلاد الغربية يقدّس لغته العربية ومن يعيش في قلب البلاد العربية يتمرّد عليها!
- بصفتك مترجم، لماذا لم ترق الروايات العربية إلى مستوى العالمية ولماذا لا تلقى الروايات العربية رواجا أو نجاحا عندما تترجم إلى اللغات الأجنبية رغم ما تحققه من نجاح في الداخل؟
بعض الروايات العربية يحقق نجاحا ورواجا في بلداننا العربية مستفيدا من عوامل مثل الضجة الإعلامية وشهرة الكاتب وقلة المنافسة في محيط معروف بعزوفه عن القراءة. ورواج الرواية ليس مقياسا صادقا لجودتها لا سيما في غياب المنافسة.
نرى الكتاب يتهافتون على الأسلوب الشعري الذي تقوده أحلام مستغانمي، ونرى النقاد يصفقون له ولا يرون غيره.
مع كامل احترامي لهؤلاء، أعتقد أن هذا الأسلوب وراء فشل الرواية العربية عالميا. لقد صارت الرواية العربية تعتني بالشكل أكثر من اللازم ونراها تستغرق في اللف والدوران دون طائل على حساب المضمون. فحينما تترجم إلى اللغات الأجنبية ويزول عنها ذلك الشكل والماكياج، تظهر على حقيقتها هشّة هزيلة من غير روح أو حياة. لقد نجحت روايات عالمية من قبل بعد ترجمتها مثل "البؤساء" لفيكتور هيجو" لأن لها مضمون ومغزى...  فلا بد أن نراجع الرواية العربية ونعيد صياغتها لتنافس الروايات العالمية. صحيح أنّ الرواية العربية تستطيع أن تخترق الحدود العربية وتجتاح البلاد العربية من المغرب إلى الخليج معتمدة على سلاح الضجّة الإعلامية لكنها لن تسلك طريقها أبدا إلى العالمية أو تحلق في سماء البلاد الغربية بأسلوب شعري هشّ ومن غير مضمون أو معالم واضحة.   
-بصفتك كاتب عربي ما رأيك كمتابع فيما تشهده الدول العربية أو ما يسمى ببلدان الربيع العربي؟
كلمة "الربيع" تثير في مخيلتي صورا جميلة: بساتين منتعشة، تنتشر في ربوعها أزهار عاطرة، وترفرف في أجوائها عصافير مارحة مغرّدة. لا أشاهد مثل هذه الصور في الدول العربية التي طالها تيار ما بات يعرف باسم "الربيع العربي".
في اعتقادي الشخصي، باستثناء دولتكم تونس التي سلمت من رياح الفوضى بفضل اعتمادكم على مبادئ الحكمة والروية والديبلوماسية وتقديم مصلحة المجتمع على الأغراض الشخصية والتضحية، فإن البلدان الأخرى التي شهدت "الربيع العربي" تخيّم عليها حاليا أجواء خريف كئيب، تتلاعب بها زوابع الفوضى والاضطراب والسير نحو المجهول وخير مثال على ذلك ليبيا التي لم تعرف الاستقرار حتى الآن.  

ماذا أضاف هذا المشهد السياسي الجديد إلى الساحة الأدبية العربية حسب رأيك؟
ما نراه هو تهافت بعض الكتاب على الكتابة عن الربيع العربي واستغلال هذا الموضوع الساخن ترويجا لأعمالهم وجذبا للقراء في زمن يتصف بالرداءة الأدبية ونقص المنافسة وعزوف المواطن العربي عن القراءة، فالمواطن العربي لا يقرأ في المعدل إلا صفحات معدودة من كتاب واحد في السنة بينما يقرأ المواطن البريطاني نحو 50 كتابا في السنة حسب إحصائيات عالمية. وإن عزف العربي عن قراءة الكتب فهو، كما نرى، لا ينفك يقرأ الجرائد ويهتم بالقضايا السياسية. فهذه المؤلفات قد تروقه وتجذبه حتى وإن كانت بلا معنى.   
-  تنوعت الإصدارات والأسماء في تونس بعد الثورة فما رأيك في عنوان أحد المخطوطات التي ستعرف النور قريبا حول الثورات العربية؟
أتطلع إلى قراءة أعمال أدبية تونسية والتواصل مع أدباء تونس الحبيبة والتعاون معهم في حقل الأدب بما يخدم أدبنا العربي وأوطاننا الحبيبة.  
كلمة أخيرة لقراء " التونسية "
أشكر جزيل الشكر الكاتب التونسي القدير مالك بن عربية والصحفي المحترم محمود بن منصور وصحيفتكم الغراء التي أتاحت لي فرصة هذا الحوار وفرصة الوصول إلى القراء الكرام في البلد الشقيق تونس.
تونس بلد عظيم. عظيم بتاريخه وحضارته، عظيم بثقافته وتراثه، عظيم بأبنائه الأبرار ورجاله الأبطال.  لقد زرت هذا البلد الجميل عدة مرات ولي أحلى الذكريات من تونس العاصمة الجميلة وصفاقس العريقة وشواطئ سوسة الساحرة. ولبلدكم تاريخ مشترك طويل مع بلدي الجزائر، امتزجت في بعض مراحله دماء أبناء الشعبين الشقيقين في نضالهما من أجل فك أغلال الاستعمار وكسب الحرية والكرامة. عاشت تونس وعاشت الجزائر في وئام وحرية واستقرار وعزّة وكرامة وازدهار.  

 https://www.facebook.com/MouloudBenzadi?ref=hl